حوار مع السورية ليندا ابراهيم الحائزة على لقب "أمير الشعراء"
- متى وكيف بدأت علاقتك بالشعر؟
منذ "جينومي" الأول الممتد من أقصى شغاف طفولتي منذ الحياة الأولى لي... وتجدَّد واستمرَّ وتجلَّى في هذه الحياة أيضاً ولكن ربَّما بأبهى تجلِّياته... مذ وَعَيْتُ وأنا أحبُّ الشِّعر والوزنَ والنَّشيد والموسيقى.. وأحفظُ وأدرك وأتذوَّقُ، دون أن أخطِّطَ في يوم من الأيام أنني سأكون "شاعرة"...
- لماذا اخترت كتابة الشعر في زمن الرواية والدراما التلفزيونية؟
لم أخترِ الشِّعر، ولا كتابته، بل تأتَّتني القصيدة، وجاءني الشعر من تلقاء نفسه وقال لي اكتبيني أنا مارد الشِّعر في قمقم روحك، الكامن من أبد الحيوات إلى أزلها.. أمَّا لمَ في زمن الرواية أو الدراما، فكلُّ لما قدِّر له، والكتابة الإبداعية والموهبة لا تعرف حدوداً بين الأجناس أو تخصصاً فيها..
-كيف تقرئين المشهد الأدبي والثقافي، في سوريا حاليًا؟
في مطلع القرن الماضي، كان ثمة جيل الرواد الذي كوَّن نفسه وترك بصمة عميقة في القصيدة السورية والعربية المعاصرة، وبات رواده قمماً في هذا بعد أن خرجوا من عباءة الشعر التقليدي والاتباعي والرومانسي إلى جيل الحداثة الشعرية بالشكل والتناول، وأقصد هنا شعراء سوريا الكبرى "بلاد الشام" والعراق، حيث أتى بعدهم جيل الثمانينات والتسعينات ونهاية الألفية الماضية ليرسخ أسماء وتجارب اجتهدت على تمييز بصمتها وإنتاج تجربتها المختلفة والتي طورت المشهد الشعري، أما حالياً فتتراوح التجارب بين الضحل والجيد والقليل من التجارب التي يشار إليها بالبنان على أنها حركة شعرية جديدة ضمن الحركة الشعرية المشهدية، والتي سنعول عليها لاحقاً في العقدين القادمين فيما لو ثابرت وتابعت واجترحت كما فعل السابقون كل في سياق زمنه وتجربته ومجايليه...فقط تطغى موجة الاستسهال والخفة والاستخفاف في تناول الكتابة الشعرية لكنني أرى دائما الجانب الإيجابي وهو الاصطفاء الزمني لهذه الأقلام .
-صدر لك مؤخرًا "منمنمات دمشقية" مجموعة شعرية لماذا اخترت هذا الاسم؟ وما التجربة الإبداعية التي يطرحها الديوان؟
الاسم جاء من طريقة صياغة النصوص، والروح التي صيغت بها والتي حملتها هذه النصوص، ونسيج وشكل النصوص التي تضمنتها، حيث تناولت أجواء وروح المدينة دمشق، وبنصوص حملت فنية الشعر بالنثر، نصوص كتبت بروح المكان "دمشق"، فجاءت "منمنمات" على قامتها الشاهقةِ المجد والخلود والجمال... التجربة التي يطرحها هي تجربة معايشة روح المكان والحياة فيه بنصوص شعرية بقالب النثر، وهي حسب رأي النقاد للآن من أفضل ما كتب عن دمشق متماهياً بروحها بلغة ونسيج لغوي إبداعي يلامس الروح ويفعم الشغاف..
-الديوان الآخر جاء بعنوان " لسيدة الضوء "ما سر هذه المفارقة فى العنوان.. وما القضايا التي يطرحها؟
لم أفهم ما القصد ب"المفارقة في العنوان"، لكنه ديوان جديد كتبت نصوصه بالتزامن مع نصوص المنمنمات، ولكن تحمل موسيقا الشعر وأوزانه. والدِّيوان يتناول موضوعات الحب والوطن والإنسان وأزمة الحرب على سوريا.
- ولماذا اتجهت مؤخرًا للقصة في مجموعتك "على الجسر العتيق"؟
لم أتجه للكتابة القصصية عمداً، بل تماهيت مع قلمي وفكري ولغتي بأي شكل تأتي فلتأتِ... فتركت روحي وقلمي على سجيتهما فكانت كتابة المقالة الصحفية بنَفَسٍ إبداعي، وكتابة معايشات الوطن والإنسان بأسلوب روائي أو قصصي سمه ماشئت...
- ما هو موقفك من قصيدة النثر؟
لا موقف لي سوى استشعار الخوف من أن استسهال كتابتها جعلها مطية لكل من يريد كتابة "الشعر"، فلا يقدر على الموزون، ولا على الإتيان بصورة شعرية بارعة، فكان أن ركب أسهل الأشكال التي تعفيه من إتقان الوزن، أو اجتراح لغة شعرية جديدة، وموقفي واضح وأعلنه وأمارسه وهو أنني مع الشعر والشعرية في أي شكل فني كان، ومن الجدير ذكره أنني أصدرت ستة إصدارات شعرية ثلاثة منها نصوصها على الوزن الشعري وثلاثة على طريقة الشعر بالنثر.
-هل الشعر العربي يواكب الأزمات العربية بالقدر اللازم والضروري، أم هو مفردات على الهوامش؟
لا... لايواكبها.. ويقصر عنها .. بل وتخلى عن حالته التنبؤية التي تحلى بها كبار شعراء الستينات والسبعينات.. ولايزال على هامش الأزمة المجتمعية والسياسية العربية التي تعصف بنا ونعيشها والمتعمقة جيلا وراء جيل. طبعا لا أقصد المفكرين الشعراء الكبار، فهم ظاهرة أبقت مشكاة العقل والشعر مسرجة، وتورثها من جيل إلى جيل ولكن على فترة من الأجيال.
-برأيك هل تغير مفهوم الشعر في عصرنا الحالي؟
نعم.. تغير...وباتت له وظائفَ أخرى.. وهموماً وقضايا تجب مقاربتها بوسائل أخرى...
-هل نعيش أزمة شعر أم أزمة شعراء؟ وفي رأيك لماذا الشعر يفتقد القراء؟
الأزمتين معاً... سبق وأجبت على القسم الثاني من هذا السؤال في جواب سابق
-أين يقع الشعر حاليا في حيز الإبداع العربي؟
له مكانته، لكن للأسباب التي أوردتها في حيثيات الإجابات السابقة، أقول إنه يحتاج لأن يعود لرونقه ودوره...
-لماذا غابت الحركة النقدية عن مواكبة المنتج الشعري الجديد؟
للكثرة الكاثرة من النتاج التي أخذت تجتاح الأسواق والمكتبات، والتي تنتجها دور النشر، ولعدم تخصص النقاد واشتغالهم بالمهنة الوظيفية لصالح الحركة النقدية العربية، إضافة لعدم قدرة القلة التي تمتلك الموهبة النقدية على مواكبة الكم الهائل من النتاج الشعري والإبداعي عموماً...
-هناك عدد من الشعراء تحولوا إلى روائيين.. هل راودتك هذه الفكرة؟
لمَ لا... لكن يجب أن لا يغيب عن الأذهان أن لكل جنس أدبي فنيته وتقنيته وخصوصيته وأدواته ووسائل إبداعه...
-هل يمكن أن نقول إن الزمن زمن رواية بامتياز، وإن الأجناس الأدبية الأخرى آن لها أن تتنحى؟
سبق وأجبت عن هذا السؤال
- لك مشاركات خارجية ومحلية عديدة منذ بداياتك هل كانت سببا في النضج أو الانتشار؟
المشاركات الخارجية ظهَّرت تجريتي، التي كانت أصلاً أصيلة، كانت بحاجة للتظهير بالتالي العمل عليها والشغل عليها أكثر لإنضاجها، ثم مع المشاركات العربية والدولية جوائز أو أنشطة ثقافية كان ترسيخها وانتشارها أكثر
- حصدتِ العديد من الجوائز فما رأيك بالجوائز الأدبية العربية؟ هل تشكل دليلاً على إبداعية المنتج الأدبي؟
الجوائز تحفز... الجوائز ترسخ الثقة بالنفس.. لكن يجب أن لا تصيب صاحبها بالغرور بالتالي التوقف عندها كمنتج إبداعي دون المثابرة لتحقيق الأفضل...أما رأيي فأقول لا تخلو أية جوائز كانت من معايير قيمة جيدة، وأيضاً من معايير قد لا تكون منصفة ومنحازة للتجربة الأدبية الإبداعية الحقة.. وتبقى مسألة اجتهاد وحظ وفرصة وبالوقت نفسه تحيُّن الوقت والجائزة المناسبة وتقديم المنتج الذي يحقق الفوز
-هل من مشاريع قادمة على أرض الكتابة ؟
نعم ثمة مشاريع أبقيها طي الكتمان ريثما تأخذ شكلها النهائي ويتم إنجازها.
السَّيِّد حسين: مجلة العين الإخبارية
إضافة تعليق جديد