معلومات عن خلفيات مبعوثي البيت الأبيض والخارجية الأمريكية إلى دمشق
الجمل: أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن أن إدارة أوباما سترسل مبعوثين خاصين إلى سوريا ومن الواضح أن قرار إدارة أوباما بني على خلفية نواياها الرامية إلى استبدال دبلوماسية عدم التعامل مع سوريا التي انتهجتها إدارة بوش الجمهورية السابقة بدبلوماسية التعامل مع سوريا، التي أقرتها إدارة أوباما الديمقراطية الجديدة.
* هيلاري كلينتون: ماذا وراء التصريحات؟
درجت الإدارات الأمريكية على القيام بتعيين وإيفاد مبعوثين خاصين إلى سوريا وإلى الشرق الأوسط، وتعتبر دمشق بمثابة العاصمة الشرق أوسطية الرئيسية لجهة معطيات خبرة استقبال المبعوثين الخاصين الأمريكيين لكثرة ترددهم المتكرر إليها.
ولكن، وكما هو واضح من تصريحات الوزيرة الأمريكية أن نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة بدت في أولى خطواتها الدبلوماسية الجديدة إزاء التعامل مع دمشق، وما كان لافتاً للنظر تصريحات كلينتون التي تتمثل في الآتي:
• أطلقت الوزيرة تصريحاتها من إسرائيل الخصم اللدود والرئيس لسوريا دون أن تنتظر العودة إلى واشنطن أو حتى تترك الأمر للمتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية.
• لن يكون هناك مبعوث خاص واحد يمثل الإدارة الأمريكية وإنما سيكون هناك مبعوثان أحدهما يمثل البيت الأبيض والآخر يمثل وزارة الخارجية.
• إن تعيين مبعوثين يطرح أكثر من تساؤل: هل هناك فرق بين دبلوماسية البيت الأبيض ودبلوماسية الخارجية الأمريكية؟ هل هو تأكيد على أهمية سوريا في المنطقة بالنسبة لدبلوماسية الإدارة الأمريكية الشرق أوسطية في الفترة القادمة؟ هل سيختص أحدهما ببحث الأوضاع الجزئية الخاصة بالعلاقات الأمريكية – السورية والآخر ببحث الأوضاع الكلية الخاصة بالمنطقة؟
• يوجد السيناتور جورج ميتشل الذي يتولى حالياً مهمة المبعوث الخاص لعملية السلام الشرق أوسطية فهل سيكون السيناتور ميتشل أحد هذين المبعوثين أم أنهما سيكونان منفصلين وبالتالي هل معنى ذلك أن دمشق أصبحت غير معنية بعملية سلام الشرق الأوسط من وجهة النظر الأمريكية؟
التدقيق في تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية أكثر يكشف أنها تضمنت النقاط الآتية:
• إن الهدف الأمريكي هو استكشاف واستطلاع الموقف السوري إزاء بعض القضايا الثنائية.
• إن هناك خطوة أخرى تهدف إلى مساعدة دمشق لتحسين موقفها من الغرب بعد سنوات من التوتر.
برغم الوضوح الشكلي الذي تميزت به تصريحات كلينتون فإنها أضافت عبارة أعادت الغموض مرة أخرى وذلك عندما علقت قائلة أنها لا تستطيع التكهن بالكيفية التي يمكن أن يكون بها مستقبل العلاقات الثنائية السورية – الأمريكية.
* ماذا تقول التسريبات الإسرائيلية:
أشارت التسريبات الإسرائيلية بأن المبعوثين الأمريكيين الخاصين لسوريا هما:
• مبعوث الخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان السفير الأمريكي السابق في لبنان والذي يتولى حالياً منصب مساعد وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى وتجدر الإشارة إلى أن فيلتمان قد لعب دوراً بارزاً في التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية خلال فترة الصراع بين 14 و8 آذار، لجهة الدفع باتجاه تحويل ملفات الأزمة السياسية اللبنانية من أجل إعطاء الزخم وقوة الدفع لملفات بناء الذرائع واستهداف سوريا. إضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أن فيلتمان تم تعيينه في منصبه الحالي كمساعد لوزيرة الخارجية خلال فترة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة في إدارة بوش والآن يتولى تصريف أعباء المنصب كمكلف ولكن قيام كلينتون بالموافقة على تعيينه مبعوثاً خاصاً لسوريا يحمل أكثر من دلالة ومن أبرزها احتمالات أن تكون كلينتون قد وافقت على استمراره في منصبه ضمن صفقة مع الجمهوريين حول سياسة الشرق الأوسط.
• مبعوث البيت الأبيض الأمريكي دان شابيرو: وهو يتبع لطاقم مجلس الأمن القومي والمعلومات المتوافرة عنه تشير إلى الآتي:
- تخرج من الجامعة بولاية ألينوي عام 1986 وحصل على درجة الماجستير في سياسة الشرق الأوسط من جامعة هارفرد عام 1993.
- من الناشطين في الجمعيات والمنظمات اليهودية الأمريكية ويرتبط بصلات وروابط قوية مع جماعات اللوبي الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص الإيباك.
- يعمل بشكل شبه مستمر ضمن أروقة مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب وتحديداً ضمن طواقم المكاتب التابعة لأعضاء الكونغرس التابعين للحزب الديمقراطي.
- لعب دوراً بارزاً في إعداد مسودة قانون محاسبة سوريا عام 2003 وقانون عدم تعامل أمريكا مع الزعماء الفلسطينيين عام 2007.
- عمل لصالح أعضاء الكونغرس الأمريكي الأكثر تحيزاً لإسرائيل مثل اليهودي الأمريكي توماس لانتوس.
- تقول المعلومات أنه كان بالتواطؤ مع النائبة الجمهورية اليهودية الأمريكية إليانا روز – ليتنين يلعب دوراً رئيسياً في حلقات الصلة بين الإيباك وبعد أعضاء الكونغرس.
- تم تعيينه عام 2007 ليتولى منصب مستشار أوباما للشؤون اليهودية وشؤون الشرق الأوسط وتقول المعلومات أن تعيين أوباما له وإعلانه لذلك في خطابه أمام مؤتمر الإيباك كان مؤشراً أدى إلى تأييد العديد من اليهود الأمريكيين لأوباما إضافة إلى قيام العديد من المنظمات والجمعيات والمنشآت اليهودية بتقديم أموال الدعم لحملة أوباما. وبعد صعود أوباما تم تعيين شابيرو ضمن طاقم مجلس الأمن القومي في منصب المسؤول عن الشرق الأوسط وبكلمات أخرى يقوم شابيرو حالياً بتصريف أعباء المنصب نفسه الذي كان يتولاه اليهودي الأمريكي إبليوت إبراهام في مجلس الأمن القومي في إدارة بوش.
* دمشق وسيناريو مجلس الأمن القومي الأمريكي – وزارة الخارجية الأمريكية:
من الواضح أن السفير فيلتمان مبعوث الخارجية الأمريكية سيسعى على الأغلب إكمال نواياه التي بالضرورة لا بد أن يكون قد أوضحها أو ألمح بها من خلال حواراته الأخيرة في واشنطن، أما بالنسبة لشابيرو مبعوث مجلس الأمن القومي فعلى الأغلب أن تركز حواراته على صياغة أجندة الشرق الأوسط وسوريا في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة والتي من المتوقع أن يقوم المجلس بإعدادها وإصدارها لاحقاً.
ولكي نوضح ذلك فقد نجح إبراهام في إدماج دبلوماسية مقاطعة واشنطن لسوريا ضمن مفهوم الاستباق الذي أكدت عليه استراتيجية مجلس الأمن القومي السابق الخاص بإدارة بوش وفقاً لما عرب بـ"مبدأ بوش" القائم على مفهوم الاستباق والضربة الاستباقية.
حتى الآن لم نسمع عن "مبدأ أوباما" ولكن ما هو مؤكد أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي يتم إعدادها حالياً ستطرح هذا المبدأ وبالتأكيد سيساهم شابيرو في إعداد هذه الاستراتيجية وعلى وجه الخصوص في الجانب الخاص بسوريا والشرق الأوسط.
وكما هو معروف فإن استراتيجية الأمن القومي هي المسؤولة عن تحديد السقوف التي يجب أن تتحرك ضمنها الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية (وزارة الخارجية) والاستراتيجية الدفاعية (البنتاغون)، وكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب، فقد أعلنت كلينتون في إسرائيل عن إرسال المبعوثين وسرب الإسرائيليون اسميهما قبل إعلان الأسماء من قبل البيت الأبيض والخارجية ولكن كما هو واضح فإن أيادي تل أبيب الخفية ما تزال طويلة تعبث بملفات الإدارة الأمريكية وتسرب خفاياها وأسرارها للصحف.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد