صفقة ترامب الجديدة: ستعيش أم أنها ولدت ميتة؟
إعداد: علا منصور
كتب دانيل سامت مقالاً بعنوان: «صفقة ترامب الجديدة: ستعيش أم أنها ولدت ميتة؟» نشره المجلس الأطلنطي في 28 كانون الثاني/يناير 2020 يعرض فيه آراء جملة من الباحثين بخطة ترامب للسلام المزعوم.
يحاول الكاتب في بداية المقال تقديم تصور عما جرى فيقول: أصدر الرئيس دونالد ترامب خطته للسلام الإسرائيلي الفلسطيني في البيت الأبيض في 28 كانون الثاني/يناير، إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. "صفقة القرن" التي كان جرى العمل عليها لمدة ثلاث سنوات، أُعلنت كاملة مع 180 صفحة، إضافة إلى خريطة لحدود الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية الجديدة المقترحة.
بموجب شروطها، ستضم "إسرائيل" الكتل الاستيطانية في وادي الأردن كشرط لإقامة دولة فلسطينية مجاورة في الضفة الغربية وقطاع غزة على ضعف مساحة الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية الآن. تمنح الخطة أيضاً "إسرائيل" السيطرة على القدس غير مقسمة -وهي قضية خلافية منذ فترة طويلة في عملية السلام- لكنها لا تمنع عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية. وكانت القيادة الفلسطينية قد أعربت في السابق عن معارضتها للصفقة، ومن المتوقع أن ترفضها بشكل قاطع، كونها متحيزة للجانب الإسرائيلي.
بعد تصريحات ترامب، أيد نتنياهو الصفقة كأساس للمفاوضات مع الفلسطينيين. وبشكل منفصل كان بيني غانتز، زعيم حزب "أبيض وأزرق" المعارض، قد التقى مع ترامب في 27 كانون الثاني/يناير وأشاد بالخطة وتعهد بتنفيذها في حال خلف نتنياهو كرئيس للوزراء. تأتي هذه التطورات وسط حالة من الجمود السياسي في "إسرائيل"، حيث لم يتمكن أي حزب من تشكيل حكومة، وسيتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع يوم 2 آذار/مارس في الانتخابات الثالثة في أقل من عام.
جاءت تعليقات خبراء المجلس الأطلنطي على إعلان الخطة كالآتي:
ويليام ويشلر، مدير مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي:
إن التوقيت الذي تمَّ اختياره للإعلان، وطريقة العرض والإخراج، والمشاركين المحدودين، وبالطبع المضمون، كلها لا تظهر جهداً حسن النية للتوصل إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل يبدو واضحاً أن الأمر يتعلق بالتحديات القانونية والانتخابية العاجلة التي تواجه كلا "الزعيمين". على المدى القصير، من غير المحتمل أن يكون للخطة تأثير كبير، لا في إحياء عملية السلام المحتضرة ولا في زيادة الدعم السياسي للرئيس ترامب أو لرئيس الوزراء نتنياهو.
وعلى المدى الطويل، تخاطر هذه الخطة، بالطريقة التي تم أعلنت بها، بتعزيز عدد من الاتجاهات السلبية للعلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل". إذ تخاطر بتشجيع الأصوات الأكثر تطرفاً داخل الطيف السياسي الإسرائيلي، ولا تفعل شيئاً لتشجيع الجيل القادم من القيادة الفلسطينية المحتملة. تخاطر كذلك بزيادة استقطاب العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية داخل السياسة الأمريكية، وتحول ببطء دعم "إسرائيل" من أمر لا يختلف عليه الحزبان الأمريكيان إلى إسفين حزبي آخر، الأمر الذي سعى القادة الإسرائيليون تاريخياً إلى منعه.
بعض مؤيدي إدارة ترامب يقولون إن هذه ليست مخاطر بل أهداف، في حين يعترف بها بعضهم الآخر لكنهم يجادلون بكونها قابلة للإدارة وأن الخطة جديرة بالاهتمام لأنها ستعيد تعيين الأساس الفعلي لعملية السلام عن طريق تحدي بعض الافتراضات الأساسية التي حالت دون التقدم حتى الآن.
تفترض الخطة أن رؤساء الولايات المتحدة في المستقبل سيغيرون سياستهم بحسب مقتضياتها. لسوء الحظ، يقول ويشلر، لم يعد أمراً مرفوضاً أن يتملص رؤساء الولايات المتحدة من الالتزامات الوطنية التي قطعها أسلافهم على أنفسهم، حتى عندما يتعلق الأمر بمسائل معقدة من قبيل السلام والأمن في الشرق الأوسط، في الواقع، تميزت إدارة ترامب بالقيام بذلك في جميع أنحاء المنطقة.
يعتقد الكثير من الإسرائيليين أن الوقت في صالحهم إذ يظنون أن الوضع الراهن سيمتد إلى اللانهاية؛ بالمقابل يعتقد الكثير من الفلسطينيين أن الوقت في صالحهم بسبب نموهم السكاني. لسوء الحظ، لا يمكن أن يكون كلاهما على صواب.
سيؤدي هذا المسار، في غياب عملية سلام موثوقة، إلى لحظة الاختيار الرهيب بين أقلية يهودية تحاول حكم أغلبية عربية إلى أجل غير مسمى، أو نوع من الكوارث العنيفة التي تغير التركيبة السكانية للمنطقة. لا ينبغي أن يكون أي من هذه السيناريوهات مقبولاً من أي جانب. عملية السلام بحاجة ماسة إلى أفكار جديدة، والولايات المتحدة هي المصدر الوحيد الموثوق به لتلك الأفكار.
جيمس كننغهام، زميل أقدم غير مقيم في مركز جنوب آسيا التابع للمجلس الأطلسي. وهو سفير سابق للولايات المتحدة في أفغانستان و"إسرائيل" وممثل دائم بالنيابة لدى الأمم المتحدة.
يبدو أن "خطة سلام" ترامب هي مزيج من معظم ما ترغب به حكومة نتنياهو وكثير من الإسرائيليين، والقليل جداً مما يطمح إليه الفلسطينيون. إنها في الجوهر انعكاس لما تعتقد هذه الإدارة أن على الفلسطينيين القبول به من أجل "السلام". وبالطبع ليست أساساً للتفاوض، وهو أمر غير مرجح في أي حال بالنظر إلى حالة السياسة الإسرائيلية والفلسطينية.
لم تحافظ الخطة على فكرة الدولتين إلا بالكاد، والفكرة القائلة بأن "تجميد" الاستيطان في بعض أجزاء الضفة الغربية يسهل الحل محفوفة بالصعوبات، بالنظر إلى التاريخ الماضي. كما ستعيد "خطة" ترامب تذكير العالم بالتساؤل إلى متى ستظل "إسرائيل" محتلة للضفة الغربية، وهل تنوي التوصل في النهاية إلى "حل الدولة الواحدة" بحكم الأمر الواقع.
كيرستن فونتينروز، مدير مبادرة الشرق الأوسط لمركز سكوكروفت للأمن والاستراتيجية:
لن تتحدث الحكومات في الشرق الأوسط بصوت موحد عن خطة السلام.أبدت كل من عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة استعدادها لدعم الخطة من خلال حضور سفراءها للإعلان. قرار يتسق مع إجراءات سابقة لهذه الدول حيث:"رحبت عمان بنيامين نتنياهو في خريف عام 2018 في عرض جريء وملموس لشعار عمان "صديق للجميع". قدم وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي مشورة مستمرة للفريق في البيت الأبيض طوال فترة وضع الخطة، وكان دائماً موضع ترحيب حار. إن حضور السفيرة حنينة بنت سلطان المغيرية يدل على أن السلطان الجديد سيواصل دعم جهود السلام، إذا استمرت.
من خلال إرسال سفيرها لحضور الإعلان، أجابت البحرين على الأسئلة حول ما إذا كانت ستغير عن تصريحاتها السابقة الصديقة لـ "إسرائيل" في ظل وزير الخارجية الجديد الزياني.
يتمتع الإماراتيون بعلاقة وثيقة مع البيت الأبيض، ودعم الخطة يعني الحفاظ على هذه العلاقة. خاصة وأن الولايات المتحدة غير معجبة بتحالف خليفة حفتر، المدعوم إماراتياً، مع روسيا في ليبيا، ولا بإعادة افتتاح سفارة إماراتية في سورية. كما يتزامن هذا الدعم مع إعلان الإمارات عام 2019 عام التسامح.
معاداة إيران دفعت الإمارات والسعودية والبحرين إلى أحضان عدو اللدود لإيران، "إسرائيل". تكتشف هذه الدول احتمال تحقيق تعاون في المجال السيبراني، ومشاركة محدودة للمعلومات الاستخبارية، والتوسع المحتمل في شبكة الطاقة وتوسيع سوق التجارة.
ستتبنى الكويت نهج الانتظار والترقب. حيث كانت الأكثر تردداً بين دول مجلس التعاون الخليجي لتقديم الدعم لهذه الخطة. يؤيد أمير الكويت دائماً حل النزاعات الإقليمية سلمياً لكن الكويت امتنعت عن التعبير عن التأييد الصريح لمبادرة البيت الأبيض، قائلة إنها ستحتاج إلى رؤية الخطة قبل التعليق عليها.
أما قطر فقد أكدت دائماً أنها ستدعم أي خطة يقبلها الفلسطينيون. كان هذا بمثابة تذكير لإدارة ترامب بأن الخطة التي تعود بالفائدة على "إسرائيل" فقط لن توافق عليها قطر-الشريك الوثيق. ولكن مع استمرار الخلاف في الخليج، لا يمكن لقطر أن تخاطر بتحدي أمريكا. حاولت قطر باستمرار إحضار الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات حول خطة السلام، واتفقت مع البيت الأبيض حول دعمها المالي للسلطة الفلسطينية.جاهدت مصر لإدخال التمثيل الفلسطيني في بناء الخطة. يتعين على الحكومة المصرية موازنة المخاوف من رد فعل مواطنيها على خطة تعتبر غير عادلة، مع المخاوف من تهديد الأسلحة العابرة للحدود وتهريب الأشخاص الناتج عن حدود يسهل اختراقها تراقبها الدولة الفلسطينية الجديدة بلا فاعلية.
يجب على الأردن الذي يتحلى بالصبر دائماً أن يأخذ نفساً عميقاً ويأمل ألا يتحول رفض "فكرة الخطة" إلى اضطراب. يحتاج الأردن إلى الاستقرار خاصة وأنه يحاول إنعاش اقتصاده المتداعي. يقوم الأردن بكل ما بإمكانه لتشجيع الإدارة الأمريكية على تطوير الخطة، بينما يحاول جاهداً توضيح الخطوط الحمراء التي يتحدث عنها الشارع الأردني.
يمكننا أن نتوقع من جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والأردن تشجيع الأطراف الفلسطينية على التعامل مع الخطة المقترحة كنقطة انطلاق جديدة للتفاوض. أمر إذا ما تمَّ سيفوق كلّ توقعات مراقبي هذا الصراع. يمكن للمتطلبات المنصوص عليها في الديباجة أن تكون أوراق مساومة وفي الوقت عينه عقبات. أربع سنوات تتيح الوقت لتدابير بناء الثقة.
لم يتم تقديم الخطة كأمر واقع. إذا اتفقت الأطراف الفلسطينية على اعتبار هذه النسخة التمهيدية أساساً للتفاوض، سيكون بإمكانهم الرد على التعديلات المقترحة. أي ناقش ينهي الجمود الحالي.
أما عدم التعامل مع الخطة بفكر واستراتيجية جادة فسيضع، برأي فونتينروز، القضية الفلسطينية أمام خطر الإزالة من المسرح العالمي، ومن يحمل "إسرائيل" المسؤولية سيغير رأيه، وإذا استمر "الخطر الإيراني" ستربط المخاوف الأكبر ستربط حلفاءها بالعدو.
كارميل أربت، زميل غير مقيم في برامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلنطي:يمثل اليوم اتفاقاً تاريخياً - بين "إسرائيل" والولايات المتحدة، تعززه مصافحة بين نتنياهو وترامب بدلاً من مصافحة بين "إسرائيل" والقيادة الفلسطينية الغائبة. من الواضح أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" ستتفقان على الحدود، مما يسمح بضم أحادي الجانب في الضفة الغربية. عندها ستتاح للفلسطينيين فرصة إقامة دولة على أساس تلك الشروط المفروضة.
لم تقدم أي إدارة أمريكية هذا القدر للإسرائيليين، وتقريباً دون مقابل، وبهذه الطريقة، لذا من غير المستغرب أن يتبنى نتنياهو الخطة ويرفضها الفلسطينيون صراحة.ستستغرق العواقب الكاملة لهذا الاتفاق بعض الوقت لتتأكد. في أسوأ الحالات، قد تندلع أعمال عنف واسعة النطاق في الأراضي الفلسطينية ويمكن لـ "إسرائيل" أن تتحرك بسرعة لضم وادي الأردن أو أجزاء من الضفة الغربية. ضم مناطق معينة سيحمل تأثيراً كبيراً قد يمنع بشكل كامل حل الدولتين في المستقبل.
في أفضل السيناريوهات، سيتم تجاوز الخطة من خلال الأحداث السياسية وبمرور الوقت ستتلاشى، تماماً كما حصل مع قرينها الاقتصادي. من المهم أن نتذكر أن الإعلان يأتي في وقت يسيطر فيه عدم اليقين على أمريكا و"إسرائيل" (محاكمة ترامب، وعريضة اتهام نتنياهو، والانتخابات القادمة).
في الولايات المتحدة، حتى أكثر الديمقراطيين وسطية يرفضون الاتفاقية قبل صدورها وبإمكانهم متابعة العمل لجعل المساعدات لـ "إسرائيل" مشروطة في حال بدء الضم.في "إسرائيل"، استخدم زعيم المعارضة بيني غانتز حيلة بارعة لتحويل الدعم نحو اتفاق، أما اليسار الإسرائيلي فيرفض الخطة بالطبع. تتجه الأنظار الآن إلى المجتمع الدولي للرد، حيث سيعتمد الفلسطينيون على الأردن والسعودية ودول الاتحاد الأوروبي لحمايتهم من العواقب الوخيمة المحتملة للصفقة.
ريتشارد لبارون، زميل غير مقيم في برامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلنطي:
يبدو أن هذه الخطة تتفق مع نهج الإدارة الأمريكية في منح "إسرائيل" تنازلات من جانب واحد مع عزل الفلسطينيين بشكل أكبر. يبدو أن الأمل يكمن في أن تدفع الظروف (وبعض دول الخليج) الفلسطينيين إلى التفاوض على صيغة مختلفة للخطة، بينما تواصل "إسرائيل" تعزيز موقفها. مما قاله اليوم، يبدو أن الرئيس ترامب مسرور بإصداره أخيراً للخطة، لكن لديه شكوكه الخاصة حول جدواها.
الجمل بالتعاون مع مركز دمشق للدراسات
إضافة تعليق جديد