إسـرائيـل تتجـه لانتخابـات فـي شـباط
أصيبت الحلبة السياسية الإسرائيلية بأسرها بعدوى قصر النفس الذي أصاب رئيسة الحكومة المكلفة تسيبي ليفني، ودفعها إلى إعادة التكليف للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز والتوصية بتقديم موعد الانتخابات. وأبلغ بيريز الكنيست أمس، قبل نهاية مهلة الأيام التشاورية الثلاثة، أن غالبية الأحزاب لا ترى فرصة لتشكيل حكومة حاليا وأنها تريد انتخابات مبكرة. وهكذا تحول الخطاب الاحتفالي التقليدي للرئيس الإسرائيلي في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، إلى نشيد الوداع لها وإلى إشارة بدء المعركة الانتخابية.
وقال بيريز أمام الكنيست »لا أرى إمكانا لتشكيل حكومة«، مقدما هذه التوصية كتابيا في مغلف رسمي، لرئيسة الكنيست داليا ايتسيك، بحضور رئيس الحكومة المستقيل إيهود أولمرت وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو.
وفي حفل افتتاح الدورة الشتوية، قالت ايتسيك إنها أعدت ثلاثة خطابات وكانت تأمل أن تقدم للكنيست تشكيلة حكومية. ورأت أن إسرائيل بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية، وخصوصا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. وطالبت بأن تكون الحملة الانتخابية بعيدة عن التجريح والاتهامات المتبادلة.
وشدد بيريز في خطابه على حاجة إسرائيل إلى معركة انتخابية تبتعد عن الشعارات الفارغة. وقال إن الدورة الشتوية للكنيست تفتتح »على خلفية هزات داخلية وخارجية تثير قلقا شديدا في قلب كل مواطن. فالسيرورة الصعبة التي قطعت في نهايتها أيام الحكومة تثير علامات استفهام وتقلق كل بيت في إسرائيل«.
وقام بيريز بتشخيص الوضع الراهن في إسرائيل، قائلا إن »الثقة بأداء المؤسسات السلطوية تضعف، والأهم أن ثقة الجمهور بممثليه تضررت. ومحظور إخفاء هذه الحقيقة غير اللطيفة، أو تغطيتها بعيدا عن جدول أعمالنا. وهذا هو الوقت لأن تجري فيه الكنيست والحلبة السياسية في إسرائيل حساب نفس ثاقبا. فالوقت غير متأخر أبدا على الإصلاح«.
وطالب نتنياهو، الذي يعتبر أسعد انسان في إسرائيل بسبب تقديم موعد الانتخابات، بوجوب ابتعاد الحكومة الحالية في المرحلة الانتقالية عن أي خطوات بعيدة الأثر سياسيا أو اقتصاديا. وأعلن أن هدفه الواضح هو الفوز في الانتخابات وقيادة الدولة وفق خطوط قومية ـ أمنية، مشيرا إلى أنه سيعمل بعد فوزه في الانتخابات المقبلة على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزبي »كديما« و»العمل« من أجل الإنقاذ الاقتصادي من الإعصار القادم.
واعتبر نتنياهو، الذي أطلق حملته الانتخابية، أن »أيام حكومة من دون رؤية، من دون وجهة، ومن دون إنجازات، تبلغ نهايتها. وبوسع مواطني إسرائيل أن يختاروا قريبا بين أمرين: سياسة فشلت: في لبنان، في غزة، في التعليم، في الأمن الداخلي، تقريبا في كل مجال، أم سياسة أثبتت نفسها في الماضي وستثبت نفسها في المستقبل«. وقال إن التحديات التي تواجه إسرائيل هي الأزمة الاقتصادية والتعليم والتحديات الأمنية.
وكان جليا في الكلمات التي ألقيت في الكنيست أمس، أن الرسالة التي حملها خطاب أولمرت تمثلت في إعلانه رفض الاقتراحات بتنازله عن رئاسة الحكومة الانتقالية. وقال إنه سيواصل قيادة الدولة إلى ما بعد إجراء الانتخابات وإلى حين تسلم الحكومة الجديدة مهامها، مشددا على أنه سيتخذ خلال تلك الفترة القرارات التي يرى أنها في مصلحة إسرائيل داخليا وخارجيا. وأضاف أنه لن يتم تجميد النشاط، موضحا أن هناك قرارات يجب اتخاذها. تجدر الإشارة إلى أن كلام أولمرت يعني أنه سيبقى رئيسا للحكومة الإسرائيلية على الأقل حتى أواخر شباط المقبل.
وينص القانون في إسرائيل على أنه من لحظة إعلان الرئيس عن الحاجة إلى انتخابات مبكرة بسبب تعذر تشكيل حكومة، يبدأ العد الرسمي لمهلة المئة وأحد عشر يوما. وهذه المهلة هي عمليا ثلاثة أسابيع يحق خلالها لواحد وستين عضو كنيست (الغالبية المطلقة) التقدم للرئيس باقتراح تكليف شخص محدد بتشكيل حكومة تمنع الذهاب إلى انتخابات مبكرة (ويعتبر هذا الاحتمال ضعيفا جدا في الوضع الراهن برغم أنه متاح قانونا). وإذا لم يقدم أعضاء الكنيست هؤلاء اقتراحا بتكليف شخص، يبدأ رسميا بشكل تلقائي العمل من أجل إجراء الانتخابات في يوم الثلاثاء الأخير من مهلة التسعين يوما. وتخدم مهلة التسعين يوما للإعداد للانتخابات ولإجراء الحملات الانتخابية. لكن، كما هو معتاد فإن بوسع رؤساء الكتل البرلمانية الاتفاق على موعد آخر.
ومن المقرر أن تكون الدورة الشتوية للكنيست والتي افتتحت أمس، أقصر دورة برلمانية في تاريخ إسرائيل. وتشير المعطيات المتوفرة الآن الى أن هذه الدورة ستنتهي يوم الأربعاء من الأسبوع المقبل، أي بعد تسعة أيام على افتتاحها. وتبين ذلك من المداولات التي جرت أمس بين رؤساء الكتل الثلاث الكبرى (كديما والعمل والليكود) ورئيسة الكنيست. ويبدو أن هذه الأحزاب ستتفق قريبا على موعد الانتخابات المبكرة ضمن واحد من ثلاثة: ٢٧ كانون الأول او ٣ شباط او ١٠ شباط. ويرجح المعلقون الإسرائيليون أن يتم التوافق على العاشر من شباط، بوصفه الموعد الأقل إثارة للتذمر بين الأحزاب الإسرائيلية.
وفي إطار المعركة الانتخابية، بلورت ليفني توجهها على أساس أنها زعيمة لا تخضع للابتزاز الحريدي وأنها فعلا تمثل خط »التعامل السياسي المختلف« وطهارة الكف. وبدأت الحملات ضدها من قبل الكثير من القوى سواء في اليمين أو اليسار. وهاجم رئيــس »شاس« إيلي يشاي ليفني و»كديما« ووصـفهما »بالمنافقين، العنصريين والمتبجحين«. وقال إن ليفني ورجالها تعاملوا مع »شاس« خلال المفاوضات الائتلافية بأبوية وقادوا إلى »خروج المارد الطائفي بأبشع صورة«.
وبدا واضحا أن نتنياهو واليمين يبنيان أطروحتهما الانتخابية على أساس أن ليفني ستقسم القدس وستتنازل عن هضبة الجولان. ويصر نتنياهو على وضع »العمل« و »كديما« في سلة واحدة، عبر التركيز على وجود معسكرين وتوجهين سياسيين. ويمكن القول إن »العمل« الذي يعاني مصاعب جمة في إطلاق رسالة، لم يجد سوى إعلان رئيسه إيهود باراك عن أن حزبه سيحارب »الرأسمالية الخنزيرية« التي يدعو إليها اليمين، ويقصد في ذلك »الليكود« و»كديما«. لكن من الصعب رؤية مقدار نجاح حزب »العمل« في إطلاق هذه الرسالة.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد