سيناريو الحرب الأمريكية الجديدة في أفغانستان للسنوات الأربع القادمة

09-05-2009

سيناريو الحرب الأمريكية الجديدة في أفغانستان للسنوات الأربع القادمة

الجمل: أعلن الرئيس الأمريكي أوباما بأنه سيلتزم بسحب القوات الأمريكية من العراق وتصعيد الحرب الأمريكية في أفغانستان ولكنه لاحقاً وعلى خلفية التعقيدات في الساحتين الأفغانية والباكستانية بدأت معالم الصراع في شبه القارة الهندية تأخذ طابعاً أكثر تعقيداً.
* الاستراتيجيون الأمريكيون وإشكالية الإجابة على السؤال الحرج؟
على خلفية تصاعد الصراع في باكستان بشكل متزامن مع تصاعد الصراع في أفغانستان برز السؤال المحرج أمام خبراء التخطيط الاستراتيجي الأمني – العسكري في أمريكا: من أين نبدأ العمل، من باكستان أو أفغانستان؟
وانقسم الخبراء إلى فريق يقول بضرورة البدء بأفغانستان ثم باكستان، وآخر يقول بضرورة العكس. وبرغم أن قرار إدارة أوباما بزيادة القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان وتعزيز وتنويع خطوط الإمداد فإن الخلاف حول نقطة البداية في الخطة الاستراتيجية المرتقبة ما زال يفرض حضوره القوي على عملية صنع واتخاذ قرار الحرب الأمريكية في أفغانستان.
• منظور نقطة البداية الأفغانية: ويستند أنصار هذا المنظور إلى النقاط الآتية:
- إن أفغانستان هي بؤرة الصراع وهي الهدف الحقيقي للحرب الأمريكية.
- إن تصعيد العمليات العسكرية في أفغانستان سيدفع الجماعات المسلحة إلى الانسحاب باتجاه الأراضي الباكستانية المتاخمة للحدود الأفغانية.
- بعد اكتمال تنظيف أفغانستان من المسلحين يمكن الانتقال إلى باكستان وتنفيذ عملية واسعة ضدهم طالما أنهم أصبحوا محاصرين ضمن المناطق الحدودية بواسطة قوات الناتو – أمريكا التي تتقدم من الجانب الأفغاني وقوات أمريكا – باكستان التي تتقدم من الجانب الباكستاني.
• منظور نقطة البداية الباكستانية: يستند أنصار هذا المنظور إلى النقاط الآتية:
- إن باكستان تمثل نقطة الإسناد الأساسية التي توجد فيها البنيات التحتية والداعمة للحركات المسلحة الأفغانية.
- إن القضاء على البنيات التحتية الداعمة للحركات المسلحة الأفغانية الموجودة في الأراضي الباكستانية سيتيح المزايا الإضافية في المسرح الأفغاني وهي مزايا سيكون أقلها حرمان الحركات المسلحة الأفغانية من مصادر الإمداد وقواعد التدريب إضافة إلى القضاء بشكل كامل على هامش المناورة المتاح أمامها في باكستان.
- إن البدء من باكستان سيتيح للقوات الأمريكية تأمين خطوط إمدادها الرئيسية التي لن تستطيع الاستمرار في الحرب الأفغانية بدونها.
وعلى خلفية المفاضلة بين المنظورين بدأت تظهر بعض العوامل السياسية التي منها على سبيل المثال لا الحصر الاستعانة بالقدرات الهندية في أفغانستان وهو ما تعارضه باكستان بشدة وتوافق عليه بشدة حكومة كرزاي الأفغانية.
* من أين ستكون البداية؟
تقول المعلومات الواردة من واشنطن أن إدارة أوباما قررت في البدء أن تشرع في تصعيد جهودها الحربية في المسرح الأفغاني حصراً ثم بعد ذلك تنتقل إلى المسرح الباكستاني ولكن بعد معايرة وتقويم خبراء البنتاغون للسيناريو الحربي فقد حزمت إدارة أوباما أمرها على التحول باتجاه تطبيق سيناريو بدء التصعيد في المسرح الباكستاني ثم الانتقال إلى المسرح الأفغاني بعده.
دوافع التحول من استراتيجية أفغانستان – باكستان إلى استراتيجية باكستان – أفغانستان كانت بسبب تأثير العوامل الآتية:
• العامل السياسي: إن تصعيد الحرب في أفغانستان سيترتب عليه تصعيد الضغوط السياسية والأمنية الداخلية في باكستان وذلك بما سيؤدي إلى سقوط النظام الباكستاني قبل اكتمال العمليات العسكرية الأمريكية في المسرح الأفغاني وهو أمر سيترتب عليه المزيد من التداعيات الخطيرة التي أقلها سيتمثل في وقوع أسلحة الدمار الشامل الباكستانية في يد القوى الإسلامية الأصولية الباكستانية الحليفة للقوات الأصولية الإسلامية الأفغانية وثانياً قطع خطوط الإمداد العابرة لباكستان بشكل نهائي سيترتب عليه جعل القوات الأمريكية وقوات الناتو بمعزل عن الحصول على أي إمدادات.
• العامل العسكري: إن تصعيد الحرب في أفغانستان سوف لن يحقق النتائج المرجوة بشكل سريع وعلى الأغلب أن تطول فترة الحرب بما يترتب عليه معاناة القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو من حرب استنزاف واسعة النطاق وهو أمر سيلحق الضرر بالقدرات الأمريكية إضافة إلى احتمالات تزايد معارضة الرأي العام الأمريكي والعالمي.
وعلى هذه الخلفية فقد اعتمدت الخطة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة على النقاط الآتية:
• تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في باكستان.
• تأمين الترسانة النووية الباكستانية.
• محاصرة الحركات المسلحة الأفغانية والباكستانية في مناطق الحدود الباكستانية – الأفغانية.
• تهدئة العلاقات الباكستانية – الهندية بما يدرأ حدوث أي تصعيدات في ملف النزاع الكشميري.
• إبعاد شبح النفوذ الصيني المحتمل في أفغانستان لأن الصين كانت تنتظر حدوث نتائج التصعيد الأمريكي في المسرح الأفغاني بما يتيح للصينيين التدخل في الساحة الباكستانية تحت مزاعم حماية الترسانة النووية الباكستانية من وقوعها في يد الحركات الأصولية.
• تأمين استمرار النفوذ الأمريكي في باكستان لأن فقدان باكستان سيترتب عليه بالضرورة الفشل في تأمين السيطرة على أفغانستان.
• تفادي توريط الهند في الصراع الباكستاني والصراع الأفغاني على الأقل في الوقت الحالي، وذلك لأن تعزيز القدرات الهندية يمثل في حد ذاته أمراً ضرورياً لتحويل الهند إلى قوة إقليمية موازية للصين.
وتضمنت خطة باكستان – أفغانستان الجديدة النقاط الآتية:
• على المدى القريب: توظيف الستة أشهر الأولى في عمليات الحشد الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي.
• على المدى الوسيط: توظيف فترة الأربعة سنوات في عمليات التصعيد العسكري الميداني بما يؤدي إلى حسم الحرب لصالح أمريكا.
• على المدى الطويل: توظيف الخمس سنوات التي تعقب الحسم والنصر في عمليات بناء تحالف أمريكي واسع ومتعدد الأهداف والغايات مع دول شبه القارة الهندية الرئيسية الثلاثة: الهند – باكستان – أفغانستان.
تقول التحليلات بوجود بعض الخلافات بين إدارة أوباما والهند حول الخطة الجديدة إضافة إلى معارضة الخبراء الإسرائيليين للخطة على أساس اعتبارات أن الهند ترغب في أن يتاح لها التدخل في الساحة الأفغانية بما يتيح لها لاحقاً إضعاف القدرات الباكستانية أما إسرائيل فتقف إلى جانب الخيار الهندي لأن الإبقاء على قدرات باكستان النووية هو خيار لا تحبذه إسرائيل وحالياً يعكف الخبراء الإسرائيليون الهنود باتجاه حث إدارة أوباما على التخلي عن خيار خطة باكستان – أفغانستان والعودة إلى خيار أفغانستان – باكستان.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...