السياسةالخارجيةالألمانيةبين اليمين واليساربعد الحرب الباردةوالوحدة
الجمل: تعتبر أجندة السياسة الخارجية الألمانية من أكثر المسائل عرضة للخلاف والاهتمام من قبل الرأي العام الألماني الذي أكد على خلفية نتائج الانتخابات البرلمانية العامة أنه ما زال راغباً في التجديد لتوجهات يمين الوسط الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كفلت لها نتائج الانتخابات البقاء في منصبها لدورة انتخابية جديدة.
* مفاصل السياسة الخارجية الألمانية:
بسبب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وما ترتب على ذلك من توقيعها اتفاقية الاستسلام مع الحلفاء، فقد ظلت طموحات السياسة الخارجية الألمانية تصطدم بهيمنة الحلفاء المنتصرين، وعلى وجه الخصوص محددات السياسة الخارجية الأمريكية. تأسيساً على ذلك تشكلت اهتمامات السياسة الخارجية الألمانية وقف المحددات الآتية:
• الإبقاء على طاقة الدبلوماسية الألمانية ضمن الحدود القارية الإقليمية.
• التنسيق المسبق مع واشنطن فيما يتعلق بالملفات الدولية.
على هذه الخلفية انصرفت السياسة الخارجية الألمانية إلى الاهتمام بالقضايا النوعية مثل حماية البيئة ومحاربة الفقر وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إضافة لذلك، ظلت السياسة الخارجية الألمانية أكثر انكفاء على القضايا ذات الطابع النوعي الأوروبي ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة وتوحيد ألمانيا بدأت السياسة الخارجية الألمانية تشهد المزيد من التطورات الإيجابية لتحقيق الاستقلالية وإن كانت تتم ضمن سقف الشروط الأمريكية.
* السياسة الخارجية الألمانية: إلى أين؟
خلال الفترة الممتدة من عام 1990 (انتهاء الحرب الباردة وتوحيد الألمانيتين) بدأت السياسة الخارجية الألمانية أكثر حماساً وتأييداً للآتي:
• توسيع حلف الناتو.
• توسيع الاتحاد الأوروبي.
• تعزيز قدرات منظمات التعاون الأوروبي.
تم تبني هذه التوجهات بواسطة حكومات يسار الوسط التي حكمت ألمانيا، ولكن صعود قوى يمين الوسط بقيادة ميركل وتزايد شعبيته أدى إلى اتسام السياسة الخارجية الألمانية بالتردد والتراجع على النحو الآتي:
• التراجع عن توسيع حلف الناتو حرصاً على العلاقات مع روسيا.
• التراجع عن توسيع الاتحاد الأوروبي حرصاً على عدم ضم تركيا.
• التراجع عن دعم قدرات منظمة الأمن والتعاون الأوروبي حرصاً على تمييز قوة ألمانيا الاقتصادية بما يجعل من برلين المقيّم الحصري للطرف الأوروبي الذي تدعمه أو لا تدعمه ألمانيا اقتصادياً.
الأداء السلوكي للسياسة الخارجية الألمانية بات ينطوي على قدر من نزعة العسكرة من خلال استغلال ساحة الحرب الأفغانية لاستعراض العضلات العسكرية الألمانية.
* هل من مخطط سري ألماني للإفلات من الهيمنة الأمريكية؟
برغم توافر المعلومات وفي ظل وجد العديد من التكهنات، تشير بعض الآراء والمعلومات الخافتة إلى احتمالات قيام برلين بتبني برنامج سري لإنتاج أسلحة الدمار الشامل بما يتيح لبرلين القيام دفعة واحدة بإلغاء اتفاقية الاستسلام التي قيدتها وحدت من طموحاتها القومية. الرغبة في الإفلات من اتفاقية الاستسلام بدت معالمها الأولية تتفتح من خلال الأداء السلوكي الدبلوماسي الألماني والذي أصبح أكثر ميلاً لاسترضاء روسيا وعلى ما يبدو فإن الهدف الدبلوماسي الألماني غير المعلن هو ضمان عدم اتفاق روسيا وأمريكا إزاء ألمانيا خلال الفترة المقبلة وبكلمات أخرى تريد برلين خلق قدر من توازن القوى بحيث تضمن الفيتو الروسي إلى جانبها في حالة الخروج من اتفاقية الاستسلام حتى لو لم يتم هذا الخروج على أساس اعتبارات بناء قدرات الردع والدمار الشامل فمن الممكن أن تعلن ألمانيا وبوضوح أنها تقف إلى جانب كل المواثيق الدولية وبأنها وبعد مرور أكثر من نصف قرن على توقيع معاهدة الاستسلام لم يعد من المجدي للمجتمع الدولي أن يلزمها بما أصبح في طي النسيان وفي هذه الحالة فإن الفيتو الروسي يمكن أن يقف إلى جانبها ولكن هذا الفيتو سيكون مرهوناً بتوازنات المصالح الجارية عل خط موسكو – برلين وعلى مدى قدرة ألمانيا في فرض نفوذها الاقتصادي على دول الاتحاد الأوروبي بحيث تصبح الحكومات الأوروبية أكثر عدم قدرة على الاستغناء عن ألمانيا أو مواجهتها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد