بلاغ صادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد اجتماعاً موسعاً يومي 13-14/7/2023 برئاسة الرفيق علم الدين أبو عاصي (رئيس اللجنة المركزية)، وحضور الرفيق نجم الدين الخريط (الأمين العام للحزب) وأعضاء لجنة الرقابة الحزبية وأمناء اللجان المنطقية. وكان على جدول أعمالها العديد من القضايا، ومن بينها التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد أكدت المركزية ضرورة التقدم على طريق إنقاذ البلاد من أزمتها، التي طال أمدها، وتستنزف الدماء وموارد البلاد، وجعلت معيشة المواطنين في أسوأ الأحوال، مما يقتضي السير قدماً نحو الحل السياسي الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، من خلال مؤتمر حوار وطني شامل، يرسم سمات سورية المستقبل في دولة ديمقراطية عصرية علمانية، موحدة أرضاً وشعباً، وسيادة كاملة، دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وتحرير كل الأراضي المغتصبة، وطرد المحتلين من كل شبر من الأرض السورية، دولة يسودها القانون على جميع أطيافها دون تمييز على أساس الانتماءات الدينية والطائفية والأثنية والحزبية، وضمان الحريات العامة السياسية والفكرية والثقافية، والتعددية السياسية والاقتصادية، وتضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة لكل المناطق، وإعادة البناء، وإنهاض طاقاتها، وتحقيق التقدم والنمو والعيش الكريم للشعب.
وتؤكد اللجنة المركزية أن التغيّرات والتبدلات الجارية على الساحة الدولية والإقليمية والعربية، وتوسّع الاصطفافات الدولية المتصاعدة ضد العدوانية الإمبريالية ولإنهاء هيمنة القطب الأمريكي وتفرّده، ينبغي ملاقاتها واستثمارها في تهيئة المناخات الداخلية من خلال إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية دون إبطاء، ترسي أسساً للمصالحات الوطنية، وتوسيع دائرة المشاركة، وتمتين وحدة الصف الوطني في مجابهة مهام التنمية، وإحباط الحصار والعقوبات الإمبريالية الجائرة، والأولوية في ذلك هو ضرورة المعالجة السريعة للأوضاع المعيشية التي غدا استمرار تدهورها ينذر بتوترات وانفجارات اجتماعية، ويضعف قدرة الشعب في مواجهة الضغوط الخارجية.
ورأت اللجنة المركزية أن الصعوبات الناتجة عن الحصار وضعف الموارد لا تبرّر كلّ هذه الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية المتفاقمة يوماً بعد يوم، والتي زعزعت أمن المواطن المعيشي والاجتماعي والصحي والتعليمي.. وإنما ساهم في ذلك سياسات الحكومات المتتالية وقراراتها منذ اتُّبِعت السياسات الاقتصادية الليبرالية المنحازة إلى جانب الأثرياء والنخب المالية وكبار التجار والمستوردين الذين زادت الحرب من تغوّلهم، مقابل تهميشها لمصالح الفئات الفقيرة والمتوسطة، ولجوئها لتقليص الدعم الاجتماعي عن السلع والخدمات الضرورية، وتعويمها للعملة الوطنية وتهاويها المريع، وارتفاع أسعار كل السلع والخدمات وانفلاتها، وتجاهلها للمطالب الملحة بضرورة ضبط الأسعار واستمرار الدعم للمواد الاساسية وزيادة الرواتب والأجور ورفع سقوفها، الذي أصبح جزءاً من الإصرار على ممارسة سياسة الإفقار، مما جعل أكثرية شعبنا تقاسي الفقر، وتفتقد لتأمين الحد الأدنى من الحاجات الأساسية لاستمرار العيش، وعمّق التفاوت الطبقي والانقسامات الطبقية بين فئات المجتمع. وجعل موجات الهجرة تستمر وتفقد البلاد الطاقات الشابة والخبرات العلمية.
وقد لاحظت اللجنة المركزية أن إهمال المعالجات المسؤولة للزراعة، وعدم تأمين مستلزمات الإنتاج، قد أضعف مكانتها في الاقتصاد الوطني خدمةً لمصالح السماسرة من فئة المستوردين الفاسدين المتاجرين بلقمة الشعب، وآخرها تسعيرة القمح المجحفة التي فرّطت بفرصة استلام الدولة الحد الممكن من هذا الإنتاج الوطني الهام.
وأكدت اللجنة المركزية أن إهمال الدولة المتعمّد لمعالجة مشاكل القطاع العام وخاصة الصناعي منه بدلاً من إصلاحه والتصدي لمهامها في تطويره وتوسيعه، وتركها تتراكم ليتآكل، واتجاهها لتصفيته وخصخصته بغطاء الإجراءات التشاركية وعقود الاستثمار التي لا تضمن الحق المنصف للدولة، وصولاً إلى التفريط بالمرافق السيادية من المرافئ والمطارات، إنما هو تفريط بحقوق الشعب وملكيته وبعماد نهضة الاقتصاد الوطني من كبوته.
وتؤكد اللجنة المركزية أن انتشار الفساد ومظاهره المريعة في المناحي كافة أصبح يشكل خطراً اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً، وغدا له قوى فاعلة تحميه وتفرض وجوده، وتستنزف موارد الوطن وتهدر الحق الضريبي لخزينة الدولة من الريوع والأرباح الفعلية الكبيرة. بينما ترهق الضرائب والرسوم غير المباشرة مداخيل الفئات الشعبية ذات الدخل المحدود، في المعاملات الإدارية وأثناء أعمال التسويق والتجارة والنقل وعلى الحواجز والمعابر.
وترى اللجنة المركزية أن ترهّل واقع التعليم وتراجعه، وبدء تحويله للخصخصة والاستثمار الرأسمالي الخاص، هو تعدٍّ على الحقوق الدستورية للمواطنين بمجانية التعليم، وتهاونٌ مقصود بمستقبل الوطن وأبناء الطبقات الفقيرة من العمال والفلاحين ومحدودي الدخل الذين قدموا ويقدمون التضحيات في سبيل حماية الوطن وحرّيته وتقدّمه.
وتؤكد اللجنة المركزية تقديرها العالي لنضال أهلنا في الجولان المحتل وصمودهم، وتضامنها معهم في مواجهة الإجراءات التعسفية للمحتلين الصهاينة، والتعدّي على حقوقهم في حماية أراضيهم واستثمارها. وتندّد كذلك بكل أشكال التعاون مع القوات الأمريكية في الجزيرة السورية وسرقة ثروات الوطن. وترفض أي مشاريع غير وطنية تفُضي إلى تكريس الاحتلال أو اقتطاع أي جزء أو شبرٍ من تراب الوطن. وتدعو لتوحيد الصف الوطني ولتعزيز وتصعيد المقاومة الوطنية ضد المحتل وعملائه.
وتقدّر اللجنة المركزية تضحيات الشعب الفلسطيني وقواه المناضلة ضد الإرهاب العنصري الإسرائيلي، ومن أجل إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس. وتدعو قوى الحرية والتقدم في العالم للوقوف إلى جانب حقوقه المشروعة. وتندد بإجراءات التطبيع مع العدو الإسرائيلي التي تباشرها بعض الأنظمة العربية، مما يشجع العدو على التمادي في تجاهل الحقوق العربية واستمرار أعمال الاحتلال.
وتؤكد اللجنة المركزية أهمية موقف بلادنا في مواجهة الإملاءات العدوانية للإمبريالية الأمريكية وأداتها حلف الناتو، وإثارتها للنزاعات والحروب، وتهديدها الدائم لحقوق الشعوب والسلام العالمي.
دمشق 14 / 7 /2023
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد
إضافة تعليق جديد