عن دخول مُشغل ثالث لشبكات الخليوي
بعد حملة إعلامية مدوية تناولت فرضية بدء اعتماد حساب كسر الدقيقة في احتساب كلفة الاتصال عبر الخليوي، جاء تصريح وزير الاتصالات والتقانة السوري الدكتور عماد صابوني ليضع حداً للوعود التي قطعتها «مؤسسة الاتصالات» وليخلق خيبة أمل لدى مشتركي الهاتف الخليوي في سورية الذين استبشروا خيراً تجاه هذا القرار الذي يؤدي إلى تخفيض كلفة الاتصالات الخليوية والتي لا يخفي الجمهور استياءه من ارتفاعها.
فقد أشار وزير الاتصالات السوري إلى أن تسعير الدقائق يجري من طريق لجنة التنسيق التي نص على وجودها العقد الموقع بين «مؤسسة الاتصالات» من جهة، وشركتي الخليوي من الجهة الأخرى. وأكّد الصابوني أن لجنة التنسيق اتّخذت قراراً أولياً باحتساب الفوترة بالثواني، موضحاً أن العرض التنفيذي المقدّم من الشركتين لم يلق قبولاً لدى لجنة التنسيق، لأنها لم تر أنه يراعي مصلحة المشترك في شكل كافٍ. وأعرب وزير الاتصالات عن اعتقاده بأنه كان يجب عدم نشر الموضوع قبل التوصّل إلى اتفاق متكامل بين أطرافه كافة.
«حساب بيدر» جمهور الخليوي
يبدو ان «حساب الحقل» لم يطابق «حساب البيدر»، باقتباس من المثل الشعبي المعروف، في مسألة اتصالات الخليوي وتكاليفها وطريقة احتساب دقائقها وثوانيها. وقد لقيت تصريحات الوزير استياء لدى المشتركين الذين فوجئوا بعروض جديدة أرسلتها شركتا الخليوي تتضمن تقديم دقيقة مجانية كـ «ربح» في حال قيام المشترك بالاتصال ثلاث مكالمات يومية، مع ملاحظة أن هذا الربح مرهون بشرط ارسال رسالة فارغة على رقم الشركة! فكأن ما أعطي باليد اليمنى أخذ باليسرى.
وبدأت ردود الأفعال إعلامياً على التصريحات المذكورة، وخصوصاً على المواقع الالكترونية التي نشر أحدها تعليقاً بعنوان «عالوعد يا صابوني». وتناول الموقع وعد وزارة الاتصالات ومؤسستها بتعديل تعرفة اتصالات الخليوي. وابتدأ مقال على الموقع بالقول «عالوعد يا كمون».
وفي سياق متصل، تحدّثت الصحف الحكومية عن آلية جديدة في فوترة اتصالات المستخدمين الخليوية تتضمن تجزيء الدقيقة الأخيرة في اتصالاتهم إلى أربعة أرباع، بحيث تستوفى عن الـ 15 ثانية الأولى منها ليرة وربع الليرة، وليرة واحدة عن الـ 15 ثانية الثانية والثالثة، فيما يستوفى 75 قرشاً (ثلاثة أرباع الليرة) عن الثواني الـ 15 الأخيرة. والمعلوم أن سعر الدقيقة من الاتصال بالخليوي، يصل إلى 4 ليرات (الدولار يساوي 46 ليرة).
وفي تعليقاتها عن هذا الموضوع، تحدثت الصحف الخاصة عن خيار آخر يتمثّل بالبدء باحتساب الثواني بعد الدقيقة الأولى. وركزت إحدى الصحف الرسمية على أنها تتفهم موقف شركات الخليوي التي لا تحبذ هذا النوع من الإجراءات (أي تجزيء الدقيقة) لكونها لا تتوافق ومبادئ التسويق التي ترتكز إلى أن كل تغيير نوعي في التسعير أو التحاسب، يجب أن ينتج تطوراً كمياً في حجم الاتصالات وعدد المستخدمين. فمثل هذا الإجراء (تجزيء الدقيقة الأخيرة) سيقلل في شكل ملحوظ من الإيرادات الكلية لقطاع الاتصالات الخليوية، إلا أنه لا يضر بنمو السوق. وبمعنى آخر، لا يؤدي هذا القرار إلى انضمام مستخدمين جدد إلى الخدمة، كما أنه لا يساهم في تحفيز الاستهلاك، إذ يشجع المستخدم على إنهاء الاتصال في مرحلة زمنية محددة، ولا يشجعه على إجراء مزيد من الاتصالات. واعتبر كثيرون أن هذا الإجراء يعتبر تطبيقاً فعلياً لمفهوم «التسويق السلبي» الذي يوجه الجمهور نحو تقليل مدة الاتصال، وليس نحو زيادة عدد الاتصالات، أو الانضمام إلى أكثر من شبكة خليوية. ورأت أن هذا السبب يُفسّر أن أربع دول عربية تعتمد آلية تجزيء الدقيقة.
ارتفاع سعر خدمة الخليوي
وبات معلوماً وشائعاً ان جمهور الخليوي في سورية يشكو من ارتفاع رسم الاشتراك الذي فرض على الخطوط الخليوية منذ بدء عمل الشركتين في سورية، والذي يبلغ راهناً 450 ليرة شهرياً حالياً أي حوالى عشرة دولارات، إضافة إلى ارتفاع تعرفة المكالمات بمعدل لا يتناسب مع دخل المواطن السوري. فمثلاً، تبلغ كلفة الاتصال من خليوي إلى خط ثابت ست ليرات للدقيقة، وأربع ليرات للدقيقة للإتصال من خليوي إلى آخر. ويسود جمهور الخليوي في سورية شعور بأن فاتورة اتصال الخليوي، باتت تستحوذ على جزء كبير من موازنتهم. ولا تسمح هذه التكلفة للمشترك بالوصول إلى كفايته من هذه الخدمة بالشكل المناسب. إذ يشعر بالخوف من إطالة مدة المكالمة التي يجريها، وينظر دائماً إلى العداد الزمني على هاتفه كي لا يتجاوز مقداراً معيناً. وعبر بعض المشتركين عن استيائهم عبر مقاطعة شبابية للاتصالات الخليوية جرت منتصف العام الحالي. وبعث هؤلاء برسائل نصية تدعو الى عدم التكلّم على الخليوي مدة يوم. وحينها، وصف المتحدثون باسم شركتي تشغيل الخليوي هذه المحاولة بأنها لا تعبر عن رأي الزبائن، وادرجوها ضمن المبادرات الفردية. وفي المقابل، اعتبر بعض الجمهور الدعوة وسيلة لإيصال صوت الاعتراض إلى الشركتين ووزارة الاتصالات.
بعد ثماني سنوات تمتعت خلالها الشركتان المشغلتان للخليوي في سورية بصفات حصرية مكنتهما من تحديد أسعار احتكارية للاتصالات، صرح المدير العام لمؤسسة الاتصالات ناظم بحصاص بأنه يجري العمل حالياً على إدخال مُشغّل ثالث إلى السوق السورية، ملاحظاً أن ذلك يؤدي إلى تخفيضات ملموسة على أسعار المكالمات الخليوية، ومشيراً أن المؤسسة تسعى للحصول على أفضل الأسعار للمواطن. وفي السياق عينه، قالت وزارة الاتصالات أنها ستطلق عملية استدراج للمشغل الثالث عبر الاستعانة بمستشار يتمثّل في شركة استشارات تابعة لشركة الاتصالات الألمانية التي ستنفذ المرحلة الأولى خلال ثلاثة أشهر.
وسبق لشركة «اتصالات الإمارات» أن أعلنت أنها تدرس إمكان المنافسة على رخصة ثالثة لاتصالات الجوال في سورية. وفي هذا السياق، أجرت شركة «زين» الكويتية لاتصالات الخليوي في نيسان (أبريل الماضي)، محادثات مع الحكومة السورية لدخول سوق الاتصالات الخليوية المحلية.
رنا إبراهيم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد