«داعش» يتبنّى هجومه الثالث في الجزائر
سجّل تنظيم «داعش» عملية إرهابية جديدة له في الجزائر، بعدما فجّر أحد عناصره نفسه بحزام ناسف، مساء أول من أمس، في أحد أحياء مدينة قسنطينة شرقي البلاد.
ورغم أن الهجوم لم يؤدّ إلى وقوع ضحايا، فإنه أعاد المخاوف مجدداً حول عمل هذا التنظيم الذي عجز منذ إعلان تأسيس فرع له في الجزائر، سنة 2013، عن تنفيذ هجمات كبرى كما توعّد.
وأعلن تنظيم «داعش»، أمس، تبنّيه العملية التي نفذها انتحاري على مركز للشرطة في قسنطينة، وذلك عبر وكالة أعماق التابعة له. وتُعتبر هذه العملية الثالثة التي ينفذها التنظيم بعد عملية قتل السائح الفرنسي، إيرفي غوردال، في سبتمبر/ أيلول عام 2014، ثم حادثة اغتيال شرطي في مدينة قسنطينة في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2015. وتشير مصادر أمنية إلى أن العنصر الذي نفّذ الهجوم الانتحاري، هو نفسه الذي كان قد نفذ عملية اغتيال الشرطي، إلا أن السلطات الرسمية لم تؤكد بعد هذه المعلومة، وأشارت إلى أن عملية التعرف إلى هوية الانتحاري لا تزال جارية.
وبحسب بيان وزارة الداخلية، فإن العملية اقتصرت على محاولة الانتحاري تفجير نفسه باستعمال حزام ناسف داخل مقر الأمن الحضري رقم 13 لقسنطينة، «إلا أن أحد عناصر الشرطة كان يزاول مهامه، استطاع صدّ الإرهابي الانتحاري وإجباره على فكّ حزامه الناسف خارج المبنى الذي توجد فيه محافظة الشرطة». وذكرت وزارة الداخلية أنه «لم تسجل أي خسائر بشرية، ما عدا إصابة شرطيين بجروح خفيفة، تم نقلهما على جناح السرعة إلى المؤسسة الاستشفائية ابن باديس في قسنطينة». لكن اللافت أن هذه العملية وقعت بينما كان وزير الداخلية نور الدين بدوي يجري لقاءً مباشراً مع التلفزيون الرسمي، وهو الأمر الذي دفعه إلى طمأنة المواطنين بأن «كل الأجهزة الأمنية مستعدة وجاهزة للتصدي لكل محاولات المساس بأمن واستقرار البلاد، خاصة في الظروف الراهنة».
من جانبه، شدد وزير العدل الطيب لوح، أمس، في حديث مع الإذاعة الرسمية، على ضرورة عدم تضخيم هذه العملية، لأن الإرهاب في الجزائر تراجعت وتيرته بشكل كبير، بفضل «مقاربة سياسية أمنية قضائية قانونية متكاملة طبّقتها مؤسسات الدولة»، ولم تبقَ سوى «أعمال معزولة». وغازل الوزير العناصر الذين لا يزالون ينشطون في الجزائر بالقول إن باب المصالحة الوطنية لا يزال مفتوحاً أمامهم.
وتواجه السلطات الأمنية الجزائرية تهديدات تنظيم «داعش» بجدية كبيرة، خصوصاً في ما يتعلق بإمكانية عودة مقاتلي هذا التنظيم في سوريا إلى تونس والجزائر (عدد مقاتلي «داعش» الجزائريين لا يتجاوز المئة)، وهو ما يلقي عبئاً إضافياً على المؤسسة الأمنية في البلاد، رغم تمرّسها في مواجهة هذا النوع من التنظيمات.
ويرابط حالياً الآلاف من عناصر الجيش الجزائري عند المناطق الحدودية من أجل التصدي لأي اختراق، كذلك يُجري الجيش تنسيقاً عالي المستوى مع نظيره التونسي ومع عدد من الفصائل الليبية من أجل هذا الغرض. وسمحت عمليات الجيش بالقضاء على 125 إرهابياً سنة 2016، بينما وصلت الحصيلة هذه السنة إلى 27، وذلك وفق ما تنشره وزارة الدفاع الجزائرية.
وقد رصدت الحكومة الجزائرية في موازنتها العامة أكبر المخصصات لوزارتي الدفاع والداخلية، نظراً لما تقول إنها تحديات أمنية تحيط بالبلاد، وتناهز ميزانية الوزارتين مجتمعتين حوالى 18 مليار دولار، وهو مبلغ بحسب الخبراء يساوي ميزانيات دول مجتمعة في أفريقيا.
وتبدو السلطات الجزائرية متيقظة للخطر الجديد على الميدان، إلا أن الإشكال الأكبر يقع في الحدود الشاسعة التي تجمع الجزائر بلييبا التي تعاني من الانفلات التام. لذلك، تتحرك الجزائر على كل المستويات لمعالجة هذا الإشكال، فهي تقوم بحملة وساطات واسعة في ليبيا من أجل التوصل إلى اتفاق بين الفصائل المتصارعة في هذا البلد، تفادياً لأن يكون موطئ قدم للمسلحين القادمين من مناطق الحروب.
ورغم تحسّن الوضع الأمني في الجزائر قياساً إلى سنوات التسعينيات وبداية سنوات الألفين، فإن الخطر الإرهابي الداخلي لا يزال موجوداً عبر عمليات محدودة التأثير. وتتركز الجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الصحراء الكبرى جنوباً، إلى جانب جزء من منطقة القبائل شمالاً، حيث توجد مناطق جبلية يسهل التحصّن فيها.
وفشل «داعش»، رغم المخاوف التي مثّلها ظهوره، في توقيع عمليات كبيرة في الجزائر. في المقابل، تعرّض التنظيم لضربات قاصمة، أبرزها سقوط عبد المالك قوري الذي أسّس تنظيم «داعش» في الجزائر، في كانون الأول 2014، وقد اشتهر هذا الإرهابي الذي كان ينشط تحت راية تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، قبل أن ينشق عنه، أنه كان العقل المدبر لهجمات انتحارية على قصر الحكومة ومقر الأمم المتحدة في العاصمة الجزائرية في 2007.
محمد العيد
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد