حصاد معركة الحُديدة: الخطر ينحسر عن المدينة
أثبتت قوات الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، على رغم الفارق الكبير في العتاد والعدة بينها وبين القوات الموالية لتحالف العدوان، تفوقاً عسكرياً في ميدان المواجهات على الساحل الغربي، وحوّلت تقدم الغزاة في الشريط الساحلي إلى عملية استدراج كبرى، وجدت الميليشيات المدعومة إماراتياً نفسها بفعلها في فخّ كبير، بعدما تمكنت القوات اليمنية من إغلاق جميع طرق إمداد تلك الميليشيات، لتجبرها على إجلاء قتلاها وجرحاها في مديرية الدريهمي عبر البحر.القيادة الإماراتية الموجودة في عدن وفي غرفة العمليات في قاعدة العند العسكرية (محافظة لحج) استدعت، أخيراً، قيادات «ألوية العمالقة» السلفية الموالية لها، ونجل شقيق الرئيس السابق، قائد ما تسمى قوات «حراس الجمهورية»، العميد طارق محمد عبد الله صالح، إلى عدن، حيث أمهلتهم فترة أسبوع لاستعادة خطوط الإمداد في منطقة الفازة جنوبي شرقي مديرية التحيتا، وفي منطقة الجاح، وكذلك في منطقة عليفقة في مديرية الدريهمي غربي مدينة الحديدة. ووفق مصادر تحدثت إليها «الأخبار»، فإن القيادة الإماراتية وبّخت عدداً من القيادات الموالية لها في الساحل الغربي، وحمّلتهم مسؤولية تراجع معركة الحديدة، ومقتل المئات من العناصر الموالية لها، وأيضاً تدمير العشرات من المدرعات والآليات الحديثة.إلا أن مهلة الأسبوع، التي بدأت يوم الجمعة الماضي، انتهت يوم أمس، من دون أن تحقق الميليشيات المدعومة إماراتياً أي تقدم يذكر على الأرض. إذ إن كتيبتين عسكريتين من «ألوية العمالقة»، قوامهما 1250 جندياً، لا تزالان محاصرَتين في محيط مطار الحديدة، وفي منطقة الجبلية الواقعة في مديرية الدريهمي منذ أسبوع، فيما لا تزال خطوط الإمداد الرئيسة في عليفقة والجاح وكذلك الفازة تحت سيطرة القوات اليمنية.
قوات صنعاء، التي أجبرت المهاجِمين على تغيير مسار المواجهات العسكرية من مشارف مطار الحديدة إلى مديرية التحيتا التي تبعد عن الحديدة المدينة 50 كيلومتراً، تواجه منذ ثلاثة أيام هجوماً عنيفاً يشارك فيه 13 لواءً عسكرياً، ستة منها تابعة لـ«العمالقة»، واثنان لطارق صالح، وآخران لميليشيا «المقاومة التهامية». وبعد يومين من المواجهات العنيفة التي حاولت فيها 10 ألوية عسكرية التقدم في منطقة الفازة ومزارعها، تم استدعاء تعزيزات عسكرية عاجلة الأربعاء، تمثلت في لواءين من ألوية «الحراسة الرئاسية» التي يقودها التكفيري مهران القباطي، والتابعة للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى لواء ثالث تابع للمنطقة العسكرية الرابعة الموالية لهادي. هذه القوات الضخمة التي يساندها طيران الأباتشي والحربي الذي يشن عشرات الغارات يومياً، لم تحقق أي تقدم ملموس حتى اليوم في التحيتا، وكلما أحرزت تقدماً جزئياً تحت الغطاء الجوي تفقده بعد ساعات.
تراجع موجة النزوح
تمكُّن القوات اليمنية من نقل المعركة من مشارف مدينة الحديدة إلى مديرية التحيتا، أوقف موجة النزوح الجماعي التي تصاعدت خلال الأسبوعين الماضيين إلى أعلى مستوياتها، عقب اقتراب المواجهات العسكرية من مدينة الحديدة وامتدادها إلى مطار المدينة. إذ إن أكثر من 60 ألف نسمة نزحوا من الحديدة إلى مدينة إب عبر الخط الرابط بين محافظتَي الحديدة وإب. كذلك نزح أكثر من ألفي أسرة إلى صنعاء، حيث تم استقبالها في عدد من مدارس العاصمة. إلا أن موجة النزوح الكبيرة (من داخل المدينة)، والتي أثارت قلقاً محلياً ودولياً، توقفت خلال الأيام الماضية، بعد تغير مسار المواجهات في الساحل.
ومع ذلك، لا يزال النزوح مستمراً من مديريات الحديدة التي تشهد مواجهات عسكرية إلى مناطق آمنة في المحافظة نفسها. مصادر محلية في مديرية الدريهمي جنوبي الحديدة تحدثت إلى «الأخبار» عن تفاقم معاناة مئات الأسر التي نزحت من قرى الطائف والنخيلة والشجيرة ووادي النخيل ودير خمسين والقازة ودخنان والحايط، والبالغ عددها أكثر من 300 أسرة أجبرتها المعارك على ترك منازلها ومزارعها. وتوضح المصادر أن «المنظمات الإنسانية لم تقم بدورها في تخفيف معاناة الأسر النازحة منذ أكثر من أسبوع». ولم تقتصر موجة النزوح الداخلي على الدريهمي، بل امتدت أيضاً إلى القرى والتجمعات السكانية الواقعة جنوبي شرقي التحيتا. وبحسب مصادر محلية هناك، فإن «اشتداد المواجهات المسلحة في الفازة ومحيطها والمزارع الواقعة في الأودية القريبة منها أدى إلى نزوح الآلاف من منازلهم إلى مناطق آمنة، في ظل غياب المنظمات الإغاثية». وما ضاعف من تلك المعاناة استهداف طيران تحالف العدوان عدداً من الأسر النازحة في طريقها نحو مناطق آمنة.وتُعدّ الحديدة مدينة صناعية وإنتاجية تعمل فيها عشرات المصانع المحلية المتنوعة، والتي تعرّض البعض منها للاستهداف الممنهج منذ بدايات العدوان، كمصانع الألبان والمصانع الغذائية الخفيفة ومصانع التبغ والكبريت. كذلك تحتضن المدينة عشرات المعامل الإنتاجية المتخصصة في إنتاج السلع والمنتجات الكمالية، والتي يعمل فيها الآلاف من اليمنيين. ومن شأن اقتراب المواجهات من المدينة تعريض تلك المصانع الإنتاجية، التي صمدت لأكثر من ثلاث سنوات في وجه الحصار، لخطر التدمير.
الأخبار
إضافة تعليق جديد