سوريا: شباب الفيسبوك يحاورون الرئيس والمعلم يلبي دعوة سفير قطر
قال الرئيس بشار الأسد أن البلاد عليها أن تمر بمراحل متعددة قبل أن تصل إلى الحالة المثلى، مشددا خلال لقائه وفدا من الشباب السوري على ضرورة تطوير الفكر التنموي لدى هذه الفئة عبر مشاريع عملية يقوم بها الشباب أنفسهم، مؤكدا في السياق ذاته أن مسيرة الإصلاح وإن تأخرت فإن لا رجعة عنها الآن، وذلك فيما طالب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الدول العربية بالتضامن مع سوريا، مشيرا إلى «المصير المشترك» الذي يجمع بلدان المنطقة العربية، ووجه المعلم كلامه للسفراء العرب الموجودين في دمشق، خلال عشاء أقامه سفير دولة قطر على شرفه، وأكد فيه بشكل لافت «دعم القيادة القطرية للرئيس بشار الأسد».
في هذه الأثناء، بدأ مجلس الأمن الدولي دراسة مشروع قرار يحذر سوريا من ارتكابها «جرائم ضد الإنسانية»، لكنه يمتنع عن تهديدها بفرض عقوبات ويبدو أنه سيصطدم برفض روسيا والصين، فيما أفادت مسودة بيان لقمة مجموعة الثماني الملتئمة في دوفيل الفرنسية، بأن زعماء هذه الدول سيدعون سوريا إلى «الكف عن استخدام العنف والترهيب ضد الشعب السوري وبدء حوار واصلاحات اساسية».
وكان الرئيس الأسد التقى أمس وفدا من 26 شابا وشابة، يمثلون شريحة ناشطة من الشباب السوري، ولا سيما في مجال العمل التنموي والمدني. وذكرت الشابة كرم نسله أن اللقاء ركز بشكل اساسي على هذه الشريحة وكيفية دعم دورها كما إيجاد الأطر التي تستطيع التعبير عن نفسها من خلاله. وقالت نسله إن الأسد كان «شفافا جدا وأبدى تفهما لكل طروحاتنا» مشيرة إلى أن الوضع العام جاء كخلفية لأحاديث المجموعة، حيث أكد الرئيس السوري أنه «لا يجوز مقارنة الحالة السورية بالحالات المثالية أيا كانت» وأن الوصول للغاية المنشودة «يحتم المرور بمجموعة من المراحل»، منوهة بأن البعض انتقد عمل الأجهزة الأمنية وطريقة تعاطيها مع المواطنين، في حين ذكر الأسد أن مهمة هذه الأجهزة ليست التعامل مع المواطن اساسا، وقال إن سحب الأمن من الشارع يستدعي وجود شرطة مؤهلة وهو ما يجري العمل عليه الآن عبر تدريب حوالي 4000 رجل شرطة الآن لغايات مشابهة، مشددا على أنه لن يتم اتخاذ مبادرات تترك فراغا.
ونقلت نسله عن الأسد قوله إنه سبق أن قابل شبابا شاركوا في تظاهرات، وأنه على اتصال مع بعضهم حتى الآن. بدوره قال الشاب قيس الحصري إن الحوار جرى دون «خطوط حمراء» واستمر لثلاث ساعات ونصف الساعة، مشيرا إلى أن الأسد أكد خلال اللقاء أن «مسيرة الإصلاح تأخرت، ولكن لا رجعة عنها الآن».
وقال الحصري إن الشبان الموجودين تحدثوا عن ضرورة أن يكون لهم دور لا مجرد رقم في إحصائيات الدولة (يشكلون بحدود 60 في المئة ) وأن هذا يمكن عبر مبادرات «التنظيم الاجتماعي» التي تسمح للشباب في كل حي بإطلاق مبادرات لحل مشاكله بنفسه. وذكر الحصري أنه تم التطرق خلال اللقاء إلى القوانين التي صدرت أو بصدد الصدور وبينها قانونا الإعلام والأحزاب، حيث أكد الرئيس السوري على أهمية أن يسبق الأخير «توعية سياسية بين الشباب» لكون «هذه المنطقة تشكل تقاطع سياسات دول عدة».
وفي سياق متصل، دعا وزير الخارجية وليد المعلم العرب إلى اتخاذ موقف يعبر عن تضامنهم مع سوريا، مشيرا إلى أن «سوريا قيادة وشعبا لديها عشم بأشقائها العرب ألا ينفردوا بها قطراً بعد قطر». مكرراً «كلنا معرضون». وقال المعلم «بكل صراحة أقول إننا عاتبون على أشقائنا العرب، فعليهم من باب المحبة والأخوة على الأقل، أن يظهروا تضامنهم مع سوريا في مواجهة هذه العقوبات بشكل يظهر أننا أصدقاء خصوصاً في أوقات الضيق».
وجاء كلام المعلم في عشاء أقامه السفير القطري في دمشق زايد بن سعيد الخيارين على شرفه بحضور أعضاء السلك الدبلوماسي العربي، أعلن فيه الخيارين موقفا لافتا في هذه الظروف تمثل بتأكيد قيادة بلاده على «أمن واستقرار سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد» وذلك بعد أن توجه المعلم بحديثه إلى السفراء العرب مذكرا بأن كلاً من روسيا والصين وإيران أصدر بيان استنكار للعقوبات الأميركية والأوروبية على سوريا، متسائلاً «أين الأشقاء؟» ليذكر «بأن سوريا لم تتأخر إطلاقاً في مساندة أي قطر عربي في قضاياه»، مؤكداً وهو يتنقل بين وجوه الحاضرين «أن المصير مشترك والمستقبل مشترك بين الدول العربية».
وقلل المعلم في حديثه من أهمية الضغوط الأميركية على سوريا «باعتبارها جزءا من مسلسل يعود للعام 1978» موضحا أن العلاقات السورية الأميركية منذ الاستقلال وحتى اليوم «لم تشهد فترة يمكن تسميتها بفترة علاقات طيبة، وهي كانت دوماً متوترة والسبب يعود لموقفنا من إسرائيل»، فيما اعتبر أن العقوبات الأوروبية، عقوبات على الشعب السوري لأنها تصيب أيضا قطاع الإصلاح والتنمية في البلاد، وقال إن «تاريخ أوروبا استعماري في المنطقة وعانينا منه وعانى آباؤنا وأجدادنا منه، والآن يبدو لي أنهم يدفعون بمسألة حقوق الإنسان كأولوية، وهنا أتساءل كيف الحرص على حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته يقومون بتجميد كل عملياته التنموية في سوريا، عبر وقف قروض الاستثمار الأوروبية ووقف التعاون في برامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية؟!»، ليستنتج «أن هدفهم الضغط على سوريا دولة وشعبا، ومع ذلك أقول إنهم أخطأوا كثيراً حين تطاولوا على الرئيس بشار الأسد، لأنه رمز للسيادة الوطنية، كما أخطأوا في محاولة تحريض مجموعات على الشغب لمواصلة هذه الأزمة».
وتساءل المعلم عما يريده الأوروبيون «استمرار الأزمة أم الإصلاح؟» ثم يجيب «أؤكد بكل ثقة أن الإصلاح قادم، وأنه لا يحدث بعصا سحرية ويحتاج إلى وقت وأي تشريع يحتاج لوقت واستمزاج الناس فيه، وهو عملية مستمرة لا تتوقف وهو سيؤدي إلى خروجنا أقوى من هذه الأزمة وأكثر تماسكاً».
بدوره قال السفير اللبناني في دمشق ميشال خوري تعقيبا على حديث المعلم إن «لبنان يقف إلى جانب سوريا، ويتمنى لها الاستقرار والخير والتطور، وأي خلل يحدث في سوريا فإن لبنان أول من يتأثر به» مشيراً إلى الروابط المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين والمصالح المشتركة بينهما. ولفت خوري إلى وقوف لبنان إلى جانب سوريا في مجلس الأمن باعتباره ممثلاً للمجموعة العربية، معرباً عن أمله في أن تزول «الغيمة العابرة التي لا يمكن أن تهز استقرار سوريا وأن تعود إلى سابق عهدها». وكان لبقية السفراء العرب مواقف مشابهة.
وبدأ مجلس الامن الدولي دراسة مشروع قرار يحذر سوريا من «جرائم ضد الانسانية» قد تكون ارتكبت لكنه امتنع عن تهديدها بفرض عقوبات ويبدو انه سيصطدم برفض روسيا. ويندد مشروع القرار الذي حررته فرنسا وبريطانيا والمانيا والبرتغال وتم توزيعه، بـ«العنف الذي يمارسه نظام بشار الاسد» ويطالب بالسماح لفرق المساعدات الانسانية بالدخول الى المدن السورية. ويعتبر مشروع القرار ان «الهجمات الواسعة والمنهجية التي ترتكبها السلطات الان في سوريا ضد الشعب يمكن ان ترقى الى جرائم الانسانية». وتشدد الوثيقة على «ضرورة احترام حرية التجمع السلمي والتعبير بما فيها حرية الاعلام». وهي تذكر السلطات السورية بـ«مسؤوليتها لجهة حماية الشعب والسماح بوصول المساعدات والمنظمات الانسانية دون عراقيل».
ولا يتضمن النص اشارة الى فرض عقوبات ضد دمشق، انما يدعو الى وقف تزويدها بالسلاح. كما يندد بـ«الانتهاكات المنهجية لحقوق الانسان بما فيها جرائم القتل والتوقيف التعسفي والاختفاء والتعذيب ضد متظاهرين سلميين». لكن التصويت ليس متوقعا قبل الاسبوع المقبل، في ظلّ إصرار روسي على رفض أي قرار من هذا النوع.
وبحسب نص مسودة بيان مجموعة الـ8 في دوفيل، سيدعو القادة نظام الاسد الى «الكف عن استخدام العنف والترهيب ضد الشعب السوري وبدء حوار واصلاحات اساسية».
أما منظمو الاحتجاجات في سوريا، فدعوا الجيش السوري إلى الانضمام إليهم خلال تظاهرات اليوم التي تأتي تحت عنوان «حماة الديار». وقد تخوّف مراقبون من أن تكون هذه التسمية تخفي توجها نحو استفزاز الجيش، بغية إراقة مزيد من الدماء والضغط على المترددين دوليا ازاء فرض عقوبات واتخاذ اجراءات ضد النظام السوري. وأعلنت السلطات السورية أمس الأول، عن مقتل 3 من العناصر الامنية خلال كمين نصبته «مجموعة مسلحة» في منطقة حمص.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد