الخلافات المتوقعةبين إدارةأوباما وحكومة نتنياهو وحملةروس على أوباما

الجمل: تشير تطورات الوقائع الجارية باتجاه حدوث المزيد من الخلافات على خط واشنطن – تل أبيب ومن أبرز الدلائل على ذلك عدم وضوح الموقف الأمريكي الرسمي إزاء التوجهات الإسرائيلية وعدم وضوح الموقف الإسرائيلي الرسمي إزاء التوجهات الأمريكية.
* ماذا حملت التقارير والتسريبات؟
كشفت التسريبات عن قيام دنيس روس بتوجيه الانتقادات لتوجهات إدارة أوباما وأشارت المعلومات إلى أن روس أكد صراحة أن خطة أوباما لن تحقق الوصول إلى السلام في الشرق الأوسط.
إضافة لذلك كشفت التقارير بأن بنيامين نتينياهو قد ألغى زيارته المتوقعة إلى العاصمة الفرنسية باريس وكان اللافت للنظر أن قرار الإلغاء قد تم بشكل مفاجئ وحملت التقارير أيضاً أن رئيس الأركان الإسرائيلي قد تعمد شن حملة اتهم فيها حزب الله اللبناني بتعزيز ترسانته العسكرية والصاروخية في مناطق جنوب الليطاني؟
برغم أن هذه التطورات تبدو من الناحية الشكلية منفصلة فإنها من الناحية التحليلية تبدو مترابطة بشكل قوي، على النحو الذي يجعل منها ليس مجرد وقائع عادية وإنما منظومة متداخلة تعمل بشكل متكامل لتحقيق هدف واحد.
* ماذا وراء منظومة الوقائع الجديدة؟
خلال الفترة التي سبقت انعقاد لقاء نتينياهو – أوباما برزت المزيد من التحليلات والتقارير التي تحدثت عن الخلافات المتوقعة بين إدارة أوباما وحكومة نتينياهو وبعد انعقاد اللقاء لاحظ الخبراء أن المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء لم يطرح شيئاً جديداً وما كان جديداً فيه فقط هو الغموض والطريقة المسطحة التي تحدث بها كل من نتينياهو وأوباما.
تقول المعلومات أن مبعوث السلام السابق الخبير دنيس روس الذي تم تعيينه في منصب مستشار ومبعوث الخارجية الأمريكية إيران ومنطقة الخليج سبق وأكد على ضرورة الآتي:
• أن تفصل دبلوماسية الإدارة الأمريكية الشرق أوسطية بين ملف إيران وملف عملية سلام الشرق الأوسط.
• أن تبدأ الإدارة الأمريكية أولاً بمعالجة ملف إيران ثم بعد ذلك ملف عملية سلام الشرق الأوسط.
وبرر دنيس روس منظوره الجديد على أساس اعتبارات الآتي:
• لم تعد القضية الفلسطينية تمثل بؤرة الصراع في الشرق الأوسط.
• بؤرة الصراع في الشرق الأوسط تتمثل حالياً في إيران.
وبالتالي فمن الضروري أن تبدأ الإدارة الأمريكية بمعالجة الملف الإيراني طالما أنه يمثل بؤرة الأزمة وبعد ذلك تلقائياً تكون مشاكل الشرق الأوسط الأخرى قد أصبحت قابلة للحل بكل سهولة.
بالنسبة لإلغاء نتينياهو زيارته المتوقعة لفرنسا فقد أكدت التسريبات أن الأسباب تتمثل في الآتي:
• فشل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان الأخيرة لفرنسا.
• رغبة نتينياهو في عدم التعرض للمزيد من الصدمات لدبلوماسية خاصة وأن موقف الإليزيه المعلن إزاء السلام في الشرق الأوسط يتعارض مع موقف حكومة نتينياهو.
• رغبة نتينياهو في أن يربط زيارته لباريس بزيارته للعاصمة الإيطالية روما والبريطانية لندن لتتم الزيارة ضمن جولة واحدة.
• رغبة نتينياهو في كسب الوقت إلى حين التمكن من تحقيق التقدم في بعض الجوانب الدبلوماسية الفرعية مع الأمريكيين وبعض الأطراف الأوروبية والشرق أوسطية.
• رغبة نتينياهو التريث وإرجاء الزيارة إلى حين ظهور نتائج لقاء أوباما – محمود عباس.
• رغبة نتينياهو في إجراء المزيد من التفاهمات مع المعتدلين العرب وبالذات حكومة القاهرة.
أما بالنسبة لحملة رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غابي أشكينازي ضد حزب الله فقد كان أمام اجتماع لجنة الكنيست الإسرائيلي التي انعقد اجتماعها يوم أمس الثلاثاء وأشار فيها إلى النقاط الآتية:
• عزز حزب الله قدراته العسكرية في منطقة جنوب الليطاني بما يفوق قدراته قبل حرب صيف العام 2006 الماضية.
• ستشهد الساحة السياسية اللبنانية معركة انتخابية بين خصوم إسرائيل (قوى 8 آذار) وحلفاء الغرب (14 آذار).
• سيتوقف مصير لبنان على من سيفوز في هذه الانتخابات وعلى الأغلب أن يفوز خصوم إسرائيل.
• الموقف الإسرائيلي إزاء لبنان سيتوقف على نتيجة هذه الانتخابات.
• حزب الله ما زال يتحفز من أجل تنفيذ عمل ضد إسرائيل انتقاماً لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية.
• يوجد حوار وتفاهم أمريكي - إيراني حول أزمة الملف النووي ومن الممكن أن يصل الأمر إلى مرحلة فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد إيران.
• مهمتي كرئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن أقوم بترتيبات الاستعداد لتنفيذ أي عمل عسكري محتمل ضد إيران.
بعد استعراض خلفيات الوقائع المشار إليها تنتقل من الموقف الجزئي الخاص بكل واقعة إلى الموقف الكلي الذي يربط بينها ضمن نسيج واحد ومن الأفضل أن تطرح الأسئلة الآتية:
• لماذا منعت الخارجية الأمريكية دنيس روس من إجراء المقابلات وكتابة المقالات التي يتصدى فيها لشرح موقفه إزاء توجهات الرئيس أوباما الشرق أوسطية وعلى وجه الخصوص في فترة ما بعد لقاء نتينياهو – أوباما؟
• ما هي الرسالة الموحدة التي تسعى هذه الوقائع مجتمعة نقلها إلى الإدارة الأمريكية وبلدان الاتحاد الأوروبي والأطراف الشرق أوسطية المعنية بالصراع مع إسرائيل؟
• لماذا ألغى نتينياهو زيارة فرنسا، هل بسبب الموقف الفرنسي المعلن أم أن الأمر يتعلق بإفهام فرنسا أن معارضة الإليزيه لا تهم تل أبيب كثيراً طالما أن نجاح إسرائيل في إقناع واشنطن سيؤدي بالإليزيه تلقائياً إلى تغيير موقفه الراهن؟
• لماذا التركيز في هذه المرحلة على التفاهم مع المعتدلين العرب فقد درجت تل أبيب على استخدام واشنطن في إدارة دواليب المعتدلين العرب وفق ما تريد إسرائيل فهل انقلب الأمر وأصبح المعتدلون العرب أكثر جاهزية من أجل الوقوف إلى جانب تل أبيب للضغط على واشنطن لكي تغير توجهاتها بما يتوافق مع تل أبيب؟
• لماذا انتظار نتيجة لقاء عباس – أوباما؟ هل لمعرفة ما الذي سيطلبه عباس من أوباما أم ما الذي سيطلبه أوباما من عباس؟
تقول التسريبات أن الرئيس الأمريكي طلب من نتينياهو ضرورة قيام تل أبيب بتسريع الدخول في المفاوضات مع الفلسطينيين وذلك على أساس أن انعقاد واستمرار المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية في هذا الوقت سيدعم جهود المفاوضات الأمريكية – الإيرانية المتوقعة وأشارت التسريبات إلى أن نتينياهو أعلن بوضوح عن عدم اقتناع تل أبيب بوجود أي ارتباط بين المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية والمفاوضات الأمريكية – الإيرانية والارتباط الوحيد برأي نتينياهو يتمثل في علاقة الدعم المتبادل بين إيران وحركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله على أساس اعتبارات أن معالجة الملف الإيراني سيترتب عليه بالضرورة إضعاف الحركات المسلحة وبالذات حماس وحزب الله، بما سيجعل هذه الحركات في حالة قابلية تامة لاعتماد الحلول السلمية التي ستقدمها إسرائيل لاحقاً.
وبالنتيجة لقد التقت وجهة نظر الليكود الإسرائيلي التي طرحها نتينياهو مع وجهة نظر اللوبي الإسرائيلي التي طرحها دنيس روس وهي أن تقوم إدارة أوباما بإعادة ترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط بحيث يكون الملف الإيراني أولاً، والسلام ثانياً، أما حديث أشكينازي فيتضمن رسالة جديدة تقول أن الإدارة الأمريكية إن لم تعد ترتيب أولوياتها فإن إسرائيل قد تضطر إلى إشعال المواجهات مرة أخرى بما يقوض جهود إدارة أوباما في عملية السلام ومفاوضات الملف النووي الإيراني.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة