دمشق: إقرار قانون الأحزاب والسلطة تستأنف لقاءاتها بالمعارضة
تتجه الحكومة السورية إلى إصدار مجموعة القوانين التي أقرت ضمن الحزمة الإصلاحية الأولى، والتي يفترض أن تؤسس لمجتمع تعددي، وأولها قانون الأحزاب الذي أقرته أمس، وذلك بعد أن طلبت من كافة اللجان العاملة على المشاريع إنهاء عملها الأسبوع الماضي.
ويترافق هذا الأمر مع بداية اتصالات جديدة بين السلطة والمعارضة، ممثلة ببعض رموزها، للسير باتجاه عقد مؤتمر وطني، في حين أعلن معارضون من جهتهم أنهم يعملون باتجاه عقد مؤتمر ثان للمعارضة يبحث سبل الانتقال إلى «دولة ديموقراطية مدنية»، فيما أعلنت المستشارة الرئاسية بثينة شعبان أن الأزمة مركبة في سوريا، مشيرة إلى أن الحكومة بدأت
بمعرفة «جذور المشكلة»، في الوقت الذي بقيت معالم الأزمة مفتوحة في كل من حمص وحماه أبرز المناطق الساخنة في سوريا.
وقالت مصادر مطلعة أمس إن الحكومة السورية اقرت قانون الأحزاب، بعد أن تسلمت ملاحظات الجهات المختلفة المعنية بمشروع القانون، والتي تصب في مجملها بالاتجاه الذي سارت عليه ملاحظات «اللقاء التشاوري» الذي عقد قبل حوالى أسبوعين.
وقالت المصادر إن الملاحظات توصي بأن يتم «الإبقاء على أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث باعتبارها أحزابا موجودة على الأرض، شرط أن تسوي وضعها وفق القانون الجديد خلال 6 أشهر». كما نصت الملاحظات على تخفيض عدد الأفراد اللازم لتكوين الأحزاب من ألفي عضو إلى ألف. وسيعمل القانون على التوصية بتشكيل لجنة الأحزاب، وتضم رئيس محكمة النقض العليا ووزير الداخلية وثلاثة مستقلين يسميهم رئيس الجمهورية. كما تضمنت الملاحظات تسهيل شروط الانتساب للأحزاب وتعديل نظام الهبات الممنوحة من الدولة للأحزاب، بحيث ترتبط بنسب تواجد ممثلي الحزب في مجلس الشعب (البرلمان) المنتخب، بدلا من ربطها في السابق بسقف تبرعات المنتسبين. ويناقش مجلس الشعب خلال فترة انعقاده هذا الأسبوع قوانين الإعلام والانتخابات والإدارة المحلية أيضا.
وفي إطار الجهد السياسي لحل الأزمة عادت اللقاءات بين أقطاب السلطة والمعارضة، حيث نظمت مجموعة من اللقاءات بين نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ومجموعة من رموز المعارضة الفكرية أبرزهم الكاتب المعارض ميشيل كيلو والباحث الاقتصادي عارف دليلة وكل من الزعيم الشيوعي قدري جميل والكاتب أنيس كنجو والمفكر الطيب تيزيني واخرين، وجاءت في سياق «بحث ما جاء في بيان اللقاء التشاوري الذي عقد منذ أسبوعين وسبل تطبيقها».
وقال الكاتب المعارض لؤي حسين إن جهودا تبذل الآن لعقد مؤتمر ثان للمعارضة في 2 آب المقبل، يبحث سبل الخروج من الأزمة الحالية ويتقدم عن «اللقاء التشاوري» الذي عقد في فندق «سميراميس». وأشار إلى أن «هدف المؤتمر البحث في طبيعة الدولة الديموقراطية المدنية وكيفية الانتقال السلمي الآمن إليها».
من جهة أخرى، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوما بنقل محافظ دير الزور حسين عرنوس إلى محافظة القنيطرة، فيما أعفي سلفه خليل مشهدية من مهامه كمحافظ لمحافظة القنيطرة. كما عين سمير عثمان الشيخ محافظا على دير الزور التي تشهد احتجاجات أيضا.
من ناحيتها، وصفت شعبان الأزمة السورية، في ختام مؤتمر للمغتربين سمي «باللقاء الوطني للمغتربين السوريين» في دمشق، بـ«المركبة»، معتبرة أن العامل الذي جعل الأزمة أكثر صعوبة هو العنف واستهداف القوات المسلحة والمدنيين، مشيرة إلى أن السلطة بدأت بمعرفة جذور المشكلة، ومعرفة من يقوم بها، ومعرفة أفضل الطرق لمعالجتها.
واعتبرت شعبان أن «التجييش الطائفي هو أخطر سلاح يمكن أن يستخدم في هذه المنطقة»، لكنها راهنت على «وعي ومحبة الشعب السوري الذي لا يقبل الفرقة بين أبنائه».
وكان المؤتمر، الذي عقد تحت عنوان «وطني سوريا» وشارك فيه 150 مغتربا، أعلن «تأييده الكامل لمسيرة الإصلاح الشامل، داعين إلى إعطاء القيادة السياسية والحكومة الوقت الكافي لتنفيذ جميع الخطوات الإصلاحية المعلن عنها»، وفق ما ذكرت وكالة (سانا).
واعتبرت شعبان أن» جذور المشكلة التي نواجهها بدأت تتضح ومن يقوم بها ومن وراءها، وتوصلنا إلى أفضل الطرق لمعالجتها»، مشيرة إلى أن «الذي ساعدنا في ذلك هو وعي ومحبة الشعب السوري الذي لا يقبل الفرقة بين أبنائه، واعتاد العيش بالأمن والأمان، ويعمل على إعادته كما كان».
وقالت إن «الطريق اليوم أصبح واضحا، إما أن نستجمع قوانا جميعا ونحاول إعادة الأمن والأمان لبلدنا والسير قدما بكل ما نمتلك من قوة في طريق الإصلاح وإما أن نفسح المجال بصمتنا لمن يريد زعزعة امن البلد وبث الفرقة والطائفية في بلدنا»، مشيرة إلى أن «الشعب السوري حسم خياراته، وأن ردة فعل الشارع على ما يجري جاءت لتقول نحن هنا ونشعر بالأمان وسنمارس حياتنا الطبيعية بكل محبة واعتزاز في وطننا وبلدنا، ويجب ألا نسمح للمغرضين أن يبثوا الفرقة بين أبناء شعبنا».
وكشفت شعبان أن «قانون الأحزاب شبه جاهز، فيما يجري البحث في قانوني الإعلام والانتخابات وسيكونان جاهزين في وقت قريب جدا، إضافة إلى ما تحدث عنه الرئيس حول إمكانية مراجعة الدستور أو إعادة كتابته وعن حرية الإعلام وإصدار قانون حضاري وعصري له»، متسائلة «إذا كانت سوريا بهذه الخريطة الإصلاحية تنتقل إلى بلد تعددي وإلى حرية سياسية وإعلامية وحزبية، فماذا نريد من الإصلاح غير ذلك؟».
وفي طهران، أكد النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، خلال لقائه وزير النفط السوري سفيان العلو، وقوف إيران إلى جانب سوريا باستمرار وفي كافة الظروف. وقال إن «انتصار سوريا ورفعتها هو ما تتمناه إيران»، مشددا على أن «إيران وسوريا دولتان حليفتان ولا تفترقان». وتابع «النظام الاستكباري يقود هذه الأحداث (الاحتجاجات)، وإن تدخل الأعداء واضح تماما فيها».
وقال رئيس شركة الغاز الوطنية الإيرانية جواد أوجي إن إيران توصلت لاتفاق ثلاثي مع سوريا والعراق لمد خط أنابيب سيعزز صادراتها من الغاز، موضحا انه سيتم توقيع العقد اليوم. وأضاف «سيجري تصدير الغاز الإيراني إلى سوريا عبر العراق، وستشتري سوريا حينئذ بين 20 و25 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني يوميا».
ميدانيا، أشار ناشطون على موقع «فيسبوك» إلى عودة الحياة الطبيعية إلى مدينة حمص في أغلب المناطق ووجود حركة مرورية ناشطة، كما فتحت الأسواق في أغلب المناطق إضافة لعمل الدوائر الحكومية بشكل طبيعي. وذكروا أن الأهالي بالتعاون مع البلدية المحلية قاموا بتنظيف شوارع المدينة من القمامة التي انتشرت خلال توتر الأيام الثلاثة الماضية.
وكانت المحافظة شهدت حوادث متفرقة بين الريف والمدينة، أبرزها خروج قطار مدني عن سكته بسبب «عمل تخريبي» كما حصول أكثر من هجوم عسكري في المنطقة أبرزها الذي طال الكلية الحربية في حمص حيث ذكرت صحيفة «الوطن» أنها تعرضت لهجوم بقذائف «أر بي جي» المضادة للدروع، ولكن من دون خسائر تذكر، كما أشارت إلى إلقاء القبض على من قاموا بالهجوم.
وفي السياق، ذكرت «سانا» أن نحو 30 من قوات الجيش والقوى الأمنية وقوات حفظ النظام أصيبوا بجروح، بعضها خطرة، برصاص المجموعات الإرهابية المسلحة في منطقة باب السباع في حمص ووصلوا إلى المستشفى العسكري يومي الجمعة والسبت الماضيين.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، أول من أمس، إن «مجموعة من الإرهابيين أقدمت على تخريب سكة القطار في منطقة قزحيل شمال غرب مدينة حمص بـ10 كيلومترات فوق جسر طوله 15 متراً وارتفاعه 3 أمتار بقصد تدهور القطار وارتكاب مجزرة بحق الركاب الأبرياء البالغ عددهم 480 راكباً والآتين من حلب إلى دمشق، ما أدى إلى انقلاب القاطرة الأساسية وجنوح العربات الثماني الأمامية خارج السكة». وأكدت أنها «ستتعامل بحزم وشدة مع هؤلاء المخربين». وقال محافظ حمص غسان عبد العال إن القطار كان يقل جنودا ومدنيين وإن القدر ساعد على الحيلولة دون وقوع المزيد من الضحايا. وأضاف للتلفزيون السوري إن «المخربين حضروا بدراجات نارية، وخرج القطار عن القضبان قرب خط للضغط العالي، وإن السائق لقي حتفه حرقا».
وذكرت صحيفة «الوطن» انه في منطقة عقرب الواقعة على طريق مصياف حمص، نجا عدد من عناصر الجيش والقوات المسلحة، أمس، من انفجار لغم استهدف الحافلة العسكرية التي كانت تقلهم من مصياف إلى كلية المدرعات بحمص، كان قد زرع على جانب الطريق، إلى جنوب منطقة مصياف بـ16كيلومترا، واقتصرت الأضرار على جسم الحافلة وتحطم نوافذها، من دون تسجيل أي إصابات بشرية.
وتأتي هذه التطورات في حين شهدت مدينة حماه، منذ الخميس الماضي إضراباً عاماً، يتوقع أن يستمر ثلاثة أيام أخرى، شمل الأسواق التجارية، والدوائر الرسمية التي لم يستطع غالبية العاملين فيها الوصول إلى أماكن عملهم، بسبب عودة الحواجز وانتشارها في الشوارع الرئيسية المؤدية إلى مركز المدينة وأحيائها. وأكد عدد من مواطني المدينة لصحيفة «الوطن»، وبعضهم من أصحاب المحال التجارية، «أنه كان من المقرر أن يبدأ الإضراب منذ الأربعاء لكن غالبية المحال لم تستجب، ما دفع الداعين للإضراب الذين قاموا بتوزيع مناشير إلى إطلاق التهديد والوعيد بالحرق وغيره».
في المقابل أدى التعاون بين الجهات المسؤولة والفعاليات الدينية والاقتصادية والاجتماعية في مدينة إدلب إلى «إلغاء الإضراب الذي دعت إليه بعض الجهات الخميس والسبت الماضيين»، فيما نقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن «لجان التنسيق المحلية» المعارضة قولها إن «الدبابات دمرت برجا للاتصالات وقطعت الكهرباء والماء عن قرية السرجة في محافظة ادلب».
إلى ذلك، (أ ف ب، أ ب، رويترز) قال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي إن «قوات ومدرعات الجيش السوري انتشرت بكثافة في دوار الفاخورة ومحيط حي النازحين» في حمص، مرجحا أن «يكون ذلك استعدادا لشن عملية عسكرية وأمنية في المنطقة». وأضاف إن «حملة اعتقالات واسعة طالت المئات في حي ركن الدين والقابون في دمشق»، مشيرا إلى «تواجد امني كثيف في الأزقة ومفارق الطرق ومداخل الأحياء في القابون حيث يتم التدقيق في لوائح المطلوبين على الداخلين والخارجين من الحي».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن «إن ثلاث تظاهرات خرجت أمس (أول من أمس) في حي الميدان في دمشق، الأولى من قرب مسجد الماجد في الزاهرة والثانية بعد صلاة العشاء من مسجد الدقاق والثالثة خرجت في شارع الكورنيش قرب مسجد المنصور». ولفت إلى أن هذه التظاهرات «قامت بإغلاق طريق السيارات قبل أن تنفض من دون أن يسجل أي حالة اعتقال».
وذكر المرصد «توفي مدني السبت متأثرا بجروح أصيب بها اثر تعرضه للضرب المبرح على أيدي القوات السورية خلال تظاهرات الجمعة في مدينة دوما في ريف دمشق». وأضاف إن «طفلا في الثانية عشرة توفي أيضا متأثرا بجروح أصيب بها الجمعة 15 تموز قرب دمشق بعد إطلاق الشرطة الرصاص خلال مشاركته في تظاهرة».
زياد حيدر
المصدر: السفير
التعليقات
مظاهرات سلفية وتخريبية وطائفيه
اه اشتهيت بس شي معارض طلع على
إضافة تعليق جديد