هل يمكن للبابا إعادة التدين لأوروبا؟
تساءل الكاتب نك سبنسر بشأن مدى قدرة البابا بنديكت السادس عشر على إعادة التدين إلى أوروبا؟ وانتقد قيام الفاتيكان بتشكيل مجلس أساقفة من أجل بشارة جديدة، مضيفا أنها مؤسسة لا لزوم لها، ومشككا بنجاح الكنيسة الكاثوليكية في نشر "الإيمان".
وقال الكاتب، وهو مدير الدراسات في ثيوز وهي مؤسسة فكرية دينية في لندن، في مقال نشرته له مجلة فورين بوليسي الأميركية إنه وفقا لإحصائيات الفاتيكان، فقد ازداد عدد الكاثوليك خلال السنوات العشر الماضية بنسبة طيبة بحدود 11% وهي نسبة أكبر من تزايد عدد السكان في العالم.
لكنه أضاف أن حضور الكنيسة في دول تعتبر كاثوليكية بشكل تقليدي مثل فرنسا وألمانيا تراجع بنسبة 20%, موضحا أن عدد السياح في كاتدرائية باريس يزيد على عدد المترددين على الكنيسة بانتظام, وأنه بينما كان 91% من السكان في أيرلندا يترددون بانتظام على الكنائس قبل ثلاثين سنة، فإن الأساقفة المحليين هذه الأيام يفتقرون إلى المهنية والزعامة.
وبينما أشار سبنسر إلى أن مقاعد الكنيسة تبدو خالية هذه الأيام في ظل وفاة مئات الكهنة بشكل سنوي دون وجود من يخلفهم في مناصبهم، نسب إلى الصحفي الديني الأيرلندي ديفد كويم قوله "إنها ليست مجرد أزمة بل هي كارثة حلت خلال جيل".
وأضاف أن الجهاز الإداري الرسمي الجدي للفاتيكان ملتزم بمواجهة تلك الكارثة الجلية غير المسبوقة وبمحاولة توجيه الكنائس الأوروبية إلى "الحقيقة الدائمة لبشارة المسيح" والابتعاد عن نكران الله أو الإلحاد, وهو مكلف بإيجاد الوسائل وتنفيذها على الصعيدين الأبرشي والسياسي من أجل إقناع الأوروبيين بإعادة المسيح ليكون في صلب حياتهم.
وقال الكاتب إنه بينما انتشرت العلمانية في أوروبا كالنار في الهشيم واستبدل الكل تسابيح صلواتهم وصلبانهم بالوجبات السريعة والمسرحيات الهزلية، فلا يبدو أن الولايات المتحدة تحولت بالكامل إلى العلمانية، وأن باقي العالم انتهج طريقا أكثر ثباتا نحو المزيد من التدين.
وانتقد سبنسر تخصص الموارد لمشكلة قال إنه من غير المرجح انتشارها في العالم، ولكونها منتشرة في أوروبا بشكل استثنائي، مشيرا إلى ما سماه تشبث البابا بنديكت السادس عشر الألماني المولد المعروف سابقا بجوزيف راتيزنغر منذ أمد طويل بهدف سلفه البابا يوحنا بولص الثاني المتمثل في محاولة "الحفاظ على جذور وروح أوروبا المسيحية".
وقال إن هناك حافزا قويا يحرك البابا يتمثل في ما وصفه بانحطاط أركان المفاهيم الروحية الأوروبية والتي ستودي بمستقبل القارة على الصعيدين الدنيوي والأخروي، وإن ذلك هو ما يقف خلف تحفظاته بشأن كل من احتمال انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي ومحاضرته في روزنبرغ عام 2006.
وأوضح أنه بينما أعرب البابا عن تحفظاته بشأن الالتزام بأحكام الإسلام لأسباب إنسانية، فيبدو أن البابا بات يشعر الآن بكون خطر العلمانية هو أكثر شدة من الخطر المفترض الإسلام.
ومضى بالقول إن هواجس البابا والفاتيكان بخصوص بشارة أو مسيحية أوروبا هي ليست ببساطة مسألة تتعلق بزيادة عدد المصلين، بل تتعلق بمسألة انهيار الأركان السياسية والاجتماعية لأوروبا وللعالم بشكل أكبر، حيث إن البشارة الجديدة تتركز بشكل أكبر على تعزيز صلات أوروبا وربطها بجذورها الروحية، وهي بذلك تحمي مستقبل أوروبا السياسي والديني وليس فقط وضع الأشخاص في مقاعد الكنائس.
وفي حين تشكل الكنائس المستقلة واحدة من قصص النجاح الدينية القليلة في أوروبا وهي كنائس بشارة "إنجليكانية" أضاف الكاتب أن نجاح البشارة الكاثوليكية الجديدة في أوروبا ربما يتطلب وجود بنية كنسية غير مركزية، وهذا المأزق الذي يمكنه جعل مهمة مجلس الأساقفة صعبة جدا في الواقع.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن فورين بوليسي
التعليقات
مسيحييون بين الانجيل والتوراة
إضافة تعليق جديد