فيسك:الحقيقة المحزنة اننا نزود حكام السعودية بطائرات وويسكي وعاهرات
هل العاهل السعودي اكثر ديمقراطية من روبرت موغابي دكتاتور زيمبابوي الذي رفض رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون مجرد اللقاء معه؟
وهل القيم المشتركة بين بريطانيا والسعودية التي اشار اليها خطاب وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية في مؤتمر صحافي تعني ان لندن اصبحت تؤمن بدفع الرشاوي كوسيلة شرعية لتأمين عقد صفقات الاسلحة، واصبحت تؤمن بعدم جدوي اجراء الانتخابات وعدم احقية النساء في قيادة سياراتهن، وضرورة رجم الزناة (مثل الوزير السابق بلانكيت وبريسكوت النائب السابق لبلير) حتي الموت؟
هذه الاسئلة وغيرها كثير، كانت ضمن حملة انتقادات واسعة شنتها الصحف البريطانية خلال اليومين الماضيين احتجاجا علي زيارة الدولة التي يقوم بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لبريطانيا.
وتقوم الحكومة البريطانية عادة باختيار زعيمين فقط كل عام لتمنحهما هذا الشرف الخاص المتمثل في دعوتهما للقيام بزيارة دولة للبلاد كضيفين علي الملكة اليزابيث والعائلة المالكة البريطانية.
ويخضع اختيار الزعيم الزائر لاعتبارات السياسة الخارجية ومتطلباتها.
وليس سرا ان اختيار الملك عبد الله هذا العام يأتي في اطار صفقة اليمامة التي تقدر قيمتها باكثر من ثمانين مليار دولار. وكادت التحقيقات في دفع رشاوي ضخمة لاتمام تلك الصفقة لاعضاء في العائلة المالكة السعودية تتسبب في تعكير العلاقات بين البلدين لولا تدخل رئيس الوزراء السابق توني بلير في اللحظة الحاسمة لاغلاقها، بعد ان كادت تكشف عن اسم وكيل عن امير سعودي ذهبت الرشاوي الي حسابه المصرفي في سويسرا.
الحقيقة المحزنة والقبيحة هي اننا نزود اولئك الناس بطائرات مقاتلة وويسكي وعاهرات كتب روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت امس.
ثم استعرض تاريخ الحكم السعودي بدءا بالرشاوي ومرورا باضطهاد النساء والاقليات وانتهاء بحملات الاعدام وقطع الرؤوس في الميادين العامة.
واستفز الاحتفاء الخاص الذي لقيه الملك عبد الله من قصر باكينغهام العديد من المعلقين البريطانيين، وان لاحظ احدهم ان الملكة اليزابيث لم تستقبل الملك الا يوم الثلاثاء، رغم انه كان وصل الاثنين ليجد الامير تشارلز في استقباله.
الا ان اقامة خيمة خاصة في الساحة الرملية للخيالة الملكية جعلت الملكة اليزابيث تبدو وكأنها هي التي تزور الملك عبد الله وليس العكس.
كما ان رئيس الوزراء غوردون براون اضطر لانفاق ثلاثة آلاف جنيه استرليني (من اموال دافعي الضرائب) لشراء البذلة ذات الذيل الطويل خضوعا للمقاييس الملكية الصارمة للملابس في الحفل الخاص الذي اقامه القصر علي شرف العاهل السعودي.
اما قمة الاستفزاز فتمثلت في اصطحاب الملك لـ عدة زوجات واكثر من مئة خادم شخصي ضمن الوفد الذي جاء به وضم خمسمئة شخص حملتهم خمس طائرات جمبو الي لندن.
وذكرت الاندبندنت ان الملك قد تزوج اكثر من ثلاثين مرة (...).
وحملت رسوم كاريكاتورية ساخرة علي العائلة المالكة، اذ صورتها مع رئيس الوزراء يسجدون لبرميل نفط، بينما ظهرت الملكة تقول ان الملك عبد الله ما زال يعتبر اكثر ليبرالية من زوجها الامير فيليب.
اما الهتافات التي استقبلت العاهل السعودي فخطفت الاضواء من وقائع الزيارة، وربما قلبت اهدافها.
ومن تلك الهتافات قتلة ومعذبون ومرتشون وغيرها.
وسياسيا اثبتت الزيارة ان شعار السياسة الخارجية الاخلاقية الذي رفعه حزب العمال قبل عشرة اعوام ليس سوي وهم كما رأي كثير من المراقبين.
المصدر: القدس العربي
إضافة تعليق جديد