الانترنت والإدمان جديد شباب عصر التكنولوجيا

22-09-2008

الانترنت والإدمان جديد شباب عصر التكنولوجيا

أصبح الانترنت رعباً يهدد الأسر في أنحاء العالم وغدت غرف الدردشة مصيدة للصغار والمراهقين نحو ما يسمى إدمان الانترنت حتى وصلت الأمور إلى حد الانتحار أو الموت نتيجة لمواصلة المستخدم جلوسه أمام شبكة الإنترنت لفترات طويلة، دون البحث عن الأسباب التي تجعله يقضي كل هذا الوقت أمام الشبكة العنكبوتية. بسبب تفشي هذه الظاهرة في مختلف أنحاء العالم صدر أخيراً حول هذا الموضوع كتاب بعنوان: (الوقوع في الشبكة). وكشف عن أن الإدمان على الإنترنت أصبح يطول ما بين 5 و10% من الأميركيين أي من 15 إلى ثلاثين مليونا وربما تكون المشكلة أعظم في بلاد أخرى وفي بلاد كالصين وتايوان وكوريا حيث الإنترنت أكثر شعبية، تتراوح نسبة الإدمان بين 18 و30% من السكان.
 يمكن أن نعرف إدمان الإنترنت بأنه حالة من الاستخدام المرضي وغير التوافقي للانترنت يؤدي إلى اضطرابات في السلوك ويستدل عليها بعدة ظواهر منها زيادة عدد الساعات أمام الكمبيوتر بشكل مطرد تتجاوز الفترات التي حددها الفرد لنفسه في البداية، ومواصلة الجلوس أمام الشبكة على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل السهر، الأرق، التأخر في العمل، إهمال الواجبات الأسرية والزوجية وما يعقبه من خلافات ومشاكل، هذا بالإضافة إلى التوتر والقلق الشديدين في حالة وجود أي عائق للاتصال بالشبكة قد تصل إلى حد الاكتئاب إذا ما طالت فترة ابتعاده عن الدخول على الانترنت.

ويرى العلماء أن إدمان الانترنت مرض له أعراض واضحة كبقية الأمراض ومن أعراضه هرع الشخص إلى الانترنت بمجرد استيقاظه من النوم، ليتجه لتصفح صندوق بريده الإلكتروني ظناً منه أنه سيجد رسالة ما مهمة تنتظره، فالمدمن للإنترنت لديه إحساس دائم أنه ستصله رسالة مهمة فيتصفح بريده الإلكتروني عدة مرات خلال اليوم بحثا عن هذه الرسالة المهمة المزعومة، وهذا يؤثر على مهامه الاجتماعية فلو كان طالباً يهمل في دراسته أو لو كان يعمل فيبدأ في تأخير مواعيد عمله، أو يصطحب معه الكمبيوتر المحمول للعمل لتصفح الإنترنت هناك، كما ينسحب من الواقع ويصنع عالماً من العلاقات التخيلية أمام الشاشة لدرجة أنه يأكل أمام الكمبيوتر.

أما عن الآثار النفسية لإدمان الإنترنت فيرى المختصون أن مدمن الانترنت تحدث له حالة من القلق والاكتئاب والإفراط في تناول الطعام كما يشعر بالوحدة والانطواء، ويتسبب إدمان الإنترنت في عدم قدرته على المواجهة اجتماعياً وهو ما يعكس نقصاً في البناء والنضج النفسي لديه، فتقل لديه مهارات التواصل ولا يستطيع أن يدخل في علاقات حميمية مع الآخرين، ولا يستطيع التعبير عن نفسه بسهولة وتقل قدرته على اتخاذ القرار.

أكد باحثون متخصصون أن إدمان الانترنت أدى بالبعض إلى فقدان علاقات اجتماعية أو زوجية وتأخر وظيفي، كما أدى بالبعض للانطواء والعزوف عن المجتمع. ويشير أحد الباحثين إلى أن إدمان الانترنت لا يصيب البالغين فقط بل الأطفال أيضاً وخاصة مع توافر الجديد كل يوم في ألعاب الكومبيوتر، وهذا الإدمان ينعكس سلبيا وبشكل أكبر من البالغين على حياة الطفل ومواعيد نومه ودراسته ويصبح انطوائيا لا يخرج مع أصدقائه أو يمارس أي هوايات أخرى سوى الجلوس على الشبكة بلا كلل أو ملل.

والمشكلة لا تقتصر على وقت استخدام الحاسوب فقط بل تطول المحتوى الذي يتعاطاه المدمن.
فبعض الناس قد يستخدمون الإنترنت كالكحول مثلا غير أنهم لا يدمنونه لكن عند فقدان السيطرة تصبح المسألة إدماناً.
كما أنه لا ينبغي النظر فقط لمقدار الوقت الذي يقضيه المرء مع الإنترنت، بل أيضاً لنوعية ذلك وكيفية تأثيره في حياته.
وليست هناك أدوية فاعلة لعلاج الإدمان بعد، ويتفاوت الوقت المقدر للعلاج بين مريض وآخر. لكن بعض الخبراء يرون أن إدمان الإنترنت كأي إدمان آخر يتطلب علاجا مدى الحياة، ويقولون: إن هذه المشكلة قد تعاود نشاطها في أي وقت إذا لم يواصل الشخص علاجه. وإضافة لمراكز العلاج الخاصة، هناك عدد من المنظمات والبرامج العلاجية (غير الربحية) التي أنشئت لمساعدة مرضى إدمان الإنترنت على الإقلاع.
يُذكر أن ألعاب الفيديو أسرع صور إدمان الإنترنت انتشارا بين الشباب، وفي البداية انشغل المعالجون بالإدمان على التصفح القهري وحجرات الدردشة والجماعات الافتراضية، لكن يزداد اهتمامهم حاليا بدراسات إدمان ألعاب الفيديو.
وتشير مصادر صناعة وتطوير ألعاب الفيديو إلى زيادة كبيرة في عدد لاعبيها على الإنترنت. ويقدر أن الأغلبية العظمى للألعاب على الشبكة العنكبوتية (ربما من 90 إلى 95%) متاحة مجانا.
ومدمنو الإنترنت أنفسهم أشكال وألوان، وهناك خمسة أنواع موصوفة من إدمان الإنترنت حتى الآن.
1- الإدمان الجنسي: وهو ولع مستخدم الإنترنت بالمواقع الإباحية وغرف المحادثة الرومانسية، وقد يرتبط هذا بعدم الإشباع العاطفي لدى الشخص أو بمعاناته من حالة نفسية معينة.
2- إدمان الدردشة: وفيه يستغني مستخدم الإنترنت بعلاقاته الإلكترونية عن علاقاته الواقعية.
3- الإدمان المالي: وهو ولع الشخص بالصرف المالي على الشبكة فيما ليس له حاجة فيه، كالقمار والدخول في المزادات وأسواق المال لأجل المتعة لا التجارة الحقيقية.
4- الإدمان المعرفي: وهو انبهار الشخص بحجم المعلومات المتوافرة على الشبكة لدرجة انصرافه عن واجبات حياته الأساسية.
5- إدمان الألعاب: وهو الولع بالألعاب المتوافرة على الشبكة بحيث تؤثر في الوظائف الأساسية في الواقع الحياتي كالدراسة والعمل والواجبات المنزلية.

أنشأت الصين مركزا لعلاج إدمان الانترنت في منطقة داكسينج حيث اتبعت مزيجاً من جلسات العلاج والتدريبات العسكرية للعلاج من إدمان الدخول على مواقع الألعاب ومواقع جنسية وإباحية ومواقع للدردشة على الانترنت. ومركز داكسينج الذي تموله الحكومة ويديره كولونيل من الجيش تحت إشراف المستشفى العسكري في بكين واحد من عدد محدود من المراكز التي تعالج من إدمان الانترنت في الصين. وينام المرضى وأغلبيتهم الساحقة من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14و 19عاماً في عنابر جماعية ويستيقظون في السادسة والربع صباحا لأداء تمارين رياضية والسير بخطوات عسكرية على الأرض الممهدة بالخرسانة مرتدين زي تمويه خاكي اللون. ويلقي المدربون أوامرهم بصوت عال عندما لا يكونون في جلسات استشارات نفسية فردية أو جماعية. ويشمل العلاج تقليد العاب الحروب بأسلحة ليزر.
وأسلوب المركز المعتمد على المزج بين الشدة والعطف متميز في كسر إدمان الانترنت لكنه ضروري في بلد يعاني فيه نحو مليوني شاب من هذا المرض كما يقول العاملون في المركز.
وعالج المركز نحو 1500مريض بهذه الطريقة منذ أن افتتح عام 2004وحقق نسبة نجاح بلغت 70 بالمئة في القضاء على الإدمان.
ويتكلف العلاج في المركز نحو عشرة آلاف يوان (1290دولاراً) شهرياً أي ما يقرب من متوسط الدخل السنوي في الصين. لكن تاو ران مدير المركز يقول إنه يستقبل حالات من الفقراء مجانا لتحقيق المصلحة العامة.

ميس العاني

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...