المنجمون يغزون الفضائيات دون أساس علمي لتحليلاتهم
مع مطلع كل عام يعود المنجمون لصدارة العديد من الفضائيات العربية، إذ تحول بعضهم لنجوم يتهافت المشاهدون على الاتصال ببرامجهم وسؤالهم عن طالعهم، رغم تأكيدات علمية بأن تحليلاتهم لا أساس علميا لها وتدخل في باب العرافة والشعوذة.
وشهدت السنوات الأخيرة انطلاق فضائيات متخصصة في التنجيم والعرافة والسحر، وتؤكد مصادر إعلامية أن الأجور التي يتقاضاها بعض المنجمين لقاء ظهورهم في بعض وسائل الإعلام باهظة وتضاهي أجور كبار الفنانين.
ويؤكد متخصصون أن لا علاقة علمية بين ما يبثه المنجمون عبر الفضائيات وعلم الفلك.
ويرى رئيس الجمعية الفلكية الأردنية عميد معهد الفلك وعلوم الفضاء في جامعة آل البيت الدكتور حنا صابات أن "لا علاقة علمية بين التنجيم وعلم الفلك، رغم اختلاط هذه العلاقة بينهما منذ فجر التاريخ".
ولفت صابات إلى أن "علم الفلك تاريخيا ولد من رحم التنجيم تماما، كما ولدت الكيمياء من رحم علم الخيمياء الذي كان يجري العاملون فيه التجارب بغية تغيير طبيعة المواد ومن ذلك محاولة تحويل التراب إلى ذهب".
الخبير الفلكي أشار أيضا إلى أن "المنجمين يعتمدون معلومات ليست سوى أخطاء فادحة علميا لا علاقة لها بأسس علم الفلك الحديث، ويقدم على ذلك العديد من الأمثلة، منها أن المنجمين يعتبرون أن فترة البرج الذي هو مجموعة نجمية تمتد لـ30 يوما، مع أن الحقيقة أن لكل برج فترة مختلفة زمنيا عن بقية الأبراج".
وتابع صابات "يوم 21 مارس/ آذار هو لدى المنجمين بداية برج الحمل، بينما تقول الحقيقة العلمية إن الشمس قد أمضت فعليا نحو ثمانية أيام في برج الحوت"، ويعود السبب –وفقا للخبير الفلكي- إلى أن المنجمين يعتمدون مواعيد البروج كما كانت قبل 2000 عام.
ويصنف علماء مسلمون التنجيم بأنه "أحد أبواب الشعوذة والعرافة التي تقود للشرك بالله"، ويحرم في مختلف فتاواهم التعامل مع المنجمين وسؤالهم عن المستقبل، كون ذلك من علم الله الذي لا يعلمه البشر.
ونجحت ضغوط قادها ناشطون إسلاميون في عدد من الدول العربية لا سيما في دول الخليج ومصر بوقف بث قناتين فضائيتين خصصتا للتنجيم والناشطين في هذا المجال عبر القمرين "نايل سات" و"عرب سات" العام الماضي.
ويقر المدير العام لمحطة تلفزيون "وطن" الأردنية الدكتور رائد قاقيش بأن السبب الرئيس في توجه محطته لبث برنامجين لاثنين من العاملين في حقل التنجيم و"علم الأرقام" بأنه لأهداف "تجارية بالدرجة الأساس".
وقال قاقيش "هناك مردود مادي جيد تحققه هذه البرامج خاصة أنها تحظى بإقبال كبير من قبل المشاهدين العرب في الأردن والوطن العربي".
وأضاف "هناك جمهور عريض يتابع هذه البرامج ونحن كقناة فضائية حديثة تريد أن تنافس الفضائيات القائمة نتطلع لجذب كل شرائح المشاهدين ومنهم الشريحة التي تهتم بالتنجيم وتريد السؤال عن مستقبلها".
ودافع المسؤول عن التنجيم و"علم الأرقام" بالإشارة إلى وجود وقائع ثبت فيها صحة ما توقعه المنجمون، وهو ما ضاعف من حجم الإقبال على هذه البرامج، كما يقول.
وتابع قائلا "الأبراج وتوقعاتها باتت قضية علمية وتستند لعلم قائم، وبالتالي فإن وجود متخصصين في هذا العلم هو ما يدفع الناس للإقبال على برامجها".
لكن الدكتور صابات اعتبر أن السبب في رواج التنجيم مؤخرا يعود لكونه "يملأ فراغا نفسيا وروحيا رغم أنه ذو أصول أسطورية لا عقلانية".
وأضاف أن "السبب في عدم زوال التنجيم أنه يجيب على أسئلة تتعلق بمصير الإنسان وطالعه فيما يرتبط بالحب والزواج والعمل والمال، وهي أشياء تخرج عن قدرات الإنسان العادي".
وبينما أخذ صابات بشدة على دور وسائل الإعلام في نشر التنجيم وفي المقابل إهمال علم التنجيم، أكد الدكتور قاقيش أن وسائل الإعلام ستغلق أبوابها ولن تحصل على مردود مادي يمكنها من الاستمرار إن لم توفر للمشاهد ما يرغب بمشاهدته ومنه برامج التنجيم على قاعدة "الجمهور عايز كده".
محمد النجار
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد