مولدات أوكسجين بنقاوةأقل من المواصفةالسوريةفي مشافيناالعامةوالخاصة
عندما تصبح الغاية ـ وهي الربح السريع ـ مبررة للوسيلة فإنها الطامة الكبرى خاصة إذا كانت الوسيلة تمس أرواح الناس وصحتهم..
والقصة أن شكوى مكتوبة وردت إلينا تشير إلى قيام أحد التجار باستيراد مولدات للأوكسجين تقوم بعض المشافي العامة والخاصة بتركيبها وهي مخالفة للمواصفة القياسية السورية وغير صالحة للاستخدام الطبي وهي غير مخصصة لهذا الاستعمال في جميع دول العالم!..
وهذه الشكوى وجهت إلى مديرية صناعة حماة التي حولتها بدورها إلى وزارة الصحة فإلى أين وصلت الشكوى وما هي الحقيقة وراءها؟! - تضمنت الشكوى الواردة إلينا أن مندوباً من مديرية الصناعة بحماة أتى من أجل تحليل غاز الأوكسجين للاستخدام الطبي في معمل المشتكي وذلك بسبب وجود مولدات للأوكسجين تركب في المشافي بنقاوة قدرها 92% وبلغت الجهات الرقابية المشتكي بأن العينات الثلاث المسحوبة من معمله مطابقة للمواصفات القياسية السورية ولكن لم يتم تحليل عينة من مولدات الأوكسجين المخالفة للمواصفة التي يتم استيرادها.
وأوضحت الشكوى أن هذه المولدات غير مستخدمة طبياً في جميع دول العالم وهي الآن في حالة انتاج في عدد من المشافي العامة والخاصة علماً أن الأوكسجين النظامي المطابق للمواصفات متوفر في الأسواق وبالتسعيرة التموينية.
وقال صاحب الشكوى إن المواصفة القياسية في عام 1990 كانت 99.5% وعدلتها الهيئة السورية للمواصفات لتصبح 91.5% وعندما أثير الموضوع عادت وعدلتها لتصبح 99.5% كحد أدنى نظراً لكونها حسب كتاب هيئة المواصفات (خطأ مطبعياً)!
واستغربت الشكوى قيام الجهات الرقابية بمخالفة المعامل التي تنتج أوكسجين بأقل من 99.5% في حين أن المولدات المركبة تنتج أوكسجيناً بأقل من ذلك بكثير.
- في اتصال هاتفي مع السيد مدير صناعة حماة أحمد حموية أشار إلى أن مشفى خاصاً بحماة قام بتركيب جهاز لتوليد الأوكسجين عن طريق شركة مقرها حمص حسب كتاب السيد المحافظ أو ريف دمشق «حسب إفادة صاحب الشركة» وإنه قام بتركيب أجهزة مشابهة في المشافي العامة والخاصة في مختلف المحافظات وفي كتاب وجهته مديرية صناعة حماة إلى وزارة الصناعة أشارت إلى أنه بعد الكشف على الواقع لم تتمكن المديرية من أخذ عينة من المنتج للتحقق من نسبة نقاوة الأوكسجين التي يجب أن تكون 99.5% حسب هيئة المواصفات بسبب عدم وجود اسطوانات وعدم وجود ضغط..
- وبعد مقابلة صاحب العلاقة صرح بأن الأوكسجين الطبي يجب أن تكون نقاوته 91.5% لأن نسبة 99.5% تسبب وفاة المريض.. وطلبت المديرية من وزارة الصناعة التحقق فيما إذا كان صاحب العلاقة مرخصاً صناعياً، والتحقق من صحة معلوماته بأن الأوكسجين الطبي لا يجوز أن يكون أكثر من 91.5% نقاوة والاحالة إلى وزارة الصحة لأخذ العلم وعدم الموافقة على تركيب هذه الأجهزة لحين التثبت من سلامة المنتج وعدم تأثيره على صحة المواطنين..
وبدورها وجهت وزارة الصناعة كتاباً إلى وزارة الصحة لبيان نسبة نقاوة الأوكسجين الطبي المطلوبة والتي تعتبر من الناحية الطبية سليمة للمرضى.. كما وجهت كتاباً إلى مديرية صناعة ريف دمشق وصناعة حمص لبيان وجود أي ترخيص صناعي باسم صاحب الشركة التي تورد الأجهزة لصناعة أجهزة توليد الأوكسجين، وطلبت الوزارة من هيئة المواصفات والمقاييس السورية بيان نسبة نقاوة الأوكسجين الطبي المطلوبة وفق المواصفات القياسية السورية وتزويدها بنسخة عن المواصفة وتعديلها!..
- راجعنا المكتب الصحفي في وزارة الصحة للوقوف على رأيها في الموضوع والذي حول طلبنا إلى السيد الوزير ومنه إلى مدير الهندسة الطبية في الوزارة علي منصور وبعد موعد مسبق مع مدير الهندسة الطبية تخلف عنه قابلنا معاونه السيد أيمن عقاد الذي أفادنا أن المواصفة القياسية 99.5% حددت لمعامل الأوكسجين التي تأخذ الهواء من الجو وتضغطه على أربع مراحل وتحوله إلى أوكسجين سائل، وبفعل كثافة الهواء المجمع يؤدي فرق الكثافة بين غازات الأوكسجين والنيتروجين والهيليوم والأليون إلي فصل الأوكسجين بنقاوة 99.5% وما فوق، وأكد أن ما تستخدمه المشافي الآن هو طريقة جديدة هي BSA التي تعتمد على ضغط الهواء في خزان يمر على مجفف وفلاتر نقية ثم يضغط بضاغط ومولد أوكسجين فيه مواد شرهة تمتص النتروجين ويصدر عنها الأوكسجين بنقاوة وسطية قدرها 93% وهذا المبدأ موجود منذ عشر سنوات في الخارج.. وبدأ استخدامه من قبل المشافي السورية نظراً لنقص مادة الأوكسجين وعدم قدرة المعامل الموجودة على تلبية طلبات المشافي المتعاقدة معها!
وحول كون نسبة 93% مناسبة للمرضى أشار العقاد أن هناك دراسات تقول أن نقاوة الأوكسجين 93% مناسبة لكن مع مراعاة نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون وأول أوكسيد الكربون.. لذلك من الضروري في هذا النظام أن يركب جهاز مراقبة على خزان الأوكسجين لفحص تركيز هذين الغازين وتحديد نسبة نقاوة الأوكسجين فإذا زادت نسبة غازي الكربون يجب معالجة الجهاز فقد تكون الفلاتر متسخة أو تقادم الضاغط أو غيرها...
وعندما سألناه إن كانت أجهزة المراقبة موجودة على المولدات الموجودة في المشافي أجاب أنه على حد علمه غير موجودة لأن أجهزة المراقبة مرتفعة الثمن..
سألنا معاون المدير إن كانت نسبة 93% مناسبة خاصة أن مورد الأجهزة اعترف أن التركيز 91.5% فقط وأن نسبة 99.5% تؤدي إلى وفاة المريض فأجاب: بالعكس نسبة 99.5% مناسبة للمريض.. وهناك مشكلة في مولدات الأوكسجين أن انخفاض معدلات الجريان والاستخدام في المشفى ترفع معدلات نقاوة الأوكسجين وإذا زادت معدلات الجريان والاستخدام فإن نقاوة الأوكسجين تنخفض وقد تؤثر على المرضى!
ورأى العقاد أنه من أنصار الأوكسجين السائل ويفضله لكن المشكلة أن المعامل لا تفي بالحاجة وهناك معاناة من المشافي لوجود اسطوانات أوكسجين أقل من حجمها المفترض لكنه عاد وأكد أن استخدام مولدات الأوكسجين موضوع الشكوى في أوروبا وأميركا يحصل في الأماكن البعيدة عن مراكز المدن لأن نقل اسطوانات الأوكسجين صعب ومكلف!..
وعن المعالجة التي قدمتها وزارة الصحة لوجود هذه المولدات في المشافي أضاف أنه: قد تشكل لجنة بهذا الخصوص لكن هناك إقبال من المشافي على هذا النوع من الأوكسجين!
ومديرية المشافي التابعة لوزارة الصحة هي المسؤولة عن مراقبة المشافي العامة والخاصة وتمنى وجود جمعية صيدلانية سورية مثل الجمعية الصيدلانية الأميركية المسؤولة عن العقاقير والأوكسجين الطبي...
- حسبما فهمنا من مديرية الهندسة الطبية فإن المولدات التي تركب في المشافي لانتاج الأوكسجين الطبي خطرة خاصة وأنها غير مرفقة بأجهزة مراقبة.. كما أنها تتنج أوكسجيناً بنقاوة أقل من المواصفة القياسية السورية وباعتراف موردها نفسه فما الذي يمنع وزارة الصحة من ضبط تركيب هذه الأجهزة أو منعها في حال الضرورة حفاظاً على حياة المريض وما الذي يمنع وزارة الصناعة من إقامة أو تشجيع إقامة مصانع للأؤكسجين الطبي تلبي الحاجة؟
رنا حج إبراهيم
المصدر: تشرين
التعليقات
سوريا
إضافة تعليق جديد