وصفة ماكاو للعمر الطويل: الحياة في البساطة

07-11-2015

وصفة ماكاو للعمر الطويل: الحياة في البساطة

تشبه منطقة ماكاو الصينية مدينة لاس فيغاس الأميركية. نوادي القمار الليلية، أوصلتها إلى مرحلة العهد الذهبي، لكنها مع ذلك، وبشكل غير متوقع، تحمل أيضاً أسراراً تتعلق بارتفاع متوسط أعمار سكانها.
دأب تشان، البالغ من العمر 90 عاماً، والمعروف في قرية كولوان باسم «العم الثري»، على القيام بالعمل ذاته طوال حياته. يرتدي الرجل النحيف المفعم بالنشاط كل يوم قميصاً فضفاضاً قصير الأكمام، لينطلق في جولته الصباحية للسير على امتداد شاطئ القرية الجميل.
أحد دروبه المفضلة يضيف إليه أحياناً هواية عبور الحدائق، أو السير على الرمل الأسود لشاطئ شيوك فان.
يقول تشان، الذي تتكوّن أسرته من ثمانية أولاد وعشرة أحفاد، إنه يقضي معظم وقته في الخارج. ويضيف «أجلس أنا وزوجتي على الشاطئ، ونستمتع بالمناظر الخلابة. أيامنا تمضي بالابتسامات».
يعيد المعمر الصيني السبب في طول حياته إلى ذلك النظام البسيط الذي يتبعه، ولكنه لا يبدو استثناء في ذلك. فبحسب تقرير سنوي تصدره الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، ويعرف باسم «كتاب حقائق العالم»، يتمتع مواطنو ماكاو بالمرتبة الرابعة عالمياً في طول العمر بمعدل 84.51 عاماً بعد موناكو التي يبلغ متوسط أعمار مواطنيها 89.52 عاماً، واليابان التي يبلغ متوسط أعمار مواطنيها 84.74، وسنغافورة التي تحتل المرتبة الثالثة بمعدل 84.68 عاماً.
لكن ما الذي تتميز به هذه المنطقة المشهورة بالقمار، وما الذي يجعل سكانها من المعمرين؟
 من المثير للانتباه أن الكازينو الذي يمنح ماكاو شهرتها كإحدى بؤر القمار في العالم، يعتبر أيضاً أحد أسباب إطالة أعمار السكان. فحسب التقرير الأميركي، تعتبر هذه المنطقة أغنى بقعة، وأسرع الاقتصادات نمواً، في العالم.
ويقول تشان: «كل سائح يزور ماكاو يذهب إلى النوادي. إنها الوسيلة الوحيدة التي تمكن الحكومة من العناية بنا».
ويتاح لكبار السن في ماكاو التمتع بخدمات المراكز الاجتماعية المنتشرة في المدينة، حيث بإمكانهم الاستفادة من العروض الفنية وتناول الطعام والتواصل مع الآخرين والاشتراك في رحلات ميدانية، وهو ما ينسجم مع ما ورد في تقرير جودة الحياة في المنطقة.
وفي التقرير الذي اعتمد على 12 استطلاعاً اجتماعياً واسع النطاق أجراه فريق باحثين في جامعة ماكاو المعروفة باسم «جامعة سانت جوزيف»، تبين أن أكثر من 90 في المئة من المشاركين فيه أكدوا أنهم راضون أو سعداء جداً في حياتهم. أما العوامل المساعدة على ذلك، فتضمّنت الهواء النقي والتعليم الممتاز وتوفر الخدمات الصحية والاقتصاد القوي.
ومن الصعب قياس مدى تأثير الثقافة على طول العمر، لكن الثقافة الصينية عامل آخر من العوامل المساعدة. فمن بين الأشياء التي يصعب قياس تأثيرها، اعتبار العلاقات العائلية والاجتماعية أمراً في غاية الأهمية.
ويقول موي جي، البالغ من العمر 66 عاماً، والذي يعيش في كولوان منذ ولادته، إن «جيراننا هم أصدقاء العمر الذين نعرفهم منذ الطفولة. إنها حياة بسيطة جداً، لكنني أعتقد أن السعادة هي مفتاح طول العمر».
تبلغ زوجة تشان الـ80 من عمرها. وتقول: «نعيش حياة بسيطة، أتناول طعاماً يتكوّن من الخضار وبعض الأرز والسمك، وقليل من اللحم». تؤكد أنها لا تتطلع سوى إلى قضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أولادها، عندما يأخذونها إلى اللقاء العائلي الأسبوعي، وتقضي يومها بينهم يتحدثون في أمور العائلة.
الحياة البسيطة تظلل الجوانب الاجتماعية كافة في كولوان. ليس هناك حاجة للاستعجال، أو أن الوقوع في فخ التكنولوجيا. بالتأكيد، ليس هناك أيضاً مبانٍ شاهقة، على الأقل حتى الآن. في شبه الجزيرة الرئيسية تلك، تعجّ الحدائق بمظاهر الحياة عندما تشارك عشرات النساء في الرقص الجماعي.
في الجهة المقابلة من الحديقة، يلعب الرجال الشطرنج، ويطالعون الصحف أو يصطحبون طيورهم وهي في أقفاصها في نزهة صباحية.
قد لا تكون تلك مؤشرات علمية، لكنها بالطبع وصفة ماكاو الخاصة لحياة أطول.

(«بي بي سي»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...