من هم جماعة النخبة وما هي تصنيفاتهم

13-01-2007

من هم جماعة النخبة وما هي تصنيفاتهم

الجمل:    يعود مصطلح نخبة إلى الكلمة الانكليزية (elite) المأخوذة عن الكلمة اللاتينية (eligeve) والتي معناها ينتخب (To elect).
ومن الناحية السوسيولوجية، نجد أن استخدام مصطلح نخبة على أساس الاعتبارات العامة يشير إلى وجود جماعة مهيمنة صغيرة نسبياً ضمن مجتمع أكبر، على نحو تتمتع فيه هذه بمكانة متميزة تعلي من شأن أفرادها ضمن الهيكل المجتمعي العامل.
تمثل النخبة الاجتماعية –أي النخبة- محصلة لنتاج عمل وحركة القوى الاجتماعية والسياسية ضمن الهيكل الاجتماعي. وخلال عملية التشكل والتكوين تشير خبرة التطور الاجتماعي إلى أن نمو كل المجتمعات قد شهد ميلاً باتجاه حدوث نوع من التمركز والتنفيذ الاجتماعي, وفقاً لتراتبيات القدرة والسلطة، بحيث ظلت دائماً توجد في كل مجتمع ظاهرة وجود (نخبة ما) على قمة الترتيب الاجتماعي، وذلك بحيث تكون هذه النخبة ذات نفوذ وفاعلية في السيطرة على زمام قيادة المجتمع.
وعادة ما يترتب على تولي النخبة لزمام القيادة، قيام عناصر وأعضاء هذه النخبة بممارسة المزيد من الضغوط المستمرة الهادفة إلى تعزيز وتقوية واستدامة استمرارية مكانة النخبة القيادية، وأيضاً وجودهم المتميز ضمن عناصر هذه النخبة. وتشير خبرة التاريخ إلى أن الكثير من النخب استطاعت استدامة سيطرتها على القيادة الاجتماعية، وعلى سبيل المثال استطاعت النخب الدينية السيطرة على القارة الأوروبية طوال فترة القرون الوسطى، كذلك استطاعت النخب العائلية الاقطاعية السيطرة على الصين واليابان لأكثر من ألفي عام.
توجد الكثير من أنواع وأصناف النخب في العالم المعاصر، وتختلف النخب باختلاف المجتمعات وتنوع المراحل التاريخية، ومن أبرز النخب نجد:
• النخب الدينية: وتتمثل في مجموعة الزعماء الدينيين الذين يتمتعون بالنفوذ والسيطرة وذلك ضمن مستويين:
- نخبة دينية بحتة: وهي مجموعة رجال الدين الذين يسطرون على المؤسسات الدينية الموجودة في المجتمع، وعادة ما نجد هذا النوع من النخب الدينية في الدول التي يفصل الدستور فيها الدين عن الدولة.
- نخبة دينية ممتدة: وهي مجموعة رجال الدين الذين لا يسطرون على المؤسسات الدينية فقط، وإنما يمدون سيطرتهم إلى كافة المؤسسات الاجتماعية القائمة، وذلك تحت مبررات ومزاعم سلطة المقدس على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعادة ما نجد هذا النوع من النخب الدينية في الدول لا يفصل الدستور فيها بين الدين والدولة.
• النخبة اللغوية: وتتمثل في المجموعة المسيطرة، التي تتحدث لغة واحدة، ويعتبرها المؤرخون باعتبارها ظاهرة ترتبط بـ(الامبريالية اللغوية)، التي شهدتها الكثير من أمم وشعوب العالم التي خضعت للغزو والاستعمار الكولونيالي، بحيث أصبحت توجد مجموعة من السكان تتحدث لغة المستعمر وتسيطر على كافة المؤسسات الاجتماعية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: النخب الناطقة بالفرنسية في السنغال ودول المغرب العربي ولبنان، وقد استطاعت هذه النخب الصعود إلى قمة الهرم الاجتماعي وفقاً لمعيار أن التميز يعتمد على إتقان لغة المستعمر، والتقليد القيمي الحرفي لثقافة هذا المستعمر.
• نخبة أصحاب الأعمال: وتتمثل في مجموعة الأثرياء والأغنياء من كبار الرأسماليين الذين يستحوذون على دوائر صنع واتخاذ القرار، بشكل يضع كل الموارد العامة تحت تصرفهم، وحالياً في الكثير من بلدان العالم نجد مجموعات أصحاب الأعمال من أعضاء الغرف التجارية، والصناعية، والزراعية، قد استطاعوا السيطرة على الأجهزة الحكومية ووظفوها لخدمة مصالحهم ومنافعهم المالية والشخصية.
• النخبة التعليمية: وتتمثل في مجموعات المتعلمين التي تتمركز ضمن فئات تقوم على أساس التخصص العلمي، على النحو الذي يجعلهم يسيطرون على مراكز صنع واتخاذ القرار في الدولة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، سيطرة حملة الدكتوراه على المناصب الوزارية والسيادية، وذلك من جراء سيادة النظرة الخاطئة التي تفترض أن الحصول على شهادة الدكتوراه معناه الكمال العلمي في كل شيء، وهو أمر خاطئ.. وحالياً الكثير من دول العالم الكبرى المتقدمة، لا تعتمد الكفاءات فيها على الشهادات، وإنما على الإنتاج العلمي والإبداعي، والكثير من حملة الشهادات العليا ليس لديهم إبداع أو إنتاج علمي، وفقط يستخدمون شهاداتهم العلمية في (ردع) الآخرين، الذين قد يفوقونهم في العلم والمعرفة.
• النخبة العسكرية: ويشير مفهوم النخبة العسكرية إلى نوعين من المجموعات ذات الطابع النخبوي:
- النخبة العسكرية البحتة: ويشير معناها إلى ما تطلق عليه تسمية (قوات النخبة)، والتي تتمثل في الوحدات العسكرية ذات القدرة والكفاءة العالية في إنجاز المهام العسكرية غير العادية الفائقة الصعوبة.
- النخبة العسكرية الممتدة: وتتمثل في مجموعة العسكريين الذين تمتد سلطاتهم إلى خارج المؤسسة العسكرية، بحيث يسيطرون على عملية صنع واتخاذ القرارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، على النحو الذي يضع بالكامل تحت سيطرتهم عملية صنع واتخاذ القرار في المجتمع، وقد ظهرت الكثير من أنواع هذه النخبة في بلدان العالم الثالث خلال فترة الخمسين عاماً الماضية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك (نخبة بينوشيه العسكرية في تشيلي)، ونخبة الفريق (ابراهيم عبود في السودان).
• النخبة السياسية: وتتمثل في مجموعة السياسيين الذين يسطرون على إدارة شؤون الدولة، وعادة ما تنقسم النخبة السياسية إلى نوعين:
- النخبة الحاكمة: وتتضمن كل السياسيين الذين يعملون ضمن دائرة السلطة السياسية.
- النخبة المعارضة: وتتضمن كل السياسيين الذين يعملون خارج دائرة السلطة السياسية.
وعادة ما يشوب التوتر العلاقة بين هاتين النخبتين، وذلك من جراء لجوء كل طرف إلى تعبئة الرأي العام وحشده إلى جانبه.
وأخيراً نقول: إن ظاهرة نشوء وبروز مجموعات النخب تعتبر في حد ذاتها نعمة، ونقمة في نفس الوقت، فالنخبة يمكن أن تكون نعمة إذا كانت تهدف إلى تجميع أصحاب الاهتمامات المشتركة وترقية وتطوير قدراتهم، واستيعاب العناصر الجديدة ذات الكفاءة والفعالية، وخدمة المصالح العامة.. وأيضاً يمكن أن تكون النخبة نقمة وكارثة إذا كانت تهدف إلى خدمة المصالح الذاتية الخاصة وتدمير المصالح الاجتماعية العامة، وممارسة الانغلاق وعدم الانفتاح أمام الأفراد القادرين من القادمين الجدد.. وكثير من النخب العربية بكل أسف يندرج ضمن النوع الثاني، وذلك بسبب الانغلاق والازدواجية، فالنخب الدينية في بعض الدول العربية اندمجت متحولة إلى نخب سياسية، واقتصادية، على نحو أدى إلى بروز ظاهرة رجل الدين الوزير، الملياردير، الفريق الركن.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...