الصراع الياباني-الأميركي وملف القواعد العسكرية
الجمل: أكدت التقارير والتسريبات الإخبارية, وجود تطورات جديدة في العلاقات اليابانية-الأميركية, والسبب هذه المرة يتمثل في ملف القواعد العسكرية الأميركية, التي ظلت موجودة على مدى أكثر من نصف قرن, ومازالت واشنطن تصر ليس على استمرار وجودها وحسب, وإنما على ضرورة موافقة طوكيو على نشر المزيد من القواعد الأميركية.
الصراع الياباني-الأميركي: المعطيات الكامنة
تقول المعلومات, والتقارير, بأن ملف العلاقات الأميركية-اليابانية, أصبح يمثل أحد نقاط الاهتمام المركزية في أوساط الرأي العام الياباني, وفي هذا الخصوص, فقد ظلت واشنطن أكثر اعتمادا على وجود سيطرة حليفها الحزب الليبرالي على مقاليد السلطة والمشرف على عملية صنع واتخاذ القرار في طوكيو طوال الفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى منتصف العام الماضي, أدرك الرأي العام الياباني, مدى الضغوط والأعباء المتزايدة التي ظلت اليابان تتحمل تبعياتها من جراء التزامات علاقات خط طوكيو- واشنطن, وعلى وجه الخصوص خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي الجمهوري جورج دبليو بوش السابقة.
تزايدت مفاعيل المعارضة لأميركا في اليابان, وبالفعل, فقد أدى خروج الجمهوريين من البيت الأبيض الأميركي, إلى تشجيع اليابانيين إزاء ضرورة التخلص من سيطرة ونفوذ الحزب الليبرالي الحليف لأميركا, وبالفعل, فقد اسفرت نتائج انتخابات مجلس النواب الياباني التي تمت في شهر آب "أغسطس" 2009م الماضي عن فوز الحزب الديموقراطي الياباني بحصوله على 308 مقعدا, وهزيمة الحزب الليبرالي الياباني, الذي حصل على 112 مقعدا.
تبقى أمام اليابانيين جولة انتخابات مجلس المستشارين الياباني, والتي سوف تتم في وقت لاحق من هذا العام, وتقول المعلومات والتقارير, بأن اليابانيين مازالوا أكثر إدراكا لمدى أهمية هذه الجولة الانتخابية القادمة, وذلك, لان مجلس النواب الياباني لن يستطيع وحده القيام بإكمال عملية التحول الحاسمة, طالما أن دوره ينحصر فقط في إصدار القوانين والتشريعات, وبالتالي, ولما كان مجلس المستشارين الياباني هو المسئول عن مراقبة ومتابعة أداء الحكومة اليابانية, فإن الرأي العام الياباني, أصبح أكثر اهتماما بانتخاب مجلس مستشارين جديد, ينسجم مع مجلس النواب الحالي, إزاء القيام بإنجاز عمليات التغيير والتحول الجديد في السياسات الداخلية والخارجية اليابانية.
ملف القواعد العسكرية الأميركية في اليابان: بؤرة الصراع السياسي الياباني
بعد إكمال القوات الأميركية لعملية غزو واحتلال اليابان, التي تمت على خلفية ضرب اليابان بالقنابل الذرية, فقد ظلت القوات الأميركية تتمركز في اليابان على أساس اعتبارات أنها دولة تخضع للاحتلال العسكري الأميركي, وبعد مرور حوالي 16 عاما سعت الولايات المتحدة إلى تقنين وجود قواتها في اليابان, عن طريق الترتيبات والإجراءات التي تجعل من الوجود العسكري الأميركي في اليابان, وجودا شرعيا, ولا يتناقض مع مبدأ استقلالية السيادة اليابانية.
تفاهمت واشنطن مع الحكومة اليابانية التي كانت تتكون من الزعماء السياسيين المتعاملين الذين نصبتهم أميركا في طوكيو, وبالفعل أسفرت هذه التفاهمات عن:
•توقيع اتفاقية التعاون والأمن المشترك بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان.
•توقيع اتفاقية التحالف الأمني الأميركي-الياباني,
•توقيع البروتوكولات والاتفاقيات الفرعية المتعلقة بوضع القوات الأميركية في اليابان.
بموجب هذه الاتفاقيات, قامت واشنطن بنشر سلسلة من القواعد العسكرية الأميركية في اليابان, ضمن مختلف صنوف وأنواع القوات الأميركية: البرية-الجوية-البحرية.
أدى الوجود العسكري الأميركي المكثف إلى تزايد ردود الأفعال اليابانية الرافضة, بحيث, يمكن تصنيف الأصوات اليابانية الرافضة للوجود الأميركي العسكري, ضمن الآتي:
•أنصار التيار القومي الياباني: يركزون على أن وجود هذه القواعد, هو جزء لا يتجزأ من النوايا الأميركية الهادفة إلى تمزيق وإتلاف النسيج القومي الياباني. من جراء عمليات الأمركة المتزايدة, التي أصبحت تهدد استمرار الثقافة والتقاليد الاجتماعية اليابانية.
•أنصار حماية البيئة: يركزون على أن وجود هذه القواعد, سوف يترتب عليه الإضرار بالبيئة الطبيعية في المنطقة, وذلك لان الكثير من الشواهد, أكدت على تزايد تلوث البيئة الطبيعية البحرية اليابانية بفعل تحركات القطع البحرية الأميركية التي تستخدم الوقود النووي.
•أنصار الاستقلال السياسي: يركزون على أن وجود هذه القوات, سوف يجعل من السيادة اليابانية ناقصة, وفاقدة لعنصر الاستقلال الكامل, وهو أمر سوف لن يجعل من اليابان سوى دولة مستقلة شكلا, وواقعة تحت الاحتلال الأميركي مضمونا.
تقول المعلومات والتسريبات, بان منظمات المجتمع المدني الياباني, سوف تقوم بتحريك المزيد من المواكب الرافعة للوجود العسكري الأميركي في اليابان, وعلى وجه الخصوص في المدن والجزر اليابانية التي توجد فيها هذه القواعد. هذا, وبرغم ان الحكومة اليابانية الجديدة قد أعلنت عن تقليص بعض التزامات اليابان إزاء القوات والقواعد العسكرية الأميركية, فإن الضغط الشعبي الياباني المتزايد سوف يسعى أكثر فأكثر في تفعيل المساعي اليابانية الهادفة للتخلص من الوجود العسكري الأميركي, ومن يدري فقد تستجيب واشنطن للضغوط اليابانية, وتقوم بإرسالها إلى منطقة الشرق الأوسط, طالما أن هناك من يرحبون باستضافة وتمويل هذه القوات والقواعد على أراضيهم!!.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد