من الذي أفشل وساطة ساركوزي للسلام بين إسرائيل وسوريا
الجمل: سعى الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي جاهدا لكي يتولى الإمساك بزمام ملف الوساطة في محادثات السلام بين سوريا وإسرائيل, وما كان مثيرا للاهتمام هو إصرار ساركوزي المتزايد, برغم وجود الوسيط التركي: فما هي حقيقة التطورات الجارية في مساعي ساركوزي؟
ماذا تقول آخر المعلومات:
شهدت الفترة الماضية قدرا لا بأس به من التحركات الدبلوماسية الفرنسية على خط باريس-دمشق, وعلى خط باريس-تل أبيب, وفي هذا الخصوص نشير إلى التطورات الجارية حاليا, وفقا لبعض التسريبات الإسرائيلية الصادرة اليوم:
• قام اثنان من كبار الدبلوماسيين الفرنسيين بزيارة إسرائيل بشكل هادئ خلال منتصف شهر آذار (مارس) 2010م الماضي, وهما: باتريس باولي مدير شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الفرنسية, ونيكولاس غالاس مستشار الرئيس الفرنسي لشئون الشرق الأوسط.
• تزامنت زيارة الدبلوماسيان الفرنسيان مع زيارة السيناتور جو بايدن نائب الرئيس الأميركي الأخيرة, وعلى ما يبدو فقد كان هذا التزامن مقصودا في حد ذاته لجهة تفادي حدوث أي ضجة إعلامية.
• عقد الدبلوماسيان الفرنسيان لقاء مع الإسرائيليين دان ميريدور وزير المخابرات والطاقة النووية, وعوزي عراد مستشار الأمن القومي, إضافة إلى بعض المسئولين الإسرائيليين المعنيين بملف المحادثات السورية-الإسرائيلية غير المباشرة.
أكدت المعلومات والتسريبات الإسرائيلية الواردة اليوم, أن الدبلوماسيان الفرنسيان, قد عادا إلى باريس, بعد أن قاما بإجراء المزيد من التفاهمات والاستطلاعات الدبلوماسية في الساحة السياسية الإسرائيلية.
التقرير الدبلوماسي الفرنسي: ماذا قال الدبلوماسيان لساركوزي؟
بعد عودة الدبلوماسيان الفرنسيان إلى العاصمة الفرنسية باريس, قضيا فترة انهمكا فيها من أجل إعداد التقرير الخاص بزيارتهما الاستطلاعية الدبلوماسية لإسرائيل, وفي هذا الخصوص نشير إلى أن التقرير المشار إليه قد تم تسليمه مؤخرا للرئيس ساركوزي, وقد تضمن النقاط الآتية:
• لا توجد إمكانية لإقامة مفاوضات سورية-إسرائيلية في المستقبل القريب.
• يوجد المزيد من الشكوك بين سوريا وإسرائيل, إضافة إلى أن كل طرف يرفض تقديم أي تنازلات للطرف الآخر.
• إسرائيل ترفض بشكل قاطع مبدأ الانسحاب الكامل من الجولان السوري.
• سوريا أكدت بأنها غير مستعدة لقطع علاقاتها مع إيران وحزب الله اللبناني.
هذا, وأكدت التسريبات, بأن تقرير الدبلوماسيين الفرنسيين الذي رفعاه مؤخرا للرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي, قد تعرضا فيه بالتفصيل لما حدث في لقائهما مع عوزي عراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي, وقد تضمنت ملاحظات التقرير حول لقاء عوزي عراد الآتي:
• إن عوزي عراد الذي يتولى منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي, هو يتولى أيضا مسئولية ملف سورية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
• إن عوزي عراد هو الأكثر تشددا في الموقف إزاء سوريا, إضافة إلى أن له حضوره القوي لجهة التأثير في توجهات حكومة نتنياهو إزاء ملف سوريا.
هذا, وإضافة لذلك, تطرق التقرير إلى أن عوزي عراد, قد أكد للدبلوماسيين الفرنسيين الآتي:
• إن إسرائيل سوف لن تنسحب بالكامل من الجولان.
• إن إسرائيل ترفض مناقشة فكرة تبادل الأراضي بين سوريا-الأردن-لبنان-إسرائيل, حتى إذا كان ذلك يؤدي إلى احتفاظ إسرائيل بالجولان.
وبعد ذلك اختتم الدبلوماسيان الفرنسيان تقريرهما, بملاحظة قالا فيها: بأننا بعد أن استمعنا لحديث عوزي عراد (مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ملف سوريا في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) فقد أصبحنا أكثر قناعة ويقينا بأن زيارتنا لإسرائيل لم تكن سوى مضيعة للزمن, وبأنه لا توجد أي رغبة حقيقية واضحة في إسرائيل يمكن للدبلوماسية الفرنسية أن تبني عليها أي جهود للوساطة بما يتيح تحقيق أي تقدم في مسار المفاوضات الإسرائيلية مع سوريا.
نلاحظ أن النتيجة التي توصل إليها الدبلوماسيان الفرنسيان إزاء عدم رغبة إسرائيل ورفضها القاطع لأي جهود سلام حقيقية, هي نفس النتيجة التي توصل لها الأميركيون مؤخرا, ولن نقول بأن الموقف الإسرائيلي المتشدد إزاء جهود الوساطة الفرنسية هو نفس الموقف الإسرائيلي المتعنت إزاء جهود الوساطة الأميركية, ولكننا نقول بأنه يتوجب على الدبلوماسية الفرنسية أن تسعى من أجل العثور على السبل والوسائل والخيارات البديلة القادرة على تطويع الموقف الإسرائيلي و(تليين) رأس عوزي عراد وغيره.
ومن هذه الخيارات البديلة: لماذا لا تسعى فرنسا إلى التفاهم مع دول الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لجهة فرض المزيد من الضغوط على الإسرائيليين خاصة وأن الإدراك الدبلوماسي الفرنسي الأخير, قد جاء متطابقا بقدر كبير مع إدراك أغلبية الأوساط الدبلوماسية الأوروبية ومختلف شرائح الرأي العام الأوروبي, هذا, وبالتأكيد إذا سعى قصر الأليزيه إلى خيار فرض الضغوط على إسرائيل, فإن عوزي عراد وبنيامين نتنياهو لن يتجرأا مرة أخرى على إذلال الدبلوماسية الفرنسية, أما إذا لم يحدث ذلك, فعلى قصر الأليزيه أن يتوقع المزيد من الإذلال الإسرائيلي, وبما يفوق إذلال تل أبيب لنائب الرئيس الأميركي السيناتور جو بايدن شخصيا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد