ليبيا تنافس الخليج... في سوق الدراما السورية
يبدو أن ليبيا بدأت تتحول إلى لاعب مؤثرٍ في الدراما العربية. فالدولة النفطية البعيدة التي كانت مهتمة بتمويل الصراعات في الماضي، تتخذ اليوم وجهاً جديداً، وتجد في لعبة الإعلام والفن مجالاً جديداً لضخ الفوائض المالية... ومنافسة الخليج. كان للدراما السورية تجربة قديمة مع التمويل الليبي في «حرب السنوات الأربع» لهيثم حقي (1985/ إنتاج داود شيخاني) الذي صور المغامرة البحرية الأميركية على الشواطئ الليبية في القرن التاسع عشر، في إسقاط على المناورات الجوية الأميركية في الثمانينات التي توجت بالغارة الشهيرة، وتكليف فنانين غير ليبيين معالجة موضوع محلي. وهو ما تجسد أيضاً في فيلم «أسد الصحراء» 1981 لمصطفى العقاد عن المجاهد عمر المختار، وكان للإنتاج الليبي المساهمة الأبرز في فيلم العقاد «الرسالة».
الفضائيات الليبية التي لم يكن يشاهدها أحد، أطلَّت السنة الماضية إطلالة خجولة، فشاهد بعضهم على قناة «الجماهيرية» مسلسل «باب الحارة» الجزء الثاني، حين كانت تفوتهم فرصة مشاهدته على قنوات أخرى، أو فضلوا هذه المشاهدة لأن الحلقة كانت بلا إعلانات. لكن في رمضان 2008، ومع ظهور فضائيتين هما «الليبية» و«ليبيا الشبابية»، إضافةً إلى «الجماهيرية»، فإن هذه القنوات قدمت وجبة دسمة من الأعمال الدرامية الجديدة، وخصوصاً السورية، بل إن أعمالاً بدوية أردنية ومسلسلات خليجية ظهرت على هذه الشاشات، حتى المسلسل الأكثر جماهيرية «باب الحارة» في جزئه الثالث، نجحت قناة «الليبية» في انتزاع حصريته من قناة mbc السعودية منتجة العمل، وإن كان العرض في القناتين يجري في الوقت نفسه. وحمل ذلك معه كمّاً من الإعلانات التي لم تكن محلية فحسب بل عربية أيضاً. كما احتفت هذه المحطة أخيراً بنجوم المسلسل، فاستضافت بطليه سامر المصري وصباح جزائري، وكاتبه مروان قاووق، الذين حظوا باستقبال حافل في طرابلس. وكانت «ليبيا الشبابية» قد أتت بالفنان الكبير دريد لحام إلى العاصمة الليبية، لتقديم برنامج منوعات يومي طيلة شهر رمضان الأخير. واليوم، لا تزال الشاشة الليبية تقدم وجبات درامية مغرية، وإن كان منها ما هو قديم ومعاد. لكن «الليبية» تعرض اليوم المسلسل الأردني الكبير «سلطانة»، وهو عرضه الثاني بعد «روتانا خليجية».
وفي حقل الإنتاج، كان للدعم الليبي دور في ظهور مسلسل «سقف العالم» لنجدت أنزور، السنة الماضية، وتزامن ذلك مع تصريحات لأنزور تؤيد نظرية المؤامرة على الدراما السورية، التي اتهم بها الخليج، مع معاناة هذه الدراما أزمة تسويق حينها. وفي رمضان الماضي، عرض مسلسل «بيت جدي» لرشاد كوكش، من تأليف مروان قاووق صاحب «باب الحارة» على قناة «الجماهيرية» الأكثر رسمية، كما عرض على فضائيات أخرى. وإن كانت هوية المنتج لم تجرِ الإشارة إليها، واكتُفي بعنوان سوري هو شركة «غولدن لاين» الجديدة، إلا أنه يجري الآن التداول بهوية المنتج الحقيقي بطريقة صريحة، وخصوصاً مع الإعلان عن تصوير جزء ثانٍ من المسلسل من المتوقع أن يخرجه المخرج الشاب تامر إسحاق. وكأن العمل هو نوع من «باب حارة» بإنتاج ليبي للمؤلف نفسه، وخصوصاً كنوع من المنافسة مع المسلسل الشهير الذي تتولىmbc إنتاج جزئه الرابع، علماً أنه لم يعلن عن مشاريع جديدة لأعمال بيئية شامية للموسم المقبل، عدا عن هذين المسلسلين.
وأخيراً فقد أعلن عن مشروع مشترك بين قناة «الليبية» والمنتج الأردني طارق زعيتر الذي يحقق حضوراً متزايداً في الدراما السورية، هو مسلسل «عمر المختار» الذي يستعد لإخراجه التونسي شوقي الماجري، مخرج «أسمهان». وحتى الآن، لم يكشف عن هوية مؤلف العمل ولا عن ممثليه، و«سيتناول المسلسل أكثر من عشرين عاماً من حياة المختار، إضافةً إلى أنه سيكون أغنى من فيلم مصطفى العقاد الشهير «أسد الصحراء» (1981)، في تفاصيله الاجتماعية واستعراض الحياة الليبية في تلك الحقبة الزمنية»، كما أوضح رئيس مجلس إدارة «الليبية» عبد السلام المشري. المسلسل الذي سيعرض في رمضان 2009، ويجري تصويره في ليبيا وإيطاليا والمغرب... هل حقاً سيتفوق على فيلم العقاد، والأهم من كل ذلك: كيف سينجو من فخ المقارنة؟
أسد الصحراء
مشروع فيلم «ظلم. سنوات العذاب» للمخرج نجدت أنزور، وسيناريو إيمان السعيد، عن قصة للزعيم الليبي معمر القذافي يصور مرحلة الاستعمار الإيطالي. إلا أن مراحل تصويره التي من المفترض أنها بدأت في جزيرة تريمتي الإيطالية الربيع الماضي، هي موضع تكتم. والفيلم رشح لبطولته النجم العالمي عمر الشريف، وتصل تكلفته إلى 50 مليون دولار. أما مسلسل «عمر المختار» (وهو ليس اسماً نهائياً) الذي يروي سيرة «شيخ المجاهدين» الليبيين، ، فهو يتعرض لمادة سبق أن عالجها فيلم مصطفى العقاد الشهير «أسد الصحراء». لكن الماجري لا يخشى مقارنة العمل الدرامي الجديد بالفيلم، موضحاً أن شخصية المجاهد الشهيد أهم من أن يجري حصرها في فيلم سينمائي واحد. ذلك أنها سيرة غنية بالأحداث والوقائع لكونها قد ارتبطت بوقائع الثورة الليبية، ومرحلة الاحتلال الإيطالي. ويجري حالياً الإعداد للعمل ضمن إمكانات عالية.
منار ديب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد