الأزمة الاقتصادية التركية ومخاطر التبعية لأمريكا
الجمل: تركيا المعاصرة على حافة الأزمة:
إن معاناة الأتراك إزاء الأزمة الاقتصادية المستفحلة ومخاطر التبعية لأمريكا، قد دفعتهم إلى محاولة تحقيق هدفين أساسين، باعتبارهما يشكلان (مفتاح الحل الذهبي لمشاكل تركيا)، هما:
- تحقيق النمو المستدام في الاقتصاد التركي.
- تقليل معدل البطالة إلى الحد والمستوى الذي لا يترتب عليه نشوء ظاهرة السخط والاضطرابات الاجتماعية.
أجمع الباحثون والمحللون الأتراك، على أن هذين الهدفين يرتبطان ويتداخلان على النحو الذي لا يتيح وضع أي حد فاصل بينهما، إضافة إلى أن تحقيق التقدم والنجاح في أحدهما يتطلب بالضرورة تحقيق نجاح وتقدم متزامن في الآخر.
• الأزمة التركية: ارخميدس التركي وكيف (وجدها):
لاحظ الخبراء الأتراك أن تركيا، تقع على أساس الاعتبارات الجيوبولتيكية، والجيوستراتيجية، ليس ضمن نقطة تلاقي أكبر وأهم قارات العالم، ومعابر الطرق الدولية البرية والجوية، وإنما تقع تركيا جغرافياً على النحو الذي يصلح لـ(منصة بحرية) لصادرات أكبر المخزونات النفطية العالمية:
- مخزونات حوض بحر قزوين النفطية
- مخزونات آسيا الوسطى النفطية
- مخزونات العراق النفطية
- مخزونات روسيا النفطية
- مخزونات الجزيرة العربية النفطية
- مخزونات إيران النفطية
وسرعان ما لاحظ الخبراء الأتراك، أن موقع تركيا من الممكن، لو تحققت بعض الشروط، أن يلقى أهمية موقع الخليج العربي، خاصة وأن تركيا يمكن أن تقوم بدور الـ(منصة) أو الـ(كاونتر) في عمليات تصدير النفط و الغاز إلى سائر أنحاء العالم وعلى وجه الخصوص أمريكا الشمالية، ودول الإتحاد الأوروبي
• مشروع الممر النفطي التركي:
خطط الأتراك، لتمديد خطوط أنابيب النفط من حقول الإنتاج، وعبر الأراضي التركية، وصولاً إلى موانئ التصدير التركية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، ومن أبرز مشروعات خطوط الأنابيب هذه نجد:
- خط باكو-تبليسي- جيهان (تم إكماله)
- خط كركوك- جيهان (تم إكماله)
- خط باكو- جيهان (تحت التشييد)
- خط شبكة أنابيب الغاز الثلاثية: تركيا، اليونان، إيطاليا (تحت التشييد)
- خط نابوكو: كازاخستان- تركمانستان- أذربيجان- تركيا (تحت التشييد)
- خط روسيا –البحر الأسود- تركيا
- خط إيران- تركيا
كذلك هناك المزيد من الخطوط التركية الرامية إلى الدخول في اتفاقية مع الدول العربية، للقيام بتمديد خطوط أنابيب النفط والغاز من الخليج العربي والسعودية عبر الأراضي العراقية إلى الموانئ التركية.
• المشروع التركي والعامل الإسرائيلي:
ظل الإسرائيليون يتابعون باهتمام بالغ، المشروع التركي، ورتب الإسرائيليون الأمر مع الإدارة الأمريكية، والشركات الأمريكية، بحيث تدخل إسرائيل على الخط جنباً إلى جنب كشريك مع تركيا.
عندما تم إمداد خط نفط باكو- تبليسي- جيهان، تبين أن مخطط المشروع يتضمن مواصلة تمديد أنابيب نقل النفط والغاز وصولاً إلى ميناء حيفا الإسرائيلي، الذي رتب الإسرائيليون مع الشركات النفطية الأمريكية، وشركة بريتيش بتروليوم لكي يكون ميناء التصدير الرئيسي.
المنافسة الإسرائيلية في مواجهة تركيا، ركزت على تطبيق قاعدة (سرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه)، من المشروعات النفطية التركية، وبكلمات أخرى ركز الإسرائيليون على أن تكون موانئ التصدير وفروع الشركات التي تقوم ببيع وشراء النفط، والمصارف التي تقوم بتحويل أمواله أو استلامها جميعها في إسرائيل، بحيث تتم بالضرورة، إذا استطاع الإسرائيليون فرض بنود شراكتهم على تركيا، إقامة أكبر بورصة لتسويق النفط العالمي في إسرائيل، وبالتالي يكون الإسرائيليون قد استأثروا لنفسهم بأفضل المزايا وتركوا للأتراك مجرد الاكتفاء بالقيام بدور دولة (الممر) النفطي، وحالياً يحاول الإسرائيليون إقناع الأتراك بقبول بنود الشراكة الإسرائيلية مع إغرائهم بأن إسرائيل سوف تقف إلى جانبهم في عملية الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل حثها على تقديم المنح والمساعدات لتركيا.
وعموماً، فقد أكدت الوقائع الجارية، على ما يبدو أن الأتراك، قد استطاعوا فهم حقيقة التحركات الإسرائيلية ومضمون ما يقصده الإسرائيليون عندما يستخدمون مصطلح (العلاقات التركية الإسرائيلية الوثيقة)، وما يؤكد أن الأتراك قد استطاعوا التقاط الإشارة، يتمثل في قيام الأتراك، وعلى وجه الخصوص نخبة حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي، لاستضافة حركة حماس، ومعارضة توجهات أمريكا ضد إيران ، والانتقاد المتزايد للتوجهات الإسرائيلية في المنطقة، وما هو جدير بالاهتمام ومثير للانتباه يتمثل في قيام تركيا في الأسبوع الماضي بالتوقيع على اتفاقية مشروع استثماري نفطي مع إيران بتكلفة 3 مليار دولار، دون إيلاء اهتمام لموقف أمريكا الحالي إزاء إيران وهو أمر كان من المحرمات في السياسة التركية السابقة، فهل يا ترى يسعى الأتراك للانفراد بالسيطرة على تمرير صادرات النفط العالمي عبر أراضيهم وموانئهم، أم أنهم سوف يقبلون بإعطاء تلك المنافع الهائلة لإسرائيل، والاكتفاء بمجرد القيام بدور الممر لحركة تدفقات النفط العالمي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد