أولمرت في مواجهة مصيره البائس
الجمل: يشهد الوضع السياسي الإسرائيلي الداخلي حالة أشبه بتلك التي تعيشها عصابة المافيا الصقلية عندما تتفاقم الخلافات ويندلع صراع الثروة والسلطة بين أسر المافيا.
* سردية أولمرت: القراءة في الجانب الآخر:
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت يخضع لاستجواب الشرطة الإسرائيلية التي بدأت تحرياتها معه حول إحدى القضايا الجديدة التي وصفتها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بـ"الخطيرة جداً". والمشكلة الأكثر خطورة تتمثل في أن هذه هي المرة الخامسة التي يتعرض فيها أولمرت، خلال سنتين، لاستجوابات وتحريات من قبل الشرطة الإسرائيلية للتحقيق في تهم فساد موجهة إليه.
التحري الأخير الجاري حالياً يتعلق باستلام أولمرت رشاوى من أحد رجال الأعمال الأمريكيين المقيمين في إسرائيل، وتشير التحريات الأولية والتسريبات إلى أن الشرطة الإسرائيلية بدأت تحرياتها الأولية مع مديرة مكتب أولمرت السابقة التي وافقت –بكل سرور- على التعاون مع الشرطة وتزويدها بالمعلومات التي تساعدها في القيام بمهامها وواجباتها. وتقول التسريبات أيضاً بأن أحد أبرز مؤيدي وحلفاء أولمرت عندما سمع بأخبار التحقيق الأخير وتعاون مديرة مكتب أولمرت السابقة مع الشرطة، هز كتفيه وقال "لقد انتهى كل شيء".
* توقيت التحقيق الخامس:
ينشغل أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي وأعضاء الكنيست وزعماء الأحزاب والقوى السياسية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأبعاد وتداعيات السيناريو الفاجع الذي يواجهه أولمرت:
• الاحتفالات بالذكرى الستين لقيام إسرائيل بعد أقل من أسبوعين.
• سيزور إسرائيل خلال هذه الفترة رؤساء أمريكا وفرنسا ورئيس الوزراء الإيطالي إضافة إلى العديد من الزعماء والقادة.
* سيناريو نهاية أولمرت:
سيواجه أولمرت سيناريو نهاية حياته السياسية، وقد أصبح الآن كما يقولون –خاصة بعد إعلان مديرة مكتبه السابقة عن تعاونها الكامل مع الشرطة- مجبراً على اختيار إحدى طرق "الموت السياسي الرحيم" التالية:
• سيناريو المشي في وسط حقل الألغام المتفجرة.
• سيناريو ركوب السفينة الغارقة.
• سيناريو ترك الآخرين يكسرون ظهره.
يقول المحلل السياسي الإسرائيلي يوسي فيرتار بأنه بالرغم من أن أولمرت يعتبر الأكثر دهاءً بين الساسة الإسرائيليين الحاليين، فإنه سيجد صعوبة هذه المرة في الدفاع عن نفسه بسبب:
• تأكيدات المدعي العام والشرطة الإسرائيلية عن عثورهم على الدليل والبرهان القوي الذي يثبت تورط أولمرت في مخالفات قانونية ستنهي حياته السياسية.
• قيام المحكمة الإسرائيلية بمنع كل الأشخاص تحت التحقيق من الإدلاء بتصريحات أو تقديم معلومات يحاول من خلالها التعبير عن وجهة نظره.
في المرة الأولى أفلت أولمرت من السقوط بسبب فضيحة هزيمة حرب لبنان، ثم في المرة الثانية أفلت على خلفية تقرير فينوغراد الأول ثم عاد وأفلت للمرة الثالثة على خلفية تقرير فينوغراد الثاني، ثم أفلت للمرة الخامسة والسادسة والسابعة من السقوط على خلفية تحقيقات الفساد التي أجرتها معه الشرطة الإسرائيلية، ولكن هذه المرة فإن نهاية أولمرت أصبحت أكثر يقيناً، وبات سقوطه أكثر مصداقية وموثوقية بما لا يحتمل الشك. وقد أكدت مصادر مطلعة بأن أولمرت بعد قيام مديرة مكتبه –التي تخلى عنها- بإطلاع الشرطة على كل شيء، فقد أصبح مثله مثل كلينتون الذي أسقطته اليهودية الأمريكية مونيكا لوينسكي، وريتشارد نيكسون الذي أسقطته فضيحة ووترغيت، وكل ما تبقى لأولمرت هو الوقوف على حافة السقوط انتظاراً لبقية أيامه التي أصبحت معدودة.
* ماذا قال المدعي العام؟
رفض المدعي العام الإسرائيلي الإجابة على أسئلة الصحافة الإسرائيلية التي حاصرته، ولكنه أشار إلى النقاط الآتية:
• لن تقدم أي معلومات حول التهم الموجهة إلى أولمرت !!
• الأجهزة العدلية الإسرائيلية هي المختصة بإصدار قرار إيقاف رئيس الوزراء عن القيام بأعباء منصبه !!
* الحكومة الإسرائيلية وسيناريو الفوضى الوشيك:
تحدث المحلل السياسي الإسرائيلي يوسي فيرتار قائلاً بأن أولمرت يواجه حالة مفجعة، وأصبح على وشك أن يواجه النهاية التي أصبحت شبه مؤكدة وذلك لأنه أصبح مثل الشخص الذي خرج من القبر ولسوء حظه فقد سقطت السماء على رأسه وانشقت الأرض تحت قدميه.
تقول التسريبات الإسرائيلية بأنه عندما يتم إيقاف أولمرت عن القيام بمهماته فإن الذي سيتولى المنصب من المفترض أن يكون وزيرة الخارجية (تسيبي ليفني) التي ظلت تسعى وراء الجلوس على كرسي أولمرت، أما وزير الدفاع باراك (زعيم حزب العمل الحليف الأكبر لحزب كاديما الذي يتزعمه أولمرت) فقد ظل حتى اللحظة:
• لا يتطرق لا من قريب ولا من بعيد لموضوع أولمرت.
• يدفع داخل حزبه باتجاه التعامل بصمت مع أزمة أولمرت الحالية.
وتقول التوقعات بأن باراك سيكون أمامه عدة خيارات:
• مغادرة سفينة حكومة ائتلاف كاديما الغارقة والنجاة بحزبه.
• المطالبة بمنصب رئيس مجلس الوزراء كثمن لبقاء حزبه ضمن الائتلاف.
وعلينا أن نلاحظ بأن مغادرة حزب العمل من الائتلاف الحاكم سيؤدي إلى سقوط الحكومة، ولن يكون أمام كاديما سوى التحالف مع الليكود (بزعامة نتينياهو) وبقية الأحزاب الإسرائيلية الصغيرة والدينية المتطرفة مثل شاس وغيرها. وفي حالة سقوط الحكومة وحجب الثقة عنها، فمن المحتمل أن ينشأ تحالف سياسي جديد داخل الكنيست قد يترتب عليه إقصاء كاديما من الحكومة في حالة نجاح قيام تحالف يضم المثلث: العمل (باراك) – الليكود (نتينياهو) – الأحزاب الصغيرة (شاس، إسرائيل بيتنا...).
الزلزال السياسي الإسرائيلي الوشيك سيبدأ رسمياً بمجرد صدور الإعلان الرسمي بإيقاف أولمرت عن القيام بمهامه كرئيس للوزراء علماً أن الأحزاب السياسية الإسرائيلية قد بدأت حالياً تجري المشاورات والمناورات والتفاهمات السرية.
سيطرة ائتلاف سياسي إسرائيلي على الحكومة سيترتب عليه عملية تغيير توازنات القوى السياسية داخل الدولة الإسرائيلية وهو أمر سيؤدي بدوره إلى المزيد من وجهات النظر الجديدة المتعلقة بقضايا وملفات الشرق الأوسط:
• الموقف من الوساطة التركية والسلام مع سوريا.
• الموقف من المفاوضات مع السلطة الفلسطينية المسيطرة على الضفة الغربية.
• الموقف من المواجهة مع حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
• الموقف من المواجهة مع حزب الله في لبنان.
• الموقف من المواجهة مع إيران.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد