ليبيا | واشنطن «تعود» من بوابة طرابلس... وعينها على عسكر موسكو
في أول ردّ فعل أميركي على انتقال طائرات مقاتلة من قاعدة حميميم الروسية الجوية في سوريا إلى مناطق سيطرة «الجيش الوطني» الليبي، استنكرت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الخطوة، معتبرة أن موسكو تحاول قلب الميزان لصالحها في ليبيا.
وفي بيان نشرته اليوم، ويدلّ على أن القوات الجوية الأميركية كانت تراقب الطائرات المقاتلة الروسية الصنع عن كثب، قالت «أفريكوم» إن هذه الطائرات «يرجّح أن توفّر الدعم لقوات (فاغنر) التي تدعم الجيش الوطني الليبي ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً».
وأضافت أن الطائرات توقفت في طريقها من روسيا إلى ليبيا، في سوريا، حيث جرت «إعادة طلائها لتمويه أصلها الروسي».
واعتبر قائد «أفريكوم»، ستيفن تاونسند، أن الروس يكررون ما قاموا به في سوريا، «فهم يوسّعون وجودهم العسكري في أفريقيا، باستخدام مرتزقة مدعومين حكومياً، مثل فاغنر»، مضيفاً أن قواته راقبت المقاتلات الروسية من الجيل الرابع خلال رحلتها، وهو ما يمنع روسيا من «الاستمرار في إنكار تورطها في الصراع الليبي».
وقال تاونسند إن «العالم سمع أن السيد (خليفة) حفتر على وشك إطلاق حملة جوية جديدة. سيكون طيارون من المرتزقة الروس على متن الطائرات التي وفّرتها روسيا، لقصف الليبيين».
وبالتوازي، حذّر قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا وأفريقيا، جيفيري هاريغيان، من أنه «في حال استولت روسيا على قاعدة في الساحل الليبي، فستكون خطوتها المنطقية الثانية نشر قدرات دائمة بعيدة المدى، لمنع الوصول إلى المنطقة (تعرف اختصاراً باسم A2AD، وهو نظام يتضمن سلسلة من الصواريخ المترابطة وأجهزة الاستشعار والتوجيه، وغيرها من التقنيات المصمّمة لتقييد حرية الحركة)... وإذا جاء ذلك اليوم، فسيخلق مخاوف أمنية حقيقية على الجناح الجنوبي لأوروبا».
عودة أميركية؟
بدأت الولايات المتحدة الأميركية بتعميق حضورها الإعلامي والسياسي في الملف الليبي، منذ دخول تركيا بقوة في الميدان، دعماً لحكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس.
ويكشف البيان الأخير لـ«أفريكوم» أن الجانب الأميركي ينشط عسكرياً لمراقبة الأجواء والأراضي الليبية، وخاصة الدور الروسي الفاعل هناك.وعلى خلاف سياسية «الصمت» التي اتّبعها «البيت الأبيض» سابقاً، والتي ترجمها البعض بأنها قبول ضمنيّ بتصعيد حفتر العسكري، قال السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إن بلاده «تفخر بالشراكة مع الحكومة الشرعية والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة في ليبيا، حكومة الوفاق الوطني، ومع كل أولئك الذين هم على استعداد لحماية الحرية والسلام».
واعتبر خلال مشاركته في حدث نظمته السفارة الأميركية في تونس، أن هناك «قوى تسعى لفرض نظام سياسي جديد في ليبيا بالوسائل العسكرية أو الإرهاب». وأشارت السفارة الأميركية الى أن «السفير نورلاند تحدث مع رئيس الوزراء (فائز) السراج، الأحد»، وذلك في أعقاب مكالمة هاتفية بين السرّاج ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وأكد السفير في الاتصال مع السراج «تقدير الولايات المتحدة لالتزامه بالمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، والتي من شأنها إيقاف التصعيد الخطير الراهن وفتح الطريق أمام حل سياسي للصراع».
وسيكون لدخول أميركا في وجه «الدور الروسي» في ليبيا، تأثير إيجابي على العلاقات الأميركية ــ التركية، ولا سيما مع تعاظم الدور التركي في طرابلس. وقد تضغط الولايات المتحدة لمنع حفتر وقواته من تحقيق مكاسب على الأرض، عبر الميدان أو طاولة التفاوض.
موسكو... لينٌ وشِدّة
بينما أرسلت روسيا (بشكل غير معلن رسمياً) مقاتلات لدعم قدرات قوات «الجيش الوطني» الجوية، في خطوة توحي بالتزامها بدعم التوازن العسكري الموجود على الأرض، ذهبت إلى تبنّي مبادرة «سياسية» طرحها سابقاً رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح.
بعيداً عن خيار حفتر العسكري، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، في مكالمة هاتفية مع صالح، إن بلاده تدعم المبادرة التي أطلقها في أواخر نيسان الماضي، والتي تنطوي على وقف الأعمال العدائية وتكثيف المفاوضات بهدف تشكيل هيئات حكومية موحّدة.
ووفق وزارة الخارجية الروسية، شدد الجانبان على «عدم جدوى محاولات حل الأزمة بالقوة، وضرورة إطلاق حوار بنّاء على وجه السرعة بمشاركة جميع القوى السياسية الليبية».
ويشير ما سبق، عطفاً على مجريات الميدان وما جرى من سحب لبعض القوات من محاور جنوب طرابلس، إلى أن روسيا تحاول الرهان على إقناع شركائها في الملف الليبي بالدخول إلى هدنة جديدة، بهدف تفعيل المحادثات الليبية من جديد، ولكنها في الوقت نفسه تؤمّن ما يلزم عسكرياً لتقوية مركز حلفائها في الشرق الليبي.
الأخبار
إضافة تعليق جديد