أداء الكونغرس في عهد بوش الابن: ثراء وفساد وشذوذ
الجمل: أكدت كل التحليلات التي تصدت إلى تقييم أداء الكونغرس الأمريكي الحالي، إلى أنه كان الأكثر سوءاً في كل تاريخ المؤسسات التي تعاقبت على السلطة التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقول التحليلات الصادرة، بأن السنوات الست الماضية من عمر الكونغرس، لم تكن مليئة بالفضائح والعار، والفساد والرشاوى، وحسب، بل وتحول فيها الكونغرس إلى زمرة من العصابات، ومافيات (الزعران)، ولم ينحرف الكونغرس الأمريكي الحالي في الدورة (109) عن القيم والتقاليد والمعايير التشريعية وحسب، بل كشف على نحو فاضح، وعلني، الكيفية التي تتم بها إدارة الليبرالية والديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويمكن توضيح أبرز الخصائص والسمات العامة التي ميزت أداء الكونغرس الأمريكي الحالية في السنوات الست الماضية:
- استخدام الدسائس والمكائد: كل القوانين والتشريعات التي تم تمريرها والمصادقة عليها بواسطة مجلس النواب والشيوخ، كانت تتم عن طريق الأيدي الخفية التي تقوم بتحريكها اللوبيات المنتشرة في الساحة السياسية الأمريكية.
- إنجاز أقل ما يمكن، وتضخيم القليل الذي تم إنجازه بأكبر قدر ممكن: لم يقم الكونغرس الأمريكي بإنجاز شيء ذو أهمية لمستقبل أمريكا والأمريكيين، وليس هناك سوى الضجة الإعلامية التي تقوم بها شبكات الإعلام الداعمة للمحافظين الجدد والحزب الجمهوري حول (عظمة) وفخامة ما قام الكونغرس بإنجازه.
- إفساح المجال أمام الرئيس الأمريكي ليقوم بتنفيذ ما يريده: يقوم النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية على مبدأ فصل السلطات، وتلعب السلطة التشريعية ممثلة في الكونغرس دوراً هاماً في ضبط حركة الرئيس الأمريكي ومؤسسات الإدارة الأمريكية، وذلك بما يحقق توازن المصالح والقيم في عملية اقتسام وتوزيع السلطات والصلاحيات.. وبرغم سريان واستمرار هذا التقليد لبضع مئات من السنوات، إلا أن الكونغرس الأمريكي الحالي كان مثله مثل كل دوائر ومديريات الإدارة الأمريكية، وكان ينفذ حرفياً كل ما يريده ويطلبه ويرغب فيه الرئيس جورج دبليو بوش، بشكل أدى بالكامل إلى تغييب فعالية وكفاءة دور السلطة التشريعية في أمريكا، خلال السنوات الست الماضية.
- الاتفاق، وليس سوى المزيد من الاتفاق: لقد وافق وصادق وأجاز، وأقر الكونغرس الأمريكي كل الميزانيات التي تقدمها إليه، وذلك في سابقة خطيرة من نوعها، لم يحدث مثلها في كل المراحل التاريخية السابقة التي أعقبت استقلال أمريكا.. وقد اتضح بشكل مؤكد دور الشركات وأصحاب العقودات واللوبيات، في دفع الكونغرس لتقديم موافقاته على الميزانيات وطلبات التخصيصات المالية التي يتم تقديمها له، وقد تأكد تورط معظم أعضاء الكونغرس في صفقات جانبية وتلقي الكثير من العمولات والرشاوى من اللوبيات وجماعات المصالح، المعنية بأمر هذه الميزانيات،
- المنفعة الخاصة: القيمة الأخلاقية السياسية التي كان يحتكم إليها أعضاء الكونغرس الحالي، ليست المصلحة الأمريكية العامة، وإنما لمصلحة الخاصة، المتعلقة حصراً بـ(جيب) عضو الكونغرس.. وحالياً يلاحظ الأمريكيون في مختلف الولايات الأمريكية مدى الثراء الفاحش الذي أصبح يتميز به أعضاء الكونغرس الأمريكي الحالي.
وعموماً يمكن القول: إن ما كان يحدث على وجه الدقة داخل الكونغرس الأمريكي يتمثل في: صفقات الغرف الخلفية الرخيصة، سوء استخدام السلطة، الالتفاف على الحقيقة والقانون، كراهية الديمقراطية، والمحاباة، وأخيراً: الفساد المالي، والشذوذ الجنسي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد