أثينا: خطة التقشف أمام البرلمان اليوم
لم يعد من خيارات أمام اليونان إلا الاستجابة لشروط المقرضين، أو المخاطرة بإعلان الإفلاس والخروج من العملة الأوروبية. وتُعرض خطة التقشف اليوم على البرلمان، وهي تقضي بتشديد إجراءات التقشف وخفض الإنفاق لتوفير مبلغ 325 مليون يورو إضافي هذه السنة.
وتمثل المصادقة أحد الشروط المسبقة التي وضعها المقرضون للموافقة على صفقة جديدة تمكّن اليونان من الاستفادة من قروض بقيمة 130 بليون يورو. وقال رئيس الوزراء السابق زعيم الحزب الاشتراكي جورج باباندريو، «لا خيار أمام اليونان سوى المصادقة على إجراءات التقشف المطلوبة، ولا مجال للرفض بل لتحمل المسؤولية»، على أمل الحصول على حزمة القروض الإضافية.
ويعقد وزراء المال الأوروبيون اجتماعاً استثنائياً آخر، الأربعاء المقبل، لمراجعة الإجراءات التي كانوا طالبوا أثينا باتخاذها خلال لقائهم منتصف الأسبوع الماضي في بروكسيل. واتسعت حركة الاحتجاج في اليومين الماضيين عشية جلسة البرلمان لمناقشة خطة التقشف والخفوضات المهمة في الرواتب. وبلغ التذمر درجة جعلت رجال الأمن يهددون باعتقال خبراء الاتحاد الأوروبي الموجودين في أثنيا للمساعدة على تدبير خطة التقشف، إلى جانب موظفي الدولة اليونانية.
وأفادت وكالة «رويترز» بأن نقابات رجال الأمن هددت في كتاب أرسلته إلى رؤساء مؤسسات الاتحاد، باعتقال خبراء المفوضية الأوروبية وصندوق النقد، واتهمتهم «بالابتزاز ومس النظام الديموقراطي والسيادة الوطنية» لليونان.
واشتدت الأزمة على الصعيد السياسي مع استقالة ستة وزراء تابعين لليمين المتطرف، هددوا بالتصويت ضد الخطة المعروضة على البرلمان. لكن حكومة ائتلاف رئيس الوزراء لوكاس باباديموس (حزب المحافظين) تحظى بقاعدة عريضة في البرلمان بفعل التحالف مع نواب الحزب الاشتراكي اليوناني، على رغم تمرد بعض أعضائه احتجاجاً على تشديد إجراءات التقشف.
وتقضي الخطة بخفض أدنى الرواتب بنسبة 22 في المئة، وتقليص موازنة التقاعد بقيمة 300 مليون يورو، ونفقات الصحة والدفاع. وحذرت الحكومة من أن رفض خطة التقشف «يدفع البلاد إلى مصير مجهول ويزج بها في طريق الهاوية».
وحذر نائب وزير المال اليوناني فيليبوس ساشينيديس، من احتمال «إعلان الإفلاس ومواجهة عواقب غير محدودة، في حال عدم المصادقة على خطة التقشف للحصول في المقابل على حزمة القروض الثانية بـ130 بليون يورو. وربما ينهار النظام المصرفي وتعجز البلاد عن استيراد المواد الخام والأدوية وبعض المواد الأولية الأساسية». وتطالب اليونان بتسديد مستحقاتها في 20 آذار (مارس) البالغة 14.5 بليون يورو.
ويكاد صبر الأوروبيين ينفد نتيجة استمرار الأزمة اليونانية منذ العام 2010 من دون التوصل إلى وضعٍ يمكّن البلاد من الاستقرار المالي وتنفيذ إجراءات الإصلاح الضريبي لجمع موارد الخزانة، على رغم خطة القروض السابقة والبالغة 110 بلايين.
وأشارت إحصاءات وزارة المال اليونانية، إلى أن إدارة الضرائب توصلت إلى جمع واحد في المئة فقط من غرامات الضرائب، بلغ 8.6 بليون في العامين الماضيين. ويضعف عجز الإدارة، الحكومة في جولات التفاوض مع خبراء المفوضية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد، ما دفع مسؤولين ألماناً في صفوف المحافظين إلى اقتراح وضع اليونان تحت وصاية أوروبية، لأنها عاجــزة عن إدارة الأزمة المالية، ما أثار زوبعة سياسية في دوائر الاتحاد.
لكن عدد الخبراء الأجانب يتزايد لمساعدة زملائهم فـــي أثنيا على وضع أدوات لتنفيذ الإصلاحات المقررة. وتمثل تعزيزات الخبراء الأوروبيين في أثينــا أحــد شروط صفقة القروض.
وقال الناطق الرسمي الأوروبي اماديو التفاخ، إن «الخبراء الأوروبيين سيقدمون المساعدة والتدريب، لكن صلاحيات التنفيذ والمسؤولية السياسية تظل في يد الحكومة اليونانية. كما يطالب الاتحاد الأحزاب السياسية الكبيرة بالتزام تنفيذ الاتفاقات مهما تغيرت التحالفات السياسية في المستقبل.
وأمل رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكير، في «التوصل إلى اتفاق في اجتماع وزراء المال الأربعاء المقبل حول صفقة القروض وفق شروط باتخاذ مزيد من تدابير التقشف، وبعد توصل المصارف الخاصة إلى اتفاق حول شطب جزء من الديون المستحقة».
ويُتوقع أن يساهم البنك المركزي الأوروبي في شطب جزء من فوائد السندات اليونانية. وتهدف المساعدة إلى خفض معدل الدين العام من أكثر 140 في المئة من الناتج العام الماضي إلى 120 في المئة. وتطالب الدول الأوروبية حكومة باباديموس بأن «يصادق البرلمان اليوناني اليوم على خطة لتوفير 325 مليون يورو إضافية هذه السنة، وهي حصيلة الخفوضات التي كان رفضها اليمين المحافظ، وتتصل بتقليص منح التقاعد، إضافة إلى خفض أدنى الرواتب بنسبة 22 في المئة وإلغاء 150 ألف وظيفة في القطاع العام. وارتفع عدد العاطلين من العمل إلى مليون أو 21 في المئة من السكان في سن العمل. وقدر عدد العاطلين من العمل في صفوف الشباب بنسبة 50 في المئة تقريباً، وتُعدّ اليونان 11 مليون نسمة.
وكانت الحكومة وافقت ليل أول من أمس، على خطة التقشف، وأعلن مكتب رئيس الوزراء في تصريح الى وكالة «فرانس برس»، «الموافقة بالإجماع». وكان باباديموس حذر من «فوضى تؤدي إلى انفلات» في غياب خطة تقشف. ووجه باباديموس هذا التحذير خلال جلسة مجلس الوزراء، واعتبر أن «كل مَن يعارض الخطة لا يمكنه البقاء في الحكومة».
وشلّ إضراب دعت إليه أكبر نقابتين انتهى أمس، وسط أثينا.
وأكد باباديموس متوجهاً إلى المسؤولين، إدراكه أن «القرار الواجب عليكم اتخاذه مؤلم، لكن إفلاس اليونان ليس خياراً يمكننا السماح به». وأعلن «خفض الأرباح المتوقعة من برنامج التخصيص إلى 19 بليون يورو بدلاً من 50 بليوناً».
نور الدين الفريضي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد