“حراك 15 سبتمبر” بالسعودية – التوقيت والخلفيات والمحركون
اجتاح المغردون السعوديون الجمعة (15 أيلول 2017) وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها “توتير”، بشكل يمكن وصفهبحرب هاشتاغات مشتعلة ، وتصدرت تلك الهاشتاغات المراكز الأولى عالمياً: #هنا_المملكه_العربيه_السعوديه،# ايقاف_توتير_في_السعوديه، #يوم_الجمعه،#تلاحمنا_اساس_وحدتنا، #الجيش_الالكتروني_السعودي، #حراك_15سبتمبر.
وكانت مجموعة تطلق على نفسها اسم “حراك 15 سبتمبر” دعت عبر حساب على تويتر إلى التظاهر الجمعة. وعرّف الحساب عن نفسه بأنه “حراك سلمي يهدف إلى معالجة الفقر والبطالة وأزمة السكن وإزالة أسباب الجريمة والتفكك الأسري ورفع الظلم عن المرأة والضعوف وتحسين مستوى الخدمات وإطلاق المعتقلين”. ويتابع المجموعة عبر حسابها على تويتر أكثر من 13000 شخصاً.
لماذا الآن؟
المحلل السياسي وأستاذ التاريخ في جامعة السوربون بفرنسا، عادل اللطيفي، يضع الدعوة للحراك في “إطارين: إقليمي، أي الأزمة مع قطر، وسعودي داخلي، أي الاعتقالات الأخيرة لعناصر اتهمتها السلطات بالعلاقة بالإخوان (المسلمين)”. ويستبعد اللطيفي أن يكون للدعوة علاقة بملف حقوق الإنسان، موضحاً: “مسألة حقوق الإنسان ليست جديدة ومطروحة منذ زمن بعيد”.
من جانبها أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الجمعة في تقرير إن السلطات السعودية اعتقلت خلال الفترة الماضية عشرات الأشخاص بينهم رجال دين بارزون، في إطار ما اعتبرته “حملة قمع منسقة ضد معارضين”. وبحسب المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، لم تكشف السلطات عن أسباب محددة للتوقيفات، لكن مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، سارة ليا ويتسن، رأت أن حملة الاعتقالات هذه تحمل “دوافع سياسية”.
“الظروف غير مواتية”
يبدو- وحتى ساعة إعداد هذا التقرير- أن ترجمة الدعوة على أرض الواقع ليست بالأمر الهين؛ إذ لم تشهد المملكة أي تجمعات جماهيرية أو مظاهرات تُذكر. وكان مطلقو الدعوة قد أعلنوا أن الوقت المرشح هو بعد صلاة العشاء.
ويستبعد اللطيفي “نجاح” الدعوة، مرجعاً ذلك إلى عدة أسباب: “أولاً: البنية الاجتماعية التقليدية في المملكة والتي تتميز بأنها غير معتادة على هذه الطريقة من العمل السياسي. ثانياً: قوة وخبرة قوات الأمن في التعامل مع الاحتجاجات كما حصل مع الحجاج الإيرانيين وغيرها من الأمثلة”. ويضيف اللطيفي: “كما أن الإعلام السعودي بشقيه التقليدي والافتراضي قوي ومسيطر”. ومن جانبه اعتبر المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي أن المبالغة الإعلامية في التخويف والتحذير تعطي “صورة خطأ عن استقرار المملكة”.
ويوم الثلاثاء الماضي حثت وزارة الداخلية السعودية مواطنيها والمقيمين فيها على الإبلاغ عن أي أنشطة تحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة في خطوة وصفتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأنها استبدادية.
وقالت الرسالة التي نشرت على تويتر “عند ملاحظتك لأي حساب على الشبكات الاجتماعية ينشر أفكاراً إرهابية أو متطرفة يرجى التبليغ فوراً عبر تطبيق #كلنا_أمن”. ونشرت صورة توضح خطوات الإبلاغ عما وصفتها “بالجرائم المعلوماتية”.
معارضة ليبرالية “جنينية”وأصولية “قوية”
وكان معارضون سعوديون يعيشون في المنفى قد أطلقوا الدعوة للحراك. وتتواجد في الخارج العديد من الحركات “المعارضة” والجمعيات “الحقوقية” كـ المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في برلين، وديوان المظالم الأهلي “ديواني” في جنيف والقسط لحقوق الإنسان في لندن.
وعن أطياف المعارضة وحجمها وقدرتها على الفعالية والتأثير يفيدنا الدكتور اللطيفي: “هناك معارضة ليبرالية ما تزال ضعيفة وفي مرحلتها الجنينية وغير مؤطرة وتقتصر على عدد من الكتاب وبعض النساء المتحديات لبعض القوانين الخاصة بالمرأة على المستوى الاجتماعي. وهناك معارضة أصولية قوية لأنها كانت مرتبطة يوماً ما بالسلطة ولانتشار الثقافة الأصولية بشكل كبير في البلد”.
اعتقال رجال دين بارزين
وكان ناشطون على موقع تويتر أعلنوا أن السلطات السعودية اعتقلت مؤخراً 20 شخصاً على الأقل، بينهم الداعيان البارزان سلمان العودة وعوض القرني. وأكد أفراد من عائلات بعض الموقوفين عملية الاعتقال. وأفاد الناشطون أن الاعتقالات بدأت منذ التاسع في أيلول وشملت ستة رجال دين.
واعتقل العودة، الداعية البارز، بعدما رحب بطريقة غير مباشرة عبر حسابه في تويتر بأول اتصال جرى بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بعد جفاء دام ثلاثة أشهر. ويُتهم القرني بالارتباط بجماعة الإخوان المسلمين التي تدرجها السعودية على لائحة الإرهاب. ولدى العودة والقرني ملايين المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي. وكانا قد عارضاً وجود قوات أميركية في المملكة خلال حرب الخليج عام 1991. كما طالت الاعتقالات الكاتب الاقتصادي عصام الزامل، حسب ناشطين.
السعودية ترى في الإخوان “قوة منافسة”
ومن جانبها، قالت “منظمة العفو الدولية” إن حملة الاعتقالات هذه هي الأكبر خلال أسبوع واحد منذ سنوات، مشيرة إلى توقيف أكثر من 20 شخصاً واقتيادهم إلى جهات غير معلومة. وأوضحت “على مر السنوات الماضية، لم نشهد أسبوعاً جرى خلاله اعتقال هذا العدد الكبير من الشخصيات السعودية المعروفة في وقت قصير”، معتبرة أن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة تراجعت منذ إعلان الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في حزيران الماضي.
ومن جانبها لم تعترف الحكومة صراحة بالاعتقالات ولم ترد على طلبات للتعليق. لكن مصدر سعودي، طالب عدم الكشف عن اسمه نظراً لحساسية الأمر، أفاد لرويترز أن المشتبه بهم متهمون بأنشطة تجسس والاتصال بكيانات خارجية منها جماعة الإخوان المسلمين. “ترى السعودية في الإخوان قوة تنافسها سياسياً وعلى الشرعية الإسلامية”، يقول اللطيفي موجزاً رؤيته للاعتقالات وخلفياتها.
المصدر: DW
إضافة تعليق جديد