المواجهة تشتعل بين حلف أستانا وواشنطن شرق سوريا
انضمت الجهود التركية مؤخراً إلى التحركات الايرانية والروسية لمواجهة القوات الأميركية و التضييق عليها ، بهدف دفعها للانسحاب من شرق سوريا.
ووفقاً لوكالات الأنباء العالمية فإن الهدف شبه المعلن هو إثارة الفوضى وزعزعة الأرض تحت القوات الأميركية وتعكير الأجواء في سماء منطقة العمليات، وتعقيد المهمات الاستخبارية، وصولاً الى بلوغ القادة الأميركيين الاقتناع الكافي بأن قواتهم في سوريا معزولة وتواجه خطراً داهماً واستصدار أمر بسحبها.
ويتلخص دور إيران في الأحداث الجارية بعبارة العقل المدبّر، فهي الأكثر نفوذاً والأكثر احتياجاً رمزياً وعسكرياً لانسحاب أميركي من المنطقة وتوسيع ممرها البري إلى البحر المتوسط، وهي قامت بعملها بصبر وهدوء طوال السنوات الماضية، توّجته بصنع تحالف يضم أطراف أستانة، ايران وروسيا وتركيا، وتوحيدها وراء هذه الغاية.
لكن إضافة إلى هذا الدور السياسي وقبله، عمل الحرس الثوري الإيراني على تهيئة الميدان من النواحي العسكرية والاستخباراتية، واستعداده لهجوم بري عبر تكديس الأسلحة والمعدات واستجلاب أعداد كبيرة من المقاتلين وتجنيد متصاعد للسكان المحليين.
ويبدو أن أخطر أدوارها تمثل بالنجاح بتجنيد عدد كبير من الخلايا في منطقة النفوذ الأميركي شرق الفرات من القبائل العربية ومن المكون الكردي ذاته للعمل لصالحها.
هو الأمر الذي نجحت بإنجاز شوط كبير منه من خلال إحداث صدام غير مفهوم وغير مبرر بين المجلس العسكري لدير الزور المكون من عشائر عربية ومجمل “قوات سوريا الديمقراطية” التي يسيطر عليها الأكراد، ونجم عنه قتلى وجرحى، خرجت على أثره مجاميع مسلحة لا يعرف عنها انتماؤها سابقاً إلى أي قوة عسكرية أو سياسية في المنطقة، بمهاجمة نقاط عسكرية لـ”قسد” وإزالتها من المنطقة التي تحولت إلى مسرح سائب غير مسيطر عليه.
فيما بدأت روسيا بلعب دور مماثل في السماء، من خلال اعتراض ومناكفة الطيران الأميركي العامل في الأجواء السورية الذي وصل إلى حد تعطيل طائرة مسيّرة أميركية بإلقاء قنابل ضوئية فوقها أدت إلى تلف محركها، وهذه مجرد مقدمات لإغلاق المجال الجوي الخاضع لروسيا في سوريا بوجه الطيران الأميركي عندما تقرر واشنطن شن ضربات انتقامية على مقرات وقواعد الفصائل الإيرانية مستقبلاً، وارباك تلك الضربات إن لم تتمكن من منعها، كما أن هذا الاحتكاك والصدام في الأجواء يمثل عامل خطورة إضافي يمكن لمقرري البنتاغون أن يضيفوه إلى الأسباب التي تدعوهم لوصف وضع قواتهم في سوريا بالخطر جداً، مع احتمال العجز عن حمايتها جوياً والتفكير بسحبها من هناك كخيار لا بد منه.
أما الدور التركي المفاجئ في هذه الترتيبات، فيتمثل بالإيعاز لقوى عربية مرتبطة بها في شرق سوريا بتأجيج الصراع مع كوادر “حزب العمال الكردستاني” ودعم الجانب الإيراني استخباراتياً بحكم إلمامها بالوضع في شرق الفرات، ويبرز هنا اعتراض يرتكز على التحسن الملحوظ في العلاقات الأميركية التركية في الآونة الأخيرة، لكن هذا الاعتراض يتجاهل ويتناسى أن الخلاف الأميركي التركي حول حماية “حزب العمال الكردستاني” في سوريا لم يحلّ بعد، وأن موقف انقرة منه يختلف عن مواقفها الأخرى، فالحزب هو التهديد الأول لأمنها القومي من منظورها، وتشاركها ايران هذا القلق.
إزاء هذه التطورات، اتخذت القيادة الأميركية جملة إجراءات احترازية واستدعت المزيد من القوات إلى المنطقة الشرق الأوسط، فهي تعلم أن اشتباكاً مع الفصائل الإيرانية في سوريا سوف تتبعه سلسلة هجمات تمتد من اليمن مروراً بالخليج العربي والعراق وسوريا ولبنان، وربما في مناطق أخرى غير متوقعة وبطرق غير مسبوقة ايضاً، وهو ما يعقّد المهمة ويدفع الإدارة إلى إطلاق تحذيرات متسارعة للجانب الإيراني لردعها عن القيام بهذه العملية الخطرة، كان آخرها تسريب المجمع الاستخباراتي الأميركي وثائق لصحيفة “نيوزويك” عن “فرقة الامام الحسين”، والتي تقول بوضوح إن البنتاغون يعرف على نحو تفصيلي ما تخطط له إيران وهو مستعد للرد، وتأمل واشنطن من خلال ذلك ردع إيران عبر تحذيرها من العواقب والخسائر التي ستترتب على مغامرتها هذه.
إضافة تعليق جديد