سيناريو إسرائيلي للعملية الدبلوماسية التي ستعقب الهجوم على حزب الله

الجمل: برغم مرور عامين على صدور القرار الدولي 1701 الذي أنهى حرب صيف العام 2006م بين القوات الإسرائيلية وحزب الله وأفسح المجال أمام نشر قوات اليونيفيل بشكلها الجديد على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، فقد ظلت المحاولات الهادفة لتوسيع نطاق مضمون القرار تتجدد بين وقت وآخر، وذلك على النحو الذي يؤكد بأن العبارات والجمل غير المحددة التي تم استخدامها في صياغة القرار، كانت عبارات وجمل تهدف إلى مساعدة محور واشنطن – تل أبيب في القيام كلما سنحت الفرصة بتأويل تفسيرات بنود القرار بما يستوعب متغيرات مفهوم الأمن الإسرائيلي.
* منظور المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لقوات اليونيفيل:
نشر مركز أورشليم للسياسة العامة، ورقة بحثية شارك في إعدادها الجنرال المتقاعد موشي إيعالون رئيس الأركان الإسرائيلي السابقة، والجنرال المتقاعد ياكوف أميدرور، وقد عكست الورقة إدراك المؤسسة العسكرية لقوات اليونيفيل ضمن أربعة نقاط أساسية:
• إن النقاشات حول الترتيبات الأمنية في لبنان، عند نهاية حرب تموز 2006م تضمنت اقتراحاً لجهة تمركز قوة دولية في لبنان، على النحو الذي لم يتح للأمم المتحدة مواجهة القوى المسلحة الموجودة في نفس المنطقة التي تتمركز فيها القوات الدولية.
• الأساس المنطقي السليم للوجود الدولي يجب أن يتمثل في إيجاد قوة يكون هدفها الأساسي هو:
- مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله.
- التمركز في المنطقة المجاورة لبيروت، ومناطق الحدود السورية – اللبنانية ومنطقة وادي البقاع.
• لا يوجد للقوات الدولية أي دور لكي تقوم به على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية لأن إسرائيل تنشر قواتها على طول الحدود وتمنع أي تسلل إلى أراضيها.
• يجب عقد اتفاق يمنع إقامة أي تحصينات عسكرية للقوات الدولية أو غيرها في جنوب لبنان، وفقط يمكن السماح للقوات الدولية بالاحتفاظ بقوة إشرافية صغيرة على الحدود الإسرائيلية – السورية.
من خلال هذه النقاط الأربعة نلاحظ بكل وضوح، بأن منظور المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الجديد يهدف إلى الانزلاق بمفهوم قوات اليونيفيل نحو مفهوم جديد، يتضمن جملة من الاعتبارات التي تخدم مفهوم الأمن الإسرائيلي، وتتمثل هذه الاعتبارات في الآتي:
• توسيع نطاق الاختصاص المكاني لقوات اليونيفيل بحيث يتم تغيير منطقة المواجهة المخصصة لها بما يؤدي إلى التغيير الكامل للمسرح العسكري الذي تعمل ضمنه قوات اليونيفيل واستبداله بمسرح عسكري جديد يتضمن العاصمة بيروت والمناطق اللبنانية المواجهة للحدود السورية ومنطقة وادي البقاع.
• تغيير مهام قوات اليونيفيل باستبدال مفهوم وقف إطلاق النار ومنع العداوات العابرة للحدود الإسرائيلية – اللبنانية، وإحلال مفهوم جديد تتولى بموجبه القوات الدولية:
- فرض الرقابة على طول الحدود السورية – اللبنانية.
- القيام بحملات المداهمة والدوريات في مناطق العاصمة بيروت.
- السيطرة على وادي البقاع.
* اللوبي الإسرائيلي: منظور الفرص الضائعة في القرار الدولي 1701:
يرى خبراء اللوبي الإسرائيلي أن القرار 1701 يتضمن المزيد من الفرص الضائعة بالنسبة لإسرائيل التي تتمثل في:
• عدم تمديد مهام قوات اليونيفيل للقيام بالمساعدة في إنجاز جوهر القرار الأساس المتمثل في نزع سلاح الجماعات اللبنانية وتحديداً حزب الله.
• لم يتم الاستناد إلى الأساس القانوني الهادف لمنح قوات اليونيفيل تمديد الحيز المكاني لعملها بما يتضمن بقية الأراضي اللبنانية.
• لم يتم ربط القرار 1701 بالقرار 1559، بما يتيح لقوات اليونيفيل تمديد مهامها بما يشمل مناطق الحدود السورية – اللبنانية.
• لم يوقف حزب الله عملياته ضد إسرائيل بسبب وجود قوات اليونيفيل وإنما بسبب قرار حيز الله الهادف إلى التركيز على الوضع الداخلي اللبناني في المرحلة الحالية.
بالإضافة لذلك، أشار خبراء اللوبي الإسرائيلي إلى النقاط الآتية:
• أتاح القرار المخرج لإسرائيل من ورطتها العسكرية في جنوب لبنان خلال الحرب.
• أتاح القرار السبيل لتدخل واشنطن – باريس في الشأن اللبناني ولكن في الوقت الحالي أصبح هذا التدخل لا فائدة منه طالما أن حزب الله قد استطاع إعادة بناء ترسانته العسكرية ولم ينجح القرار في ردعه بالقدر الكافي.
هذا، ولجهة الإدراك الإسرائيلي إزاء حزب الله، يقول عويد عيران على الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مشيراً إلى النقاط الآتية:
• يمتلك الإسرائيليون شعوراً قوياً بأن الفرصة ظلت مفقودة خلال الفترة التي أعقبت حرب عام 2006م لجهة القيام بنزع سلاح حزب الله.
• تزايدت رغبة الإسرائيليين إزاء ضرورة القيام بالقضاء على قوة الحزب.
• يرى الإسرائيليون بأن القضاء على قوة حزب الله يتطلب القيام بالعمليتين الآتيتين:
- عملية عسكرية ناجحة ضد حزب الله.
- عملية دبلوماسية تعقب العملية العسكرية.
ويرى عويد عيران أن إنجاز العملية العسكرية والعملية الدبلوماسية يجب أن يتم بالارتباط الوثيق مع الآتي:
• بنود القرار الدولي 1701.
• إجبار الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي لجهة القيام بتنفيذ القرار الدولي 1559.
ويخلص الباحث عيران إلى أن شن حرب ثانية ضد حزب الله قد أصبح أمراً لا مفر منه، ويضيف أن الجيش الإسرائيلي يقوم في الوقت الراهن بإجراء استعداداته وتحضيراته اللازمة على النحو الذي يترتب عليه النجاح الحاسم في العملية العسكرية الجديدة ضد الحزب ويضيف كذلك بأن الاستعدادات العسكرية تترافق مع الاستعدادات والتجهيزات لإعداد سيناريو العملية الدبلوماسية التي ستعقب العملية العسكرية.
خلال الفترة الممتدة من لحظة انتهاء حرب صيف العام 2006م وحتى الآن برزت الكثير من التسريبات الإسرائيلية والأمريكية التي تطرقت لسيناريو دخول القوات الإسرائيلية مرة ثانية إلى جنوب لبنان، وبرغم أن هذه التسريبات ظلت تتوالى بشكل مضطرد فإننا نلاحظ الآتي:
• احتفاظ إسرائيل بعض الفرق العسكرية في المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية مع سوريا ولبنان.
• تصريحات وتسريبات كبار قادة وجنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي تتحدث عن تجدد النوايا بضرورة القيام بعمل عسكري ضد حزب الله وبدرجة أقل ضد سوريا.
على الصعيد الميداني، أشارت التسريبات إلى أن العملية العسكرية يفترض أن تتم بعد اندلاع أحداث 9 أيار الماضي بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار، وقد فشل تنفيذ العملية بسبب نجاح حزب الله في حسم الصراع ميدانياً في أقل من 24 ساعة، الأمر الذي أفشل التحركات الإسرائيلية التي كانت تقوم على تقديرات الموقف التي كانت تفترض المزيد من التوتر والفوضى بما يخلق المبررات لتدخل القوات الإسرائيلية عبر النقاط والمواقع المفترض أن تكون تحت سيطرة مليشيات 14 آذار ولكن انهيار هذه المليشيات وعدم قدرتها على فرض السيطرة على المواقف التي حددها لها الإسرائيليون مسبقاً ترتب عليه عدول هيئة الأركان الإسرائيلية وقيادة الجيش عن القيام بعمليات الإنزال ونقل القوات الإسرائيلية.
حتى الآن، لم يتضح السيناريو الذي ستقوم القوات الإسرائيلية بتطبيقه في عملية اقتحام المسرح اللبناني، وعلى الأغلب أن تحاول القوات الإسرائيلية هذه المرة أما اللجوء للاستخدام المكثف لقوات الصدمة التي ستدخل جنوب لبنان أو اللجوء لعمليات الإنزال الجوي والبحري المكثفة تفادياً لسيناريو عبور الحدود الإسرائيلية – اللبنانية وهو السيناريو الذي أصبح حزب الله أكثر قدرة وخبرة على التعامل الميداني معه.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة