قانون تحويل الشركات
اثار مشروع قانون تحويل الشركات السورية الذي اقره مجلس الوزراء الثلاثاء الفائت ردود فعل مختلفة بين الاوساط الاقتصادية والصناعية فمن جهة رأى البعض ان القانون سينظم الية تحول المؤسسات الفردية وشركات الاشخاص والشركات المحدودة المسؤولية الى شركات اموال مع اعادة تقييم الموجودات بشكل اصولي.
بينما اعتبر البعض الاخر ان الاولى في هذه المرحلة تطوير الاشكال القانونية من خلال الصيغة الجديدة لقانون التجارة السوري ووضع محفزات ضريبية ومالية خاصة لتشجيع تأسيس الشركات المساهمة.
والسؤال:ما تداعيات القانون على مستوى الشركات الفردية والعائلية؟
لن تقتصر آثار قانون تحويل الشركات على الاقتصاد والمالية العامة على المدى القصير فحسب بل ستتضح انعكاساته الايجابية طوال السنوات المقبلة خصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار ان القانون سيسهم في زيادة الناتج الاجمالي من 38 ملياراً عام 2006 الى 50 مليار دولار اي بزيادة 25% سنويا, وفي فتح صفحة جديدة سمتها الوضوح والشفافية الامر الذي سيكشف حقيقة الاقتصاد السوري كما هو تماما دون اي مبالغة وبالتالي سيؤثر ذلك بشكل كبير في حجم الناتج الاجمالي والتكوين الرأسمالي.
يغطي القانون ثلاث نقاط رئيسية وهي تحويل الشركات الفردية والعائلية الى شركات مساهمة ومنح حوافز ترجح الشركات الصغيرة لتقوى بالمنافسة,ومنح حوافز لتنظيم القطاع غير المنظم والذي تدل الدراسات على انه يشكل 30% من الناتج المحلي الاجمالي وبحسب وزير المالية ان هذا القطاع سيعفى كاملا من الضرائب والرسوم الامر الذي سيساهم في ظهور مطارح ضريبية جديدة.
ولا يختلف اثنان اليوم ان انتقال القطاع الخاص من العائلة الى المؤسسة امر حتمي لا مفر منه يجب ان يتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة سواء من حيث الحاجة لاستقطاب رؤوس اموال كبيرة ام تطوير واستخدام التقنيات الحديثة واساليب الادارة المتطورة. فالشيء الاكيد ان نظام الشركات الفردية والعائلية لا يمكن ان يستمر ويدوم او يزدهر ضمن المعطيات الجديدة حيث لا مجال لاستمرارية المشاريع القائمة حاليا بوجود الشركات العائلية باعتبار انه حتى اذا ما توفر من يرث العمل لن يوجد من يتفاهم مع بعضه بعضا في اطار فريق عمل كما انه ليس بامكان الشركات الفردية بعد الان ان تحتوي على مصادر التمويل الخاصة بها فقدرة الفرد على تحصيل الاموال اصبحت محدودة وخصوصا ان النظام القائم في الوقت الحاضر او الذي كان قائما اصبح الان غير معمول به ولا يمكن ان يعتمد عليه.
وتتخوف الفعاليات الاقتصادية والتجارية من ان الوضع الحالي للشركات الفردية لا يؤمن فرصا كاملة لنمو او ازدهار او تكون المشاريع التنموية مع جرعة تفاؤل اضافية من ان يؤمن القانون الجديد للشركات المساهمة اسباب وسبل النجاح نتيجة توفر ثقة جديدة واليات مختلفة يمكن ان تسلكها للحصول على تمويل سليم وغير مكلف.
يقول د.راتب الشلاح رئيس اتحاد غرف التجارة للثورة ان قانون تحويل الشركات سيضمن للشركات المساهمة اسباب النجاح نتيجة توفر ثقة جديدة واليات مختلفة يمكن ان تسلكها للحصول على تمويل سليم كما انه سيعطي فرصة حقيقية للاستثمار خصوصا للذين وضعوا اموالهم في جيوبهم دون ان يستفيدوا منها... ويلفت الشلاح الى ان ذلك سيحقق ربحا مزدوجا سواء كان على صعيد توفير فرصة لصاحب المال لتوظيف امواله بشكل مضمون وبشروط واضحة ام لجهة اعطاء اصحاب المشاريع مناخا لتمويل مشاريعهم من مصادر غير مكلفة كما يعطي الوطن الفرصة لتمويل مشاريع كثيرة نحن بحاجة لها تؤدي في النهاية الى خلق فرص عمل جديدة لهذا العدد الكبير من العاطلين.
يتصف القطاع الخاص السوري بطابعه العائلي وتشتت مناطق توضعه حيث لا يزيد عدد المنشآت التي تستخدم 10 عمال فأكثر على 2444 حوالي 3% من اجمالي عدد المنشآت كما لايزيد عدد المنشآت التي تستخدم من 6-9 عمال على 5054 منشأة اي حوالي 6% اما 91% الباقية فإنها تضم من 1-5 عمال فقط,ولا تزال صادرات القطاع ضئيلة حيث لا تزيد الصادرات الصناعية على 52% من الاجمالي ما يؤكد الحاجة لدعم الصناعات التصديرية لتقوية مركزها التنافسي في الاسواق الخارجية بينما تتركز صناعات القطاع الخاص التحويلية على بدائل المستوردات التي استفادت من فترة الحماية التي عاشتها تلك الصناعة اما بعد تحرير التبادل التجاري وبخاصة مع الدول العربية فإن تلك الصناعات ستكون موضع خطر يتطلب معه اعادة تأهيلها ورفع كفاءتها وتحويل ميزاتها النسبية الى ميزات تنافسية. وفي الوقت الذي لا تزال محدودية التمويل المحلي المتاح للمنشآت الصناعية الخاصة تشكل عقدة امام تطوير انتقالها الى المؤسسة, تنعكس الاعباء الضريبية من الرسوم والضرائب على تكلفة السلع المنتجة وقدرتها على المنافسة الخارجية ومنها ضريبة رفع الآلات المفروضة على الريع السنوي بنسبة 80% من قيمة الات المنشأة الصناعية وضريبة دخل الارباح التجارية والصناعية ونسب الرسوم الجمركية على المواد المستوردة الداخلة في الصناعة المحلية.
واقع القطاع الخاص هذا يقودنا الى اسئلة رئيسية كيف يمكن لهذا القطاع في ظل الظروف الحالية ان ينتقل من الفردي الى المؤسسة?
ما المطلوب لتطوير ملكية الخاص من الشخصية الى المؤسسة? وماذا عن الجوانب الايجابية لهذا التحول?هل الكوادر قادرة الآن على اسعاف الموقف؟!
يعترف غسان القلاع نائب رئيس غرفة تجارة دمشق في حديث للثورة مؤكدا ان تحول المؤسسات الفردية والعائلية وشركات الاشخاص الى شركات مساهمة هو الخيار الصحيح الان وفي كل وقت اذ كانت تتوفر لدى هذه الشركات والمؤسسات عناصر التحول من حيث طبيعةالعمل وحجم المنشأة والسمعة الادبية لمالكيها ونوع انتاجها ويمكن ان تتفق شركة اشخاص او اكثر على الاندماج بقصد التوحيد بينها ومن ثم التحول الى شركة مساهمة الامر الذي لا يعني ان كل شركة قابلة لهذا التحول وانما هناك قواعد واسس تحكم مثل هذا التحول ولا تكفي الرغبة في التحول فقط.
وعمليا ينتظر اليوم من القانون الجديد ان يسعى الى استقطاب اكبر عدد ممكن من الشركات المساهمة بما يساهم في ارتفاع مستوى العائد على الاستثمار في اسهمها وبالتالي فإن التحول يتطلب بالضرورة النشر الدوري لتقارير مفصلة عن سير العمل اي ان يعرف الجمهور ادق التفاصيل عن الشركة من حيث الدخل والتكاليف وطبيعة العمل ورواتب الادارة والارباح ...الخ.
يقول المحلل المالي والاقتصادي ياسر الحناوي(هناك بعض الاشخاص الذين يحبون السرية التامة في اعمالهم ولا يقبلون فكرة نشر ما يسمونه باسرار العمل وهناك بعض الاشخاص ايضا ممن يبدون فعالية عالية في التعامل مع عدد صغير من المرؤوسين ولكنهم يخفقون عندما تسند اليهم مهمة ادارة مجموعات كبيرة من الافراد وذلك بسبب نزعتهم للتدخل في كل التفاصيل وعدم قدرتهم النفسية على التفويض فضلا عن ان هناك اشخاصا لا يقبلون النقد ولا المراقبة ويحبون ان يفعلوا اشياءهم على طريقتهم مهما كانت التكاليف فإذا كانت ادارة الشركة الفردية او العائلية تجمع عنصرا او اكثر من تلك العناصر فإن عليها ان تفكر مليا قبل ان تتخذ القرار بتحويل الشركة الى مساهمة).
أمل السبط
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد