تحليل مقارن بين جنوب أفغانستان وجنوب لبنان والعقدة الأمريكية

11-10-2008

تحليل مقارن بين جنوب أفغانستان وجنوب لبنان والعقدة الأمريكية

الجمل: تزايدت مخاوف الأمريكيين من جراء تصاعد الصراع الأفغاني والظهور المتجدد لتداعياته وظهور المزيد من المؤشرات الدالة لجهة احتمالات تمدد الصراع الأفغاني جنوباً باتجاه باكستان وأفغانستان وشمالاً باتجاه بلدان آسيا الوسطى الخمسة: تركمانستان، أوزبكستان، طاجيكستان، كيرغيزستان، إضافة إلى كازخاستان.
* التطورات الميدانية الجارية: إلى أين تتجه مؤشرات الحرب؟
يقول الخبراء الاستراتيجيون والعسكريون الإسرائيليون بأن الحرب ضد الإرهاب في شبه القارة الهندية بدأت في المسرح الأفغاني بمساعدة باكستانية ولكن هذه الحرب تحولت عملياً في الوقت الحالي إلى حرب أفغانية – باكستانية:
• تشير المعطيات الميدانية الجارية إلى أن العدو الذي تحاربه أمريكا لا يوجد في الوقت الراهن حصراً ضمن الأراضي الأفغانية وإنما ضمن الأراضي الباكستانية أيضاً.
• اتسعت دائرة ونفوذ خصوم أمريكا في أفغانستان فبالإضافة إلى حركة طالبان التي سيقودها الملا محمد عمر، برز نفوذ الزعيمين الجهاديين حكمتيار وحقاني.
• في باكستان نجح الزعيم الجهادي بيت الله محسود في القيام بتوحيد 27 جماعة جهادية مسلحة تحت اسم: طريق طالبان الباكستاني.
وعلى هذه الخلفية، فقد حدث تغير كبير في توازن القوى العسكري – السياسي – الأمني داخل الساحة الأفغانية والساحة الباكستانية:
• في ميدان الحرب النفسية: أصبح الرأي العام الأفغاني والباكستاني:
- شديد العداء للوجود الأمريكي والغربي.
- شديد العداء لحلفاء أمريكا المتمثلين في الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، وفي الساحة الباكستانية نجحت الضغوط في إسقاط الجنرال مشرف ويواجه خليفته زرداي ضغوطاً مكثفة لجهة عدم الارتباط بواشنطن وحلفائها.
• في ميدان الحرب القتالية: لم تنجح حملات قوات الناتو – الولايات المتحدة – القوات المتعددة الجنسيات – قوات حكومة أفغانستان في القضاء على حركة طالبان ولا الحركات المسلحة الأخرى الموالية للزعماء الجهاديين ولا على تنظيم القاعدة. وفي باكستان تزايدت أنشطة الحركات الجهادية المسلحة وعلى وجه الخصوص العمليات التي تقوم بتنفيذها حركة طريق طالبان الباكستاني.
وعلى خلفية التدهور في المجالين العسكري – القتالي والنفسي – المعنوي، برز بوضوح أن القوات الأمريكية لم تعد قادرة على تحقيق السيطرة ولجأت الإدارة الأمريكية إلى توريط قوات الناتو التي تبين عملياً أنها لا تملك أي استعدادات حقيقية لخوض العمليات القتالية في المسرح الأفغاني المتميز بتعقيداته الاجتماعية – الدينية  إضافة إلى الطبيعة الجبلية الوعرة المسيطرة عليه. وتقول المعلومات والتسريبات بأن قوات الناتو الموجودة في أفغانستان هي قوات مجهزة بالأساس على القيام بعمليات حفظ السلام وليس القتال الحربي!!
وفي باكستان، كما هو واضح، فإن نظام الرئيس الجديد زرداي سوف لن يستطيع مهما أوتي من قوة أن يصدر موافقته للقوات الأمريكية أو قوات الناتو للعمل داخل الأراضي الباكستانية وهو الأمر الذي لم ينجح فيه رجل أمريكا برويز مشرف.
* نظرية المسرح الحربي: التحليل المقارن بين مسرح جنوب أفغانستان ومسرح جنوب لبنان:
تتلقى الإدارة الأمريكية حالياً الكثير من التحذيرات بواسطة الخبراء الاستراتيجيين والعسكريين لجهة احتمالات تدهور الموقف الأمريكي في مسرح الحرب الأفغانية وتقول إحدى السرديات أن مصدر إزعاج البنتاغون والبيت الأبيض يرجع إلى الدراسات والبحوث التي اعتمدت منظور التحليل المقارن بين حزب الله ضد القوات الإسرائيلية في مسرح جنوب لبنان، وحركة طالبان ضد القوات الأمريكية وحلفائها في مسرح جنوب أفغانستان. وقد توصلت الدراسات إلى النتائج الآتية:
• بدأت حركة طالبان بالتخلي تدريجياً عن تطبيق مذهبية حرب العصابات التقليدية التي تعتمد مبدأ "اضرب واهرب" والتحول باتجاه تطبيق الحرب اللامتماثلة المعتمدة على المفاجأة، وتنويع الوسائط والسيطرة على المسرح إضافة إلى تنويع الضربات.
• تطبق القوات الأمريكية وحلفائها نفس المذهبية التي سبق أن طبقتها إسرائيل وترتب عليها الفشل في جنوب لبنان.
• اعتمدت إسرائيل في حرب لبنان على دعم حكومة السنيورة وقوى 14 آذار كحلفاء سياسيين بما ترتب عليه احتراق الأوراق السياسية للحكومة اللبنانية، وفي أفغانستان احترقت بالفعل جميع أوراق الرئيس مشرف.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات أن الإدارة الأمريكية والبنتاغون يعكفان في هذه الفترة على دراسة كيفية معالجة الوضع في المسرح الأفغاني الذي اتسع نطاقه متخذاً شكل المسرح الأفغاني – الباكستاني، وإضافة لذلك فقد انتقلت ورقة الحرب الأمريكية في أفغانستان إلى مسرح الحملة الانتخابية الرئاسية بحيث أصبح كل من المرشحين أوباما وماكين يطرحان أمام الرأي العام الأمريكي مشروعه الخاص لمعالجة الوضع المتدهور في أفغانستان وحالياً تدور الخلافات في أروقة الإدارة الأمريكية والبنتاغون ومراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية على النحو الذي أدى إلى تبلور مجموعة من وجهات النظر المتعلقة بمعالجة الموقف ومن أبرزها:
• زيادة القوات الأمريكية وتوسيع دائرة الحرب بما يشكل باكستان نفسها.
• الضغط على أعضاء الناتو لجهة إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان.
• الضغط على باكستان لجهة استخدام الجيش الباكستاني إلى جانب القوات الأمريكية وقوات الناتو.
• الضغط على الهند بما يؤدي إلى توريطها في الحرب الأفغانية بما يتيح لأمريكا استغلال الجيش الهندي والقدرات العسكرية الهندية الكبيرة إلى جانبها.
أما السيناريوهات المتوقعة، فإن معظمها يشير إلى احتمالات توسيع نطاق الحرب الأفغانية بما يشمل الأراضي الباكستانية وعلى خلفية ذلك، فإن سيناريو أن يؤدي توسيع نطاق الحرب إلى إعادة رسم خارطة باكستان – أفغانستان ضمن ثلاث دول حيث يتم حصر قبائل الباشتون الإسلامية في دولة منفصلة تسمى باشتونستان وتضم أراضيها شمال غرب باكستان وجنوب أفغانستان وسيكون هو السيناريو الأكثر احتمالاً خاصة وأن وجهة نظر المرشح الجمهوري ماكين والديمقراطي أوباما تقضيان بتوسيع دائرة الحب الأفغانية.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...