رؤية دينيس روس للحل العراقي: حرب أهلية طويلة

19-10-2006

رؤية دينيس روس للحل العراقي: حرب أهلية طويلة

الجمل:   يطرح دينيس روس (المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط) الأزمة العراقية، في المقال الذي نشره في صحيفة الواشنطن بوست، وبمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، على النحو الآتي:
ان شيعة العراق يملكون أغلبية في الحكومة العراقية الحالية, ويرفضون إعطاء سنة العراق دوراً كبيراً، كذلك الأكراد يريدون الانفصال والاستقلال.. ولكنهم لا يستطيعون القيام بذلك إلا إذا وجدوا الحماية لكافية لأنفسهم من تركيا وإيران.. وبالنسبة لأمريكا وحلفائها فإن الاستمرار في الإبقاء على الوضع القائم حالياً في العراق، معناه تجنب الحقيقة وتفاديها.. وفي الوقت نفسه الانسحاب من العراق معناه التنصّل والتملص من المسؤولية، والتناقض.. على خلفية كل ذلك يبرز السؤال القائل: ما العمل؟
وفي معرض الإجابة على هذا السؤال، يحدد دينيس روس النقاط الآتية:
• النقطة الأولى: وترى بضرورة الاعتراف بأن العراق سوف لن يصبح بلداً ديمقراطياً موحداً على النحو الذي يخدم ويصلح كنموذج للمنطقة، فالعنف والانقسام السنّي- الشيعي قد أصبح أمراً واقعاً، ومن ثم، فالعراق في أفضل الأحوال، سوف يصبح بلداً على نحو يتضمن الآتي:
- حكومة مركزية ذات صلاحيات وسلطات محددة.
- حكومات إقليمية ذات استقلال ذاتي كبير ومكثف.
- اقتسام للعائدات النفطية بين الحكومات المحلية الإقليمية والحكومة المركزية العراقية.
- التوتر والتشدد في صيغ التمثيل السلطوي خاصة بين الأقليات الصغيرة والأغلبيات الكبيرة.
ويرى دينيس روس ان العراق من الممكن أن يستطيع تحقيق الاستقرار في ظل وجود هذه المتغيرات والعناصر.
• النقطة الثانية: ويرى دينيس روس أن نواتج النقطة الأولى لا يمكن أن تتحقق من تلقاء نفسها، وهي بالتأكيد من الممكن أن تنتج بعد حرب أهلية طولية، وهو المسار الذي تنزلق إليه الأمور حالياً، ومن ثم فإن هناك ضرورة لثلاث مبادرات من الممكن أن تؤدي إلى خلق مسار مقبول بقدر أكبر من أجل الإدارة والتعامل مع كل من هذه النواتج أو على الأقل فك ارتباطنا عن العراق.
- المبادرة الأولى: أن تشدد إدارة بوش على عقد مؤتمر المصالحة الوطنية، بحيث لا ينفض حتى يتوصل إلى الاتفاق حول التعديلات الدستورية. وبرغم أن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي قد قدم خطة للتسوية الوطنية، إلا أنها فشلت في مقابلة المطالب السنية المتعلقة بالدستور والضمانات القانونية، وتجدر الإشارة إلى أن السنة الذين أيد بعضهم الدستور وشارك في الانتخابات الماضية، قد قاموا بذلك على خلفية الرغبة المستقبلية في ضرورة تعديل الدستور إزاء الاعتبارات المتعلقة باقتسام عائدات النفط، ومسائل الانفصال الإقليمي، ودور الإسلام الوظيفي في الدولة.
- المبادرة الثانية: أن يتم عقد مؤتمر مع دول الجوار الإقليمي للعراق، ومن المعلوم أن كل الدول المجاورة للعراق: إيران، سوريا، السعودية، الأردن، تركيا،  لا ترغب في استمرار الوجود الأمريكي في العراق، فقط باستثناء الكويت.. وبرغم ذلك، ففي نفس الوقت نجد أن كل واحدة من هذه الدول غير الراغبة في الوجود الأمريكي تخاف من تداعيات ومضاعفات ما يحدث في العراق بعد الانسحاب الأمريكي، والتأثيرات الممكنة التي تهددها من جراء ذلك، خاصة وأن حالة عدم الاستقرار والحرب الأهلية والفوضى العراقية سوف تأخذ طابعاً عابراً للحدود، ومن ثم فإن على الإدارة الأمريكية أن تجعل جيران العراق يفهمون الثمن الذي سوف يدفعونه بسبب الفوضى العراقية القادمة إذا انسحبت أمريكا، وبالتالي، يتوجب عليهم إعادة النظر في مواقفهم الرافضة والجلوس مع أمريكا، من أجل التفاهم على صيغة تحفظ توازن المصالح بين الجميع.
- المبادرة الثالثة: أن يقوم الرئيس بوش بتبليغ نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، بأن الإدارة الأمريكية سوف لن تقوم بتحديد تاريخ نهائي للانسحاب، وإنما سوف تتفاوض مع الحكومة العراقية حول جدول زمني لمغادرة العراق.
ويشير دينيس روس إلى أن الفرق بين (تحديد تاريخ نهائي للانسحاب) و(جدول زمني للمغادرة)، بأنه يتمثل في الفرق بين ترك العراقيين في مواجهة الخسارة، وبين تركهم بعد إخطارهم بأنه يتوجب عليهم تحمل أعباء المسؤولية.. وذلك على أساس اعتبارات أن تركهم في مواجهة الخسارة سوف يترتب عليه استمرار وجود الميليشيات وتزايد العنف، وبالتالي الحرب الأهلية المدمرة، بينما تركهم بعد اخطارهم بضرورة مواجهة وتحمل المسؤولية فإنه يتضمن إفهام المجموعات الطائفية انه بإمكانهم إعادة تشكيل وصياغة المستقبل، حصراً إذا توصلوا للتوافق والتسوية الوطنية وتحملوا المسؤولية، وإلا فإنهم سوف يواجهون السقوط في نفق الهاوية المظلمة السحيقة.
وفي نهاية الأمر يلخص دينيس روس المسألة العراقية (واضعاً جرثومة جمرته الخبيثة) قائلاً، بأن الجميع في العراق لا يريدون استمرار وجود أمريكا، وفي الوقت نفسه يخاف الجميع مما سوف يحدث إذا انسحبت أمريكا،
السياسة الأمريكية، مثلها مثل الصناعة الأمريكية، تستخدم التخصص، والانتقال المرحلي من مستوى إلى مستوى، بحيث يكون هناك من يصنع الفكرة السياسية، وهناك من يحولها إلى برنامج عن طريق وضع المخططات وخارطة الطريق، ليأتي بعد ذلك من يقوم بعملية التنفيذ، وعلى هذه الخلفية يمكن أن نفهم لماذا أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش قراراً بتكوين مجموعة دراسة العراق (Irap Sudy Group) برئاسة جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي السابق، على أن ترفع تقريرها للإدارة الأمريكية بعد الانتخابات الأمريكية التي سوف تبدأ في 7 تشرين الثاني القادم.
وحتى الآن تشير المعطيات إلى أن أداء لجنة بيكر سوف يتضمن الآتي:
- أن يقوم جيمس بيكر يجولة تشمل: فرنسا، روسيا، بريطانيا، إيطاليا، وألمانيا.
- سوف يكون تركيز بيكر على التفاوض حول الـ(أجندة السياسية).
- الرئيس بوش يعلق أهمية على مهمة جيمس بيكر، وقد دعا الجميع للتعاون معه.
لقد صدرت الكثير من التكهنات حول السيناريو الذي يمكن أن يقوم بإعداده جيمس بيكر، والذي اشتهر بمبدئه القائل بأنه لا شيء مستحيل، وبالتالي من الممكن أن يتم إنجاز كل شيء.
والجدير ذكره أن مكتب جيمس بيكر عندما كان وزيراً للخارجية الأمريكية، لم يكن يحتوي على شيء، سوى الكرسي الذي يجلس عليه وطاولة عليها لوحة مكتوب عليها: (من الممكن القيام بكل شيء: it can de done).

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...