تاريخ اليونيفيل: من الحياد إلى الانحياز

05-10-2006

تاريخ اليونيفيل: من الحياد إلى الانحياز

الجمل:  قبل ثلاثين عاماً، كان صدور القرار الدولي 425 بوساطة مجلس الأمن الدولي بمثابة البداية الفعلية لعملية تدخل المجتمع الدولي في الساحة اللبنانية، ولكنه آنذاك وبسبب اعتبارات توازنات المصالح في النظام الدولي الذي كان قائماً في ذلك الوقت على القطبية الثنائية، فقد كانت قوات اليونيفيل أكثر حرصاً على الحياد، والالتزام بذلك ميدانياً، على الأقل، فمثلاً كان مجلس الأمن الدولي يحرص على أن تتكون القوات من عناصر البلدان والدول غير ذات العلاقة.. وغير المعنية بالصراع العربي- الإسرائيلي لا من قريب ولا من بعيد..–ولكن بعد تحول النظام الدولي من القطبية الثنائية الى ما يشبه القطبية الواحدة بقادة أمريكا- وقد شكل القرار 1701، تحولاً نوعياً وكمياً في قوة اليونيفيل:
- رفع وزيادة عدد عناصر القوة الدولية إلى حوالي 17 ألف عنصر.
- الأغلبية العظمى من هذه القوات تتبع لدول حلف الناتو.
- قيادة هذه القوات بيد إيطاليا.. (بناء على طلب إسرائيل).. وإيطاليا من أبرز دول الناتو.
- توسيع نطاق اختصاصات وصلاحيات قوات اليونيفيل.. وتضمين ولايتها بما يشمل بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنح الحق باستخدام القوة.
- تمركز هذه القوات على الجانب اللبناني، وتوسيع نطاق تمركزها بما يشمل كامل المنطقة من خط الحدود، وبعمق 20 كيلومتراً.. حتى مجرى نهر الليطاني.
أصبح من الممكن الآن الحديث عن نوعين من قوات اليونيفيل، قوة (اليونيفيل-1) الأولى المكونة وفق القرار الدولي 425، وقوة (اليونيفيل-2) المكونة وفق القرار الدولي 1701 واستناداً إلى حقيقة أن قرارات مجلس الأمن الدولي (تجب ما قبلها)، فإن لبنان الآن أصبح في مواجهة الآتي:
• وجود قوات دولية، كاملة التجهيز، تنتمي إلى بلدان ودول عضوة في حلف الناتو، تم وضع قيادتها، بناء على طلب إسرائيل، في يد القيادة العسكرية الإيطالية.. ولما كانت إيطاليا ترتبط باتفاقيات عسكرية مع إسرائيل، وأيضاً باتفاقيات عسكرية مع أمريكا، فإنه على خلفية الاتفاق الاستراتيجي الإسرائيلي- الأمريكي، على الجميع أن لا يتوقعوا حياد ونزاهة الأداء السلوكي الميداني لقوات قوة (اليونيفيل-2)، وذلك لأنها ظاهرياً تحت قيادة إيطاليا المباشرة، ولكنها عملياً وحقيقياً تحت القيادة الإسرائيلية- الأمريكية غير المباشرة.
• الرهان الخاسر حول التأثير الإيجابي الفرنسي، على الأوضاع اللبنانية، فقد حدث تحول كبير على الصعيدين الهيكلي البنائي، والقيمي التفاعلي، وذلك بدءاً من لحظة اكتمال غزو واحتلال العراق، حيث تحولت فرنسا إلى التعامل مع الهيمنة الأمريكية على غرار الأمر الواقع، وبالفعل قامت فرنسا بانتهاج سياسة خارجية تقوم على التعاون مع أمريكا، بدلاً عن الصراع.. وشرق أوسطيا، قامت فرنسا بدعم القرار الدولي 1559، وأخيرا القرار الدولي 1701، والذي قامت بهندسته الحكومة الفرنسية، على النحو الذي أعطى إسرائيل ما لم تحصل عليه بالحرب والعدوان، كذلك منح هذا القرار المدعوم فرنسياً إسرائيل قدرة محتملة على شن الهجمات، وارتكاب الجرائم، وفقاً لذريعة مسبقة قام الخبراء السياسيون الفرنسيون بوضعها مخفية ضمن نصوص بنود القرار الدولي، تتمثل في ذريعة العمل من أجل الدفاع عن النفس عن طريق منع حزب الله من تعزيز قوته العسكرية.
• التدخل في الشأن السيادي اللبناني، وحالياً أصبحت (اليونيفيل-2) تتدخل في مطار لبنان الدولي، وبعدها سوف تتدخل في الموانئ اللبنانية، وربما المعابر الحدودية اللبنانية.
• التحيز والتواطؤ، وحالياً تحيزت وتواطأت بعثة (اليونيفيل-2) مع إسرائيل، فقامت بتغيير الخط الأزرق، في كفركلا، ومزارع شبعا، إضافة إلى عدم الاعتراض والممانعة على اختراق وانتهاك الطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، وأيضاً على الاعتراض أو مجرد التعليق على قرار ايهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل بتأخير انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية.
تقول قيادة قوة (اليونيفيل-2) العاملة في لبنان، وفقاً لآخر بياناتها: إن قواعد الاشتباك التي سوف تنفذ بموجبها مهامها المحددة وفقاً للقرار الدولي 1701، من أجل وقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان، تتيح لها استخدام القوة، ليس فقط لمجرد الدفاع عن النفس.. وأيضاً أوضحت قيادة (اليونيفيل-2) أنه بإمكان عناصرها استخدام القوة في غير مجال الدفاع عن النفس، وذلك للتأكد من عدم استخدام منطقة عمليات (اليونيفيل-2) من أجل الأنشطة العسكرية، والعمل على مطاردة وملاحقة وتوقيف الذين تطالب إسرائيل بتجريدهم من السلاح).
كذلك أصدر الاتحاد الأوروبي إعلاناً بأنه سوف يعمل من أجل تقديم المساعدة في مجال إعادة هيكلة القوات المسلحة اللبنانية.
وتجدر الإشارة إلى أن إعلان الاتحاد الأوروبي الخاص بإعادة هيكلة القوات المسلحة اللبنانية، هو قرار يفوق في خطورته بيان اليونيفيل، ومصطلح إعادة الهيكلة، من المصطلحات الحديثة الغامضة والشديدة السيولة.. وبناء على هذا المصطلح فإن إعادة هيكلة القوات المسلحة اللبنانية معناه قيام الأوروبيين بإعادة إنتاج القوات المسلحة اللبنانية، وعلى الأغلب أن يكون ذلك ضمن عقيدة عسكرية قتالية جديدة، تجعل من إسرائيل (قوات صديقة) وتجعل من الآخرين مصدراً لتهديد أمن وسلامة لبنان، بما في ذلك القوات الوطنية اللبنانية، والمقاومة الوطنية اللبنانية.. وغيرها، وبالتالي فإن هذه القوى –على خلفية العقيدة الجديدة- هي العدو الذي يستحق أن توجه إليه نيران القوات المسلحة اللبنانية الجديدة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...