إنذار استيقاظ
يوسي بيلين:
إن نجاح حزب الله حتى بعد القضاء على زعامته، في مواصلته المؤذية بل والوصول بدقة إلى المنزل الخاص برئيس الحكومة في قيساريا، عزز الشعور لدينا بأننا مكشوفون. يمكن مضاعفة عدد حراس نتنياهو، لكن هذا لن يغير شيئاً أمام المُسيرات. فالسهولة التي لا تطاق التي اجتاح بها مخربو حماس في السبت اللعين إياه، بعمق عشرات الكيلومترات في إسرائيل دون أن يوقفهم أحد، وقدرة مقاتلي حزب الله على ضرب أهداف عسكرية بشكل دقيق – كل هذا يثبت بأننا حتى قبل فترة وجيزة أسدلنا الستائر في بيوتنا واعتقدنا، بسخافتنا، أن لا أحد يرانا.
روينا لأنفسنا قصة، ولا مفر من تغيير القرص. قلنا لأنفسنا إن “بيتك حصنك"، لكن بيوتًا عديدة تحولت إلى مقابر. قلنا لإخواننا في الشتات إن إسرائيل هي المكان الأكثر أماناً لليهود، ولم يعد ممكناً قول هذا. قلنا إننا سنتمكن من الدفاع عن أنفسنا بقوانا الذاتية أمام أي محاولة للمس بنا، وتبين لنا أنه لا يمكننا ذلك بدون المساعدة الأمريكية المكثفة. اعتقدنا أن بإمكاننا التنازل عن تجنيد عشرات آلاف الحريديم للجيش، وأنه تكفينا الكتلة الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي كي نصمد أمام التحديات الأمنية، وتبين أن هذا لا يكفي، وأنه لا يمكن تفادي مواجهة تاريخية مع القطاع الحريدي الذي أقنع نفسه بأن حفظ الكتب المقدسة ينقذنا من المس الجسدي بنا. وحتى المحرقة لم تقنع هذه المجموعة الكبيرة والمتنامية بالسخافة الرهيبة لهذه الحجة.
اعتقدنا أن لنا حدوداً آمنة، فوجدنا أنفسنا في ذروة حرب صواريخ وقذائف صاروخية ومُسيرات، وان العامل الجغرافي فيها يؤدي دوراً لا بأس به – لكنه ثانوي. اصطلاح “حدود آمنة” ذاتي جداً، وفي المفاوضات السياسية التي خاضتها إسرائيل منذ زيارة الرئيس المصري السادات إلى إسرائيل في 1977 كان العنصر الأساس في ترسيم الخرائط ديمغرافيًا وتاريخيًا، وأقل بكثير استراتيجيًا.
يتحتم على الكتلة الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي أن تعيد التفكير في كثير من قناعات مُسلم بها التي تبينت أنها إقناع للذات لا اساس له. عليها أن ترى إسرائيل كجهة للاستمرار اليهودي وليس للأمن اليهودي بالذات. عليها أن تلغي القوانين التي تميز القطاعات غير اليهودية التي تشارك في المصير اليهودي، وغير المستعدة للاكتفاء فقط بـ “حلف الدم” معنا. يتحتم عليها أن تدرك بأن لا بديل لتسوية سياسية تقسم البلاد بيننا وبين الفلسطينيين، وأن الساعة الديمغرافية تستوجب منا عمل ذلك في أقرب وقت ممكن، دون انتظار أجيال أخرى. نحن ملزمون بضمان استمرار العلاقة الوثيقة والخاصة بيننا وبين الولايات المتحدة؛ فهي حيوية لضمان وجودنا. ليس أقل من ذلك.
من شأن الاستخفاف بالولايات المتحدة أو الإحساس بأنها “هي في جيبنا مهما يكن”، أن يعرضنا للخطر، ببساطة لأننا لسنا شعباً يسكن وحده، ولا يمكن في عصرنا أن نعيش فكرة “عدم اعتبار الأغيار”.
لكلمات شقيق شوفال بن ناتان الثاكل في جنازة الأخ تقشعر الأبدان. لقد تحدث عن كيف قاتل شوفال في قطاع غزة "للانتقام قدر الإمكان، من النساء والأطفال، من كل ما يراه"، ولم يكتف بإحراق المنازل أو المركبات. لا شك أن الكلمات قيلت في لحظة صعبة، لكن لا يمكن تجاهلها. سقوط جندي في المعركة لا يلمّع جرائمه، وهنا – بحسب شهادة الأخ – نتحدث عن نية ارتكاب جرائم جنائية واضحة. وهذا ضرر كيير جدًا لإسرائيل، في الوقت الذي تبذل فيه جهدا كبيرا لتثبت للعالم أنها تفعل كل ما في لا يمكن أن نفهم كيف سمح له قادته بمواصلة الخدمة. لا مكان لمن ينوي القيام بهذه الأمور في صفوف الجيش، ولا حتى حول طاولة الحكومة.
يسرائيل هيوم
إضافة تعليق جديد