مها الصالح.. المسـرح طـوق نجاتهـا مـن «استهـلاك» التلفزيـون

16-06-2008

مها الصالح.. المسـرح طـوق نجاتهـا مـن «استهـلاك» التلفزيـون

أعاد خبر وفاة الفنانة السورية مها الصالح، فجر أمس الأول السبت، إلى واجهة ذاكرة جمهور التلفزيون ذكرى أدوارها، بعد أن ابتعدت الصالح في السنوات الأخيرة عنه، مفضّلة الاتجاه إلى المسرمها الصالح وتبدو المطربة وعد بوحسون تعزف على العود في مسرحيتها الأخيرة «شجرة الدر»ح الذي كانت تجده «طوق نجاة للإنسانية». فالصالح وصلت إلى قناعة مفادها أن في المسرح «أملك الخيار كممثلة، كذلك المشاهد الذي يملك الحرية في حضور العرض أو عدمه».
وفي وقت تراجع فيه حضور الممثلين الرواد في التلفزيون إلى الأدوار الثانية والثالثة (مع استثناءات بسيطة)، كانت نجاحات الراحلة الصالح على خشبة المسرح دافعاً أساسياً إلى انحيازها الكامل له، فشكلت فرقتها الخاصة «موال» وقدمت معها مخرجة وممثلة، عدداً من الأعمال المسرحية المهمة هي «الأيام الحلوة»، «خطبة لاذعة ضد رجل جالس»، «قبعة المجنون» و«شجرة الدر». وعن هذه الأخيرة نالت الصالح الجائزة الأولى (جائزة تمثال السيدة صاحبة الكلب لتشيخوف) مع شهادة تقدير في مهرجان موسكو المسرحي السابع للمونودراما عن أدائها المسرحي، مع الإشارة إلى أن جمهور المسرح كان على موعد مع الفنانة الراحلة في عرض «شاهيناز» الذي أدرجته الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008 ضمن عروض فعالياتها.
بدت قضايا المرأة القاسم المشترك في أعمال الفنانة الصالح، وعن هذا كانت تقول «أحب تقديم المرأة كما نحلم أن نكون»، وذلك «من خلال خطاب مسرحي يسمح للمرأة بإعادة صياغة كينونتها مع نفسها ومع محيطها»، ووفق هذه الرؤية يمكن للمرء أن يتصور الاتجاهات الفكرية والحياتية للفنانة الصالح. ولعل في طبيعة أدوارها المسرحية، واختيارها «المونودراما» لتجسيدها، بكل ما يتطلبه هذا الأسلوب المسرحي من قوة في أداء الممثل، تكمن أسباب إضافية، وفي الغالب أساسية، تفسّر قرار الفنانة الصالح الابتعاد عن العمل في التلفزيون، في وقت بدا فيه الدجاجة التي تبيض ذهباً لفناني الدراما السورية. وكممثلة تملك خياراتها، يبدو أنها فهمت لعبة التلفزيون الحالية، وما يحكمه من توجهات أدّت أحياناً إلى وضع الممثلين الرواد في ركن مهمل من الأعمال الدرامية أو إقصائهم تماماً عن المشاركة، وهو الأمر الذي لم تقبل به الفنانة الصالح، ولا سيما أن اسمها ارتبط بأعمال درامية سورية منذ سبعينيات القرن الماضي، تعد من الأعمال المؤسسة للدراما السورية، بل والأكثر تعبيراً عن الخصوصية السورية، منها مسلسل «حارة القصر» (1970) و«أولاد بلدي» (1971) للمخرج علاء الدين كوكش، «حكايا الليـل» (1972) لمحمد الماغوط والمخرج غسان جبري، بالإضافة إلى مسلسلات «أبـو كامـل»، «حكايا الليل»، «الأميرة الشماء»، «عز الدين القسام»، «حرب السنوات الأربع»، «بصمات على جدار الزمن»، «امرأة لا تعرف اليأس».. وربما هنا من المفيد أن نذكر أن حضور مها الصالح التلفزيوني، غلبت عليه أدوار المرأة الثرية أو الأرستقراطية، وربما كان ذلك لحضورها الطاغي على المسرح، وشخصيتها القوية.. التي لعبت الدور الأكبر في اختيارات المخرجين لها.
بالعودة إلى الحديث عن الانحياز الكامل للفنانة الصالح للمسرح، تجدر الإشارة أن ذلك لم يكن يعني مقاطعتها للأعمال التلفزيونية، بل كان تمرداً على آليات العمل فيها، ومحدودية الخيارات المطروحة، وغياب التميّز الذي كانت الفنانة الراحلة دوماً تعلن أنها تسعى إليه، وبالتالي كانت عودة الصالح إلى التلفزيون رهناً بالتميّز الذي يمكن أن يقدمه لها، وهو الأمر الذي كان سيتحقق، كما كشف الدكتور المسرحي نادر قنة من الكويت للزميلة د.رغداء مارديني في جريدة «تشرين» السورية، والتي نقلت عن لسانه، اتفاقه مع الراحلة الصالح «على تقديم دور هام في مسلسل يتم إعداده بعنوان «معاوية ملك العرب» تلعب هي فيه دور هند». إلا أن المرض عجّل برحيل الفنانة الصالح عن عمر يناهز 63 عاماَ، خاتماً حياتها بالمسرح الذي أحبته لا في التلفزيون الذي أنكر فضل روّاده.
يذكر أن الفنانة مها الصالح هي زوجة النجم أسعد فضة ، وأخت الناقدة خالدة سعيد والشاعرة الراحلة سنية صالح.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...