صناعيو دمشق يبيعون سلعهم مجانا ردا على الحصار الاقتصادي الغربي لبلادهم...
تفاعل آلاف السوريين، الثلاثاء 21/1/2020، مع المبادرة التي أعلنها رجال الأعمال في اتحاد غرف الصناعة والتجارة بدمشق وريفها لدعم الليرة السورية وردا على تشديد الحصار الغربي على البلاد، وذلك عبر بيع جميع منتجاتهم (كل شيء بليرة)، ضمن مهرجان للتسوق الشعبي في إحدى المدن الرياضية وسط العاصمة دمشق.
وشهد المهرجان" إقبالا شديدا على المنتجات المعروضة، وسط مشاهد تثير المشاعر حول الضغوط المعيشية الهائلة التي بات السوريون يرزحون تحت عبئها جراء تكاتف الإرهاب التكفيري والاحتلال الأمريكي والحصار الاقتصادي الغربي في تدمير قيمة عملتهم الوطنية ومنع السلع من الوصول إلى موانئهم.
وتقدمت عشرات الشركات السورية للمساهمة في المبادرة عبر إقامة "ستاندات" متنقلة، إضافة لإرسال عدد من السيارات والموظفين الذين افترشوا الحديقة التي تتوسط مدينة الجلاء الرياضية، لعرض منتجاتهم المتنوعة لعدة ساعات، والتي سرعان ما لاقت إقبالا شديدا، ولكن بشكل متفاوت على بعض الأصناف مقارنة بالأخرى نتيجة تفضيل المواطنين الذين يمتلكون قطعا معدنية من الليرة السورية للسلع غالية الثمن.
وخلال الأيام الأخيرة، اجتاحت مبادرة (ليرتنا- عزتنا) المتاجر السورية في عدد من المحافظات، وقوامها بيع المنتجات المختلفة مقابل قطعة ليرة معدنية واحدة، وسط تحسر واسع بين أوساط السوريين على ما اعتادوا تسميته بأيام (الزمن الجميل) حين كانت لليرة السورية قيمتها في الأسواق، قبل أن تتقهقر بشكل درامي خلال سنوات الحرب.
واجتذبت مبادرة (كل شي بليرة) أكثر من 250 صناعياً بدافع ذاتي، على أن يتم بيع أي قطعة حصراً بـليرة، علماً أن هذه المبادرة عبارة عن انعكاس إيجابي اجتماعي لدعم الليرة السورية ومؤازرة وحس وطني عميق للصناعيين لدعم العملة الوطنية وتقليص الآثار الناجمة عن المضاربة على الليرة ومنعكسات الحصار الغربي على سوريا.
وأجمع أغلب المتسوقين القادمين من مختلف أحياء وبلدات مدينة دمشق وريفها، على أن مثل الحملات إيجابية بكل المقاييس، وتساهم في بناء الثقة بين المواطن وعمتله الوطنية، فعلى الرغم أن الليرة لا تحمل قيمة مادية حقيقية، ولكن ما يهم هو البعد المعنوي وما تعكسه مبادرة (ليرتنا عزتنا) من رسائل حول مدى ثقة الشعب السوري بعملته ووقوفه إلى جانبها في وجه الحرب والعقوبات الأمريكية التي طالت حياة السوريين في أكثر أولويات معيشتهم حساسية، بالتزامن مع حرمانهم من عائدات نفطهم الذي ينهبه الجيش الأمريكي من الحقول الواقعة في مناطق سيطرته.
وقال أكرم حلاق عضو غرفة صناعة دمشق المنظمة لمهرجان التسوق في صالة الجلاء، إن الهدف من المبادرة هو إظهار أن الليرة السورية ما تزال تتمتع بقيمتها رغم تآمر دول الظلام لإنهاك الاقتصاد السوري، مؤكدا أن المبادرة ستساعد في تحسن الليرة وتقليص حدة الهجمة التي واجهتها، تبرز ثقة السوريين وتمسكهم بليرتهم على هامش القوانيين التي اتخذتها الدولة السورية ومراسيم رئيس الجمهورية بشأن حماية الليرة من المضاربة في الأسواق الداخلية والمجاورة.
ودخلت غرفة صناعة دمشق وريفها على خط "مبادرة ليرتنا عزتنا/ قوتنا بليرتنا" من خلال فعاليتها "كل شي بليرة" في صالة الجلاء من الساعة 12 ظهراً وحتى 8 مساءً، وذلك للمساهمة في تنمية ثقافة المبادرة ودعم التنافسية الإيجابية التي تخلق اقتصاداً قوياً.
الدكتور ماهر القلعي، وهو خبير اقتصادي حضر لدعم المبادرة، قال إن الدولار تحول لسلعة ويجب أن نعيد الثقة والتعامل بالليرة السورية ويجب أيضاً أن يراجع السوريون ثقتهم بليرتهم، إضافة إلى ضرورة دعم الصناعة المحلية من جهة، وإدراك المزارع والتاجر والصناعي بأن الربح يكون بحدود معقولة دون جشع من أجل النهوض مجدداً، من جهة أخرى.
وتتفاعل الجهات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع العرض ليتسابق الكثيرون إلى إعلان سلعة أوخدمة مقابل ليرة سورية واحدة، فما استغل آخرون هذه الحملات لإعلان تخفيضات أو عروض متنوعة.
يجدر بالذكر أن الحكومة السورية سحبت النقود المعدنية من فئة 1 ليرة سورية من التداول في عام 2013، الأمر الذي يشير إلى أن عمليات البيع التي مقابلها اليوم ذات بعد معنوي صرف، وليس تجاريا.
وتواصل حملة (ليرتنا- عزنا) لليوم الثالث على التوالي انتشارها بين مختلف الأوساط التجارية السورية في مختلف المحافظات، وشملت سلعا وخدمات غير اعتيادية يتم تقديمها للمستهلكين مقابل ليرة معدنية واحدة، ومن مثال ذلك، محال السهر والكافتيريات وحتى صالات التجميل وغيرها.
وخلال الـ 24 الساعة الماضية بدأت بعض المتاجر التي يملكها سوريون في بلدان الخليج وجنوب شرق آسيا بالانضمام إلى المبادرة، بما يتماشى مع قوانين النقد المعتمدة في البلدان التي يعيشون فيها.
كما برزت العديد من العروض التجارية في المحافظات السورية التي تبيع بأسعار مخفضة بشكل كبير ومستمر.
وساهمت المبادرة في تعزيز الطلب على قطع الليرات المعدنية بطريقة تثير التندر بين أوساط السوريين، وخاصة بعدما وصل سعر القطعة الواحدة من الليرة السورية إلى (1000 ليرة سورية) نظرا للعروض المغرية التي يمكن الحصول عليها لقاء القطعة المعدنية.
ومع التحولات العميقة التي طرأت على حياة السوريين وقدرتهم الشرائية جراء التراجع الكبير قيمة العملة الوطنية على خلفية الحصار الغربي الخانق للبلاد، انطلق العديد من مبادرات التكافل الاجتماعي، إلا أن مبادرة (ليرتنا- عزتنا) لاقت حتى الآن رواجا منقطع النظير خلال الساعات الـ 48 الأخيرة.
وتعد الليرة السورية الوحدة النقدية الرسمية في البلاد، إلا أن تراجع قيمتها الشرائية بشكل انهياري جراء الحرب والحصار الغربي على البلاد، دفع بالـ 100 ليرة الورقية لتحل محلها في عمليات شراء سلع التجزئة الرخيصة.
وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا شديدا في الأسعار تبعا لعوامل عديدة يقف في صفها الأول التراجع الكبير في سعر صرف الليرة أمام الدولار جراء تشديد الحصار الغربي على سوريا وتجفيف الدولار من الأسواق إبان القلاقل التي يشهدها كل من العراق ولبنان اللذين كانا يشكلان متنفسا اقتصاديا للتجار السوريين وممرا لتوريد احتياجات البلاد من السلع الأساسية.
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى إلى إطباق الحصار الخانق على الشعب السوري، ففيما ينهب جيش الاحتلال الأمريكي النفط السوري شرق البلاد، فإن حكومة بلاده استطاعت تعطيل نحو 60% من شحنات النفط والتوريدات الأخرى التي تعاقد عليها التجار السوريين خلال الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى تركز المنعكسات المعيشية الناجمة عن موجة البرد القارس التي تمر بها سوريا، في ظل تراجع كبير في القيمة الشرائية.
سبوتنيك
إضافة تعليق جديد