الأمريكي غير متعجل لحل الأزمة السورية
يكثر الحديث الإعلامي عن وجود اتفاق روسي أمريكي حول سوريا، بالتزامن مع اشتعال الحرب السورية كما ونوعا، ورغم التصريحات المتفائلة التي تتحدث عن اتفاق هنا وعن توافق هناك، تفيد المعلومات المؤكدة في العاصمة الفرنسية باريس أن الاتفاق الأمريكي الروسي ليس له أي وجود على ارض الواقع باستثناء أمر مؤكد هو اتفاق البلدين على الابتعاد عن الصدام المباشر، ما حتم الابتعاد عن مجلس الأمن الدولي منذ عام تقريبا، بعد أن جعلت فرنسا وقطر من المجلس خلية عمل مستمرة ضد سوريا بين النصف الثاني من العام 2011 والنصف الأول من العام 2012.
وتقول مصادر فرنسية عليمة، أن الخلاف الروسي الأمريكي أساسه يعود الى ان الروس يعرفون ماذا يريدون في سوريا، بينما الأمريكي لا يعرف ماذا يريد، وهو يتعامل مع الأزمة مرحليا، بينما يوجد في واشنطن اكثر من رأي حول سوريا جعلت المواقف الأمريكية مليئة بالضبابية، وأعطت هامشا كبيرا من المساحة للحلفاء الإقليمين خصوصا تركيا وقطر والسعودية وللحلفاء الأوروبيين فرنسا وبريطانيا .
وتسود في واشنطن اكثر من رؤية للتعامل مع الأزمة السورية، لم يحسم أوباما قراره مع اي منها بشكل واضح، فيما لا يريد وزير الخارجية جون كيري الاستعجال باعتماد استراتيجية واضحة قبل تبيان معالم خريطة عسكرية على الأرض، فيما يعمل الفريق الحالي الموجود في الخارجية الأمريكية وغير الراضي عن تعيين كيري وزيرا للخارجية، يعمل هذا الفريق في اتجاه تصعيد الوضع وتبني سياسة تسليح للمعارضة تفرض امرا واقعا على سياسة كيري .
هنا يبدو الفارق شاسعا بين الروس والأمريكان في كل ما يتعلق بالأزمة السورية، حسب المراجع التي تصف السياسة الروسية بالمحددة والواضحة التي تعرف ماذا تريد، وهي مستعدة لمرونة كبيرة في الأمور التي تتعلق ببنود اتفاق جنيف، بينما لا توجد استراتيجية أمريكية واضحة في سوريا. وزيادة على الأسباب التي ذكرناها، يبدو ان القطريين والسعوديين لديهم تأثير معنوي ومالي كبير على قسم من الممسكين بالملف السوري وعلى رأسهم السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد، والشخص الثاني الممسك بالملف وهو السفير السابق فريديريك هوف. وترجع المصادر الفرنسية قوة فورد الى علاقته الوطيدة بباراك أوباما وهو يماثل في حالته حالة ميخائيل بوغدانوف في روسيا .
وفيما تسير موسكو في اتجاه واضح عبر دعم النظام في دمشق طالما بقي الجيش السوري داعما له، تبقى واشنطن بعيدة عن العمل المباشر تاركة العمل لسماسرة إقليمين وأوروبيين بانتظار انتصار طرف على طرف في الحرب السورية التي تقدر واشنطن ان ميزان الكفة العسكري فيها لن يميل لصالح أحد طرفي الصراع قبل سنتين على اقل تقدير يعني بعد العام 2014 موعد الاستحقاق الرئاسي السوري .
وحسب مراجع فرنسية متابعة للموضوع، يتعامل طاقم الخارجية الأمريكية مع الوضع السوري من ثلاث زوايا مختلفة هي التالية:
ان الأخطاء التي ترتكبها قطر او فرنسا لا تلزم الولايات المتحدة بشيء ولا تحملها أية مسوؤلية.
ليس هناك لحد الآن أي خطر على المصالح الأمريكية من الحرب الدائرة حاليا في سوريا.
لم تخرج الحرب عن النطاق الجغرافي لسوريا ويجب وضع استراتيجية لعدم السماح بخروجها الى الدول المجاورة لسوريا والتي تعتبر كلها حليفة لواشنطن.
المراجع الفرنسية العليمة، تشير الى صعوبة الفريق الأمريكي الذي يتعامل في الشأن السوري، وتطرفه من قطبة مخفية لا يعرفها الكثيرون وهي أن مجمل هذا الفريق عمل سابقا في نيكاراغوا مع منظمة "الكونترا"، وهو حاليا يطبق تجربته السابقة في سوريا مع الجماعات المسلحة عبر المال القطري والتسليح الخليجي والأوروبي.
وكان السفير الأمريكي في سوريا روبرت فورد، قال في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي يوم الأربعاء الماضي، إننا بحاجة إلى تغيير حسابات بشار الأسد لأنه ما يزال يعتقد أنه سيربح عسكريا. ولذا فإننا نعمل مع شركائنا على تقوية المعارضة، وتغيير ميزان القوى على الأرض من أجل إعطاء المعارضة القوة التي تحتاجها للتفاوض وتغيير حسابات الاسد."
نضال حمادة
المصدر: المنار
إضافة تعليق جديد