المساعدات العسكرية الأمريكية للبنان
الجمل: ذهب الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى العاصمة الأمريكية واشنطن زائراً البيت الأبيض حيث التقى الرئيس الأمريكي جورج بوش في لقاء يعتبر الأول من نوعه منذ عام 1996م لجهة الجمع بين رئيس لبناني ورئيس أمريكي.
* البيت الأبيض وجدول أعمال لقاء سليمان – بوش:
تقول المعلومات والتقارير والتسريبات بأن لقاء سليمان – بوش قد تضمن التفاهم على خلفية الالتزامات والتأكيدات الأمريكية بأن الولايات المتحدة ما تزال على تأكيداتها السابقة بضرورة المضي قدماً في التعاون الثنائي الأمريكي – اللبناني بما يؤدي إلى تقديم المساعدات العسكرية للبنان.
• تطرق معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن إدارة بوش قد أعادت إحياء برامج المساعدات المالية والعسكرية للبنان منذ لحظة صعود قوى 14 آذار الموالية للغرب إلى الحكومة اللبنانية في انتخابات 2005م.
• يقول الأمريكيون بأنهم قدموا مساعدات مالية وعسكرية للبنان بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 400 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من عام 2005م إلى الآن.
• تنوي الإدارة الأمريكية تقديم مساعدات للبنان بقيمة 60 مليون دولار خلال عام 2009م القادم.
هذا، ومن المعروف والثابت أن برنامج المساعدات والمعونات تتم وفق مشروطيات تقوم على ضرورة عدم تقديم أي معونات أو مساعدات عسكرية إلا إذا تأكدت الولايات المتحدة من الآتي:
• أن الحكومة المعنية بتقديم المساعدات هي حكومة حليفة للولايات المتحدة.
• إن المساعدات الأمريكية لن يتم استخدامها ضد المصالح الأمريكية أو ضد حلفاء أمريكا.
• إن الحكومة المعنية بتقديم المساعدات هي شريك لأمريكا في الحرب ضد الإرهاب على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.
إضافةً لهذه المشروطيات فإن وجود لبنان في منطقة الشرق الأوسط وعلى الجوار الإقليمي لإسرائيل يعني أن موافقة إسرائيل تعتبر ضرورة في حد ذاتها لتقديم أي مساعدات.
* محفزات المساعدات العسكرية الأمريكية للبنان:
يقول اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر خبير اللوبي الإسرائيلي في الشؤون السورية – اللبنانية بأن الإدارة الأمريكية قد تحمست أكثر فأكثر لتقديم المزيد من المساعدات للبنان بعد فوز قوى 14 آذار في انتخابات عام 2005م، ويرى شينكر أن منظور الإدارة الأمريكية في تقديم المساعدات العسكرية للبنان يتمثل في الآتي:
• مساعدة القوات اللبنانية في فرض سيطرتها على كامل التراب اللبناني.
• تعزيز قدرات الجيش اللبناني بحيث يصبح قوة معادلة لقوة حزب الله.
• توظيف الجيش اللبناني في الحرب ضد الإرهاب.
وبتحليل منظور الإدارة الأمريكية يمكن التوصل بكل سهولة إلى أن إدارة بوش تهدف من وراء مساعدة الجيش في لبنان إلى استخدامه كوسيلة في القضاء على قدرات المقاومة اللبنانية على النحو الذي يزيل مخاطر وتهديدات هذه المقاومة لأمن إسرائيل. وبتحليل طبيعة هذه المساعدات التي تنوي أمريكا تقديمها للجيش اللبناني يتضح ما يلي:
• عدم تزويد الجيش بالرادارات ووسائط الدفاع الجوي التي تهدد حركة الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
• عدم تزويد الجيش اللبناني بوسائل الدفاع البحري التي تعيق حركة السفن الإسرائيلية في المياه اللبنانية.
• عدم تزويد الجيش بالمدافع التي تعزز قدرة نيران القوات اللبنانية لتخطي حدود لبنان ويهدد أمن شمال إسرائيل.
• عدم تزويد الجيش اللبناني بالدبابات الأمريكية الحديثة التي تعزز قدرة الجيش على القيام بشن الهجمات المدرعة واختراق الحدود الإقليمية بما يمكن أن يؤدي إلى تهديد أمن إسرائيل.
وعلى هذه الخلفية يتضح لنا أن برنامج المساعدات العسكرية الأمريكي يركز على تزويد الجيش اللبناني بالقدرات العسكرية الخفيفة التي تحوله إلى مجرد قوة دركية عسكرية تقوم بأعمال الدوريات الداخلية وتنفيذ عمليات مداهمة ومطاردة عناصر المقاومة اللبنانية إضافة إلى إمكانية القيام ببعض العمليات التعرضية المحدودة لأنشطة المقاومة اللبنانية.
* الهدف الأمريكي الأساس: تعميم نموذج معركة مخيم نهر البارد:
تقول التسريبات الأمريكية بأن خبراء البنتاغون يدرسون بحرص بالغ أن تؤدي المساعدات العسكرية للبنان إلى تعزيز قدرة الجيش اللبناني في القيام بتنفيذ المزيد من نموذج عملية مخيم نهر البارد ويرى هؤلاء الخبراء بأن قيام الجيش بهذا النوع من العمليات يجب أن يتم تعميمه بما يشمل كل أنحاء لبنان وبكلمات أخرى يرى هؤلاء أن تعزيز قدرة الجيش اللبناني سيتيح له الفرصة لتنفيذ نموذج نهر البارد ضد حركة فتح الإسلام في شمال لبنان إلى تنفيذ معارك مشابهة ضد حزب الله اللبناني وحركة أمل اللتان تتمركزان في الجنوب.
وبوضوح أكثر يقول المحللون أن الهدف الرئيس للمساعدات العسكرية يتمثل فغي قيام الجيش اللبناني باستخدام القدرات العسكرية الجديدة في القضاء على خطر أسلحة حزب الله وحلفائه وإلا فإن على الإدارة الأمريكية أن لا تغامر في تقديم هذه المساعدات.
* ماذا على طاولة بوش؟
تنظر الإدارة الأمريكية بشكل يقوم على التعاطي المزدوج مع الحكومة اللبنانية الحالية فهي من جهة ستحاول الاستمرار في التعاون مع أطراف الحكومة اللبنانية المنتمية لقوى 14 آذار ومن الجهة الأخرى على المقاطعة وعدم التعاون مع أطراف الحكومة اللبنانية المنتمية لقوى 8 آذار وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بحزب الله. وتقول التسريبات الأمريكية بأن إدارة بوش ستقاطع التعامل مع وزارة الخارجية التي يسيطر عليها حزب الله ولكن الإدارة ستنسج خيوط ارتباطها مع لبنان عبر القنوات الأخرى وعلى وجه الخصوص الوزارات والكيانات الحكومية الواقعة تحت سيطرة 14 آذار.
ينظر خباء البنتاغون بالنسبة للمعونات العسكرية الأمريكية في ملف تزويد الجيش اللبناني بطائرات الهيلوكوبتر من طراز كوبرا المخصصة لمهاجمة المليشيات ويرى هؤلاء ضرورة أن لا تتضمن أي مزايا إضافية، وتقول التسريبات بأن اهتمام خبراء البنتاغون بتقديم هذا النوع سببه ملاحظتهم ضعف الجيش اللبناني في تنفيذ حملات القصف بشكل سريع ودقيق ضد مواقع فتح الإسلام وخلال معركة مخيم نهر البارد.
هذا، وبرغم ذلك، يرى بعض الخبراء بأن على الإدارة الأمريكية التريث في تقديم المساعدات للجيش اللبناني والاكتفاء بأن تكز المساعدات على عمليات التدريب النظري في الحرب على الإرهاب، أما تقديم المساعدات المادية للجيش فيجب ألا يتم إلا إذا تأكدت الإدارة الأمريكية أن الأوضاع قد توترت بين الجيش وحزب الله على غرار سيناريو التوتر الذي حدث بين الجيش وفتح الإسلام عشية معركة نهر البارد وأصبح الصدام بين الجيش وحزب الله أمراً لا مفر منه، وعندها فقط يمكن لإدارة بوش أن تقدم المساعدات ولكن مع ضرورة أن تكون مرتبطة بالتقدم الميداني الذي يحققه الجيش في المواجهة مع حزب الله.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد