عروض تسليح سعودية وقطرية وإعلان «المجلس العسكري» يثير خلافاً بين المعارضة
دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة بعد التطور الميداني الذي تمثل في بسط الجيش السوري سيطرته على حي بابا عمرو في مدينة حمص وإقرار المسلحين بـ«انسحابهم تكتيكياً» من الحي، الذي سرعان ما سمحت السلطات السورية للصليب الاحمر الدولي والهلال الاحمر السوري بدخوله اليوم الجمعة، فيما كان مجلس الامن الدولي يطلب عبر بيان للمرة الاولى منذ 7 اشهر، من دمشق «السماح بالدخول الحر والكامل والفوري لفرق المساعدات الانسانية الى كل السكان الذين يحتاجون للإسعاف»، معرباً عن أسفه للتدهور السريع في الوضع الانساني.
وفيما ظهر خلاف واضح بين المجلس الوطني السوري بزعامة برهان غليون وقائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الاسعد حول تشكيل «مجلس عسكري للإشراف على المعارضة المسلحة داخل البلاد وتنظيمها تحت قيادة موحدة»، اكد رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني استعداد بلاده لدرس «كل الخيارات لإنقاذ الشعب السوري»، بعد أيام من اعلان الدوحة والرياض ترحيبهما بفكرة تسليح المعارضين، وهو الامر الذي رد عليه الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، مؤكداً أنه يعارض العنف كوسيلة لإنهاء الأزمة السورية، في حين بدت واشنطن متحفظة إزاء فكرة التسليح على اعتبار انه ليس واضحاً ما اذا كانت هذه الخطوة تفيد المعارضة او تضرها.
طلب مجلس الأمن من السلطات السورية «السماح بالدخول الحر والكامل والفوري لفرق المساعدات الانسانية الى كل السكان الذين يحتاجون للإسعاف». ووافقت روسيا والصين على البيان الذي جرت المصادقة عليه بعد ان رفضت سوريا السماح لمسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة فاليري اموس بدخول اراضيها، موضحة أن الموعد الذي اقترحته اموس كان غير مناسب.
وقال البيان إن «أعضاء مجلس الأمن يعربون عن خيبة أملهم العميقة» من عدم سماح الحكومة السورية لاموس «بزيارة سوريا في الوقت المطلوب، رغم الطلبات المتكررة والاتصالات الدبلوماسية الكثيفة للحصول على موافقة سوريا». ودعا الى السماح لاموس «بالدخول الفوري من دون أية إعاقة» الى سوريا.
واعلنت دمشق استعدادها «للتشاور حول موعد» لزيارة اموس الى سوريا. وقال بيان لوزارة الخارجية السورية إن «وكيلة الامين للامم المتحدة للشؤون الانسانية طلبت القدوم في موعد لم يكن مناسباً لنا ومستعدون لمتابعة التشاور معها حول موعد مناسب للطرفين لبدء الزيارة».
وأضاف بيان مجلس الامن إن «اعضاء مجلس الأمن يستنكرون التدهور السريع للوضع الانساني، خاصة الزيادة المضطردة في أعداد المدنيين المتضررين، ونقص إمكانية حصولهم الامن على الخدمات الطبية، ونقص الطعام وخاصة في المناطق المتضررة من القتال والعنف مثل حمص وحماه ودرعا وادلب».
ودعا مجلس الأمن سوريا الى «السماح بالدخول الفوري والكامل ومن دون أية إعاقة للعاملين الانسانيين ووصولهم الى جميع السكان المحتاجين للمساعدة طبقاً للقانون الدولي ومبادئ المساعدات الانسانية».
وكانت روسيا والصين صوتتا ضد قرارين في مجلس الأمن يدينان سوريا، وتتوخيان الحذر الشديد تجاه اي بيان يمكن ان يستغل للتدخل العسكري الخارجي في سوريا. وفي تنازل لهاتين الدولتين، طلب المجلس من «جميع الاطراف» التعاون مع جهود إجلاء الجرحى من المدن السورية.
وفي جنيف، تبنى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان قراراً يدعو مرة اخرى «الحكومة السورية الى وقف انتهاكات حقوق الانسان والسماح للامم المتحدة وللوكالات الانسانية بالوصول من دون عائق» الى البلاد. وقامت الدول الـ47 الاعضاء في مجلس حقوق الانسان بالتصويت على مشروع القرار الذي تم تبنيه بتأييد 37 صوتاً ومعارضة ثلاثة، هي الصين وروسيا وكوبا، وامتناع ثلاث دول هي الاكوادور والهند والفيليبين.
وقال رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، في ختام لقاء في بروكسل مع رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز، «علينا ان ندرس كل الخيارات لإنقاذ الشعب السوري».
ونفى وجود جنود قطريين في الأراضي السورية. وقال «هذا ليس صحيحاً». وأكد ان «سوريا تطرح مشكلة مهمة بالنسبة لنا وللمنطقة ومشكلة مهمة من وجهة نظر إنسانية» واعتبر حمد، الذي التقى الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن، ان الحل الوحيد لسوريا هو القبول بتوصيات الجامعة العربية. وأضاف «إننا مع إيقاف القتل في سوريا ومع إيصال المساعدات الإنسانية وعلى موافقة الحكومة السورية على المبادرة العربية».
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في مؤتمر صحافي في القاهرة، إنه يعارض العنف كوسيلة لإنهاء الأزمة السورية بعد أن دعت السعودية وقطر إلى تسليح المعارضين. وقال العربي، في مؤتمر صحافي عُقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة، «أنا ضد استخدام العنف والجامعة العربية ليس لها علاقة بالتسليح».
ووافقت الجامعة العربية على قرار في شباط يدعو العرب إلى تقديم كل أشكال الدعم السياسي والمادي للمعارضة السورية، وهو بيان فسّره دبلوماسيون عرب حينها على أنه يعني السماح بإمداد المعارضة بالسلاح.
وقال العربي إنه يأمل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بما يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا».
واعلن ان الجامعة العربية ستستضيف مؤتمراً في القاهرة للمعارضة السورية خلال اسبوعين لمساعدتها في تنظيم صفوفها. وقال «المطلوب الآن بالنسبة للمجلس الوطني (السوري) وجميع المعارضة هو توحيد صفوفهم، وهذا أمر الجامعة مطالبة به».
وقال العربي إن موفد الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان «سيصل القاهرة في 7 آذار». واضاف انه سيقوم بعد ذلك بجولة الى سوريا والدول النافذة في الملف السوري، لكن من دون تحديد موعد للزيارة او تسمية الدول التي سيزورها.
وكان انان قال، في مؤتمر صحافي في نيويورك بعد لقائه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، انه يأمل التوجه «قريباً» الى دمشق وتسليمها «رسالة واضحة: المجازر وأعمال العنف يجب أن تتوقف وان تصل الوكالات الانسانية (الى السكان) كي تقوم بعملها، ومن المؤسف ان هذا الأمر لم يحصل».
واشار الى «ضرورة قيام حوار بين جميع الفاعلين في الازمة السورية في اقرب وقت ممكن». وبعد أن اعتبر ان مهمته هي «عمل صعب جداً وتحدّ شاق»، اكد انه من «المهم جداً ان يوافق الجميع على انه لا يوجد الا عملية وساطة واحدة» في سوريا «هي التي طلبت مني الامم المتحدة والجامعة العربية القيام بها». واوضح انه في حال عدم الموافقة فقد يكون هناك وسيط ضد الآخر، معتبراً انه يتوجب على الاسرة الدولية ان «تتحدث بصوت واحد كي يكون صوتها قوياً».
وقال روبرت فورد، السفير الأميركي في دمشق الذي غادر منصبه وأغلق السفارة قبل شهر لأسباب أمنية، امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ان «نظام الاسد يعاني من ضغوط أكبر الآن من تلك التي كان يتعرض لها قبل شهرين او ثلاثة».
واعتبر ان الجيش السوري «اصبح يواجه تحديات أكبر لانه يعاني من سيل متواصل من الانشقاقات». واضاف ان «الجيش حافظ حتى الآن على تماسكه، كما ان الاجهزة الامنية حافظت على تماسكها، ولكنها تحت ضغوط أكبر بكثير». وتابع ان «اوساط الاعمال والتجارة غير سعيدة مطلقاً» وقد غيّر النظام سياساته «لإرضائهم»، كما أن القيادة قلقة كذلك من التأييد المتناقص لها في الشارع.
وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فلتمان إن «الشعب السوري أظهر شجاعة فائقة رغم الوحشية والحرمان الذي عانى منه». واضاف «لا نعرف بالضبط متى ستحدث نقطة الانهيار .. ولكنها ستأتي .. إن انهيار نظام الاسد هو أمر حتمي». واشار الى ان الادارة الاميركية على علم بأن بعض الدول تتحدث عن امكانية تسليح المعارضين، لكنه اعتبر انه لا يزال من غير الواضح ما اذا كان الامر سيفيد المعارضة ام يضرها، مشدداً على ضرورة استخدام الدبلوماسية، ضمنها الامم المتحدة، للضغط على النظام السوري.
واشار فيلتمان الى ان «سوريا ليست دولة موقعة على مواثيق الاسلحة الكيميائية. وحقيقة أن هذه المخزونات موجودة تذكرنا بالدور الذي لعبته سوريا عبر السنين في زعزعة الاستقرار». وقال «ليست لدينا اية مؤشرات في هذه المرحلة على ان هذه المخزونات خرجت من سيطرة الحكومة السورية .. ولكن هذه هي من بين الأسباب التي تجعل الانتقال المرتب مهماً للغاية بدلاً من الانتقال الفوضوي».
ويبدو ان قادة الأجنحة السياسية والعسكرية للمعارضة السورية مختلفون بشأن سلطة «المجلس العسكري» الذي أعلن عن تشكيله ما يسلط الضوء على الانقسامات داخل المعارضة.
وقال رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، في مؤتمر صحافي في باريس، إن «المعارضة السورية شكلت مجلساً عسكرياً للإشراف على المعارضة المسلحة داخل البلاد وتنظيمها تسليح المعارضين تحت قيادة موحدة». واعلن إن «جميع القوى المسلحة في سوريا اتفقت على تشكيل المجلس العسكري وإنه سيكون بمثابة وزارة للدفاع».
وقال انه تباحث مع الأسعد ورئيس «المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سوريا» العميد مصطفى الشيخ الذي يتزعم «المجلس العسكري الثوري الأعلى وهما «موافقان على الانضمام الى المكتب».
ولم تمض ساعات حتى قال الأسعد إنه لم يشارك في تشكيل المجلس العسكري، مشيراً الى انه لا يعرف اهداف هذا الكيان. وقال انه «يريد أفعالاً وليس أقوالاً»، مشيراً الى انه «تحدّث إلى غليون مساء الاربعاء لكن لم يتم التوصل الى اتفاق بينهما».
وقال مساعد غليون، اسامة المنجد إن «المجلس العسكري سيجمع كل الفصائل التي تقاتل الحكومة السورية تحت مظلة واحدة، ويقيّم احتياجاتها العسكرية ويحاول الوفاء بها من خلال عروض المساعدة من الخارج». واضاف ان «دولاً عديدة، من بينها السعودية، عرضت تقديم السلاح للمعارضة». وتابع ان «السلاح يتم تهريبه بالفعل سواء شاء المجلس أم لم يشأ، لذا فإن دور المجلس يتطلب تنظيم هذه العملية وضمان عدم وقوع الاسلحة في الأيدي الخطأ في سوريا».
واشارت صحيفة «الغارديان» الى ان الـ 100 مليون دولار التي اعلن المجلس الانتقالي الليبي، امس الاول، انه سيقدمها الى المعارضة السورية كمساعدة «انسانية» تأتي بعد ايام من إعلان قطر والسعودية دعمهما تسليح المعارضين. واشارت الى ان ليبيا لا تملك المال اللازم لتقديم مساعدات. وذكرت ان متحدثاً باسم المجلس رد على سؤال حول ما اذا كانت طرابلس قادرة على تقديم مثل هذا المساعدة «لن يكون هناك مشكلة».
وذكرت الصحيفة أن قطر كانت من اوائل الدول في العالم التي سلحت المعارضين الليبيين، ودربت المقاتلين.
وأكد وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف والصين يانغ جيتشي، في اتصال هاتفي، «معارضة بلديهما أن تحث القوى الخارجية أي طرف من طرفي النزاع السوري على استخدام العنف. إن موسكو وبكين تدعوان الأطراف الخارجية المعنية كافة إلى المساعدة على تحقيق التسوية السلمية في سوريا من خلال تهيئة الظروف لبدء الحوار الواسع بين السلطات السورية ومجموعات المعارضة كافة».
وأضاف بيان الخارجية الروسية أن «الوزيرين قيّما إيجاباً نتائج استفتاء سوريا على مشروع الدستور الجديد»، ودعوا إلى «مواصلة التنسيق حول سوريا في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى».
وقال لافروف، في تصريح لصحيفة «روسيسكايا غازيتا» نشر امس، ان «روسيا لا تدافع عن النظام السوري، بل عن العدالة وحق الشعب السوري في اختيار الحكومة التي تروق له بطريقة ديموقراطية وسلمية، وبشكل يتوافق بالكامل مع المبادئ الاساسية لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي بشكل عام». واضاف «نحن على قناعة بان الطريق نحو تحقيق هذا الهدف هو الحوار الشامل الذي تشارك فيه جميع القوى السياسية والطوائف، وان البديل لذلك هو الحرب الأهلية المدمرة».
واعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان عناصر من تنظيم القاعدة يقاتلون في سوريا ضمن وحدات مسلحة ضد القوات الحكومية. وقال «ليس سراً لأحد ان مقترحاتنا (المتعلقة بالازمة السورية) رفضها الغرب او جمدتها المعارضة السورية المتشددة من دون التحدث عن وحدات مسلحة يقاتل في صفوفها مقاتلون من القاعدة ومتطرفون آخرون ضد القوات الحكومية».
واكد لوكاشيفيتش ان موسكو وافقت على مناقشة الطريقة التي تعاملت بها مع الازمة السورية مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الا انه نفى ان يكون قد تم تحديد موعد لذلك الاسبوع المقبل.
وجاءت التصريحات الروسية رداً على اعلان وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح بان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيعقدون الاربعاء المقبل اجتماعاً مع نظيرهم الروسي لبحث الاوضاع في سوريا.
وقال مصدر امني في دمشق إن الجيش السوري سيطر بالكامل على حي بابا عمرو في حمص، فيما اعلن الاسعد ان عناصر «الجيش السوري الحر نفذت انسحاباً تكتيكياً من الحي حفاظاً على ما تبقى من الاهالي والمدنيين».
وقال المصدر الامني «سيطر الجيش على كامل مناطق بابا عمرو بعدما سقطت آخر جيوب المقاومة فيه». وأضاف ان عناصر الجيش النظامي «يقومون بتوزيع الطعام على السكان ويُجلون الجرحى». وتابع «المسلحون ما زالوا في احياء الحميدية والخالدية والعمليات متواصلة لإخراجهم منها».
وقال معارضون «الجيش دخل بابا عمرو من أربع جهات ويلاحقون من تبقى من المقاتلين في البساتين وحتى الآن يوجد 17 قتيلاً من الثوار». وذكرت مصادر سورية موثوقة انه خلال دخول الجيش الى حي بابا عمرو استسلم 600 مسلح من الجنسية السورية و118 مسلحاً من جنسيات عربية مختلفة، وتم ضبط معدات تقنية حديثة موصولة بالأقمار الصناعية وهي من صنع اميركي وبريطاني.
وبعد ساعات، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن السلطات السورية اعطتها الاذن لنقل مساعدات الى بابا عمرو اليوم. وقالت ان «الصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري سيتوجهان الجمعة الى بابا عمرو لإيصال مساعدات انسانية وإجلاء الجرحى». وقالت اللجنة انها تلقت مؤشرات ايجابية من السلطات تتعلق بطلبها إعلان هدنة انسانية من ساعتين يومياً.
وكالات
إضافة تعليق جديد