حركة طالبان وسيناريو هجوم الربيع
الجمل: برغم تعدد أطراف الصراع الأفغاني، فقد انحصرت الحرب بين حركة طالبان وحلفائها من جهة، وحلف الناتو وحلفائه من الجهة الأخرى.
• الوضع الميداني العام:
تتكون أفغانستان من 32 محافظة، تخضع (نظرياً لسلطة الحكومة المركزية في كابول، التي يتولى رئاستها حامد كرزاي، المدعوم بواسطة سلطات الاحتلال الأمريكي).
تجاور أفغانستان كل من: إيران، باكستان، تركمانستان، أوزبكستان، طاجيكستان، قيرغيزستان، والصين.
برغم تميز أفغانستان بتعددية اثنية، إلا أن المجموعات الاثنية الكبرى هي: الباشتون 40%، الطاجيك 15%، الأوزبيك 15%، وبقية الـ30% تتوزع على الاثنيات الأخرى.
يقوم الاقتصاد الأفغاني على زراعة نبات الخشخاش الذي يستخدم في إنتاج الأفيون والمخدرات، ونذكر مناطق إنتاج المخدرات في الآتي:
- الجزء الجنوبي.
- الجزء الشرقي.
- الجزء الأوسط.
- الجزء الشمالي والشمالي الشرقي.
وتعتبر المنطقة الشرقية التي تتضمن العاصمة كابول، الأقل إنتاجاً للأفيون.
• الوضع العسكري:
توجد في الساحة الأفغانية ثلاث كتل مسلحة، هي:
- قوات حركة طالبان وحلفاءها مثل القاعدة.
- القوات المتعددة الجنسيات.
- قوات أمراء الحرب.
بالنسبة لقوات أمراء الحرب الأفغانية، مثل قوات تحالف الشمال التي يقودها الجنرال عبد الرشيد دوستم، وتجد الدعم والمساندة من قبائل الأوزبيك والطاجيك، فهي تسيطر على شمال وشمال شرق أفغانستان، حيث مزارع المخدرات ووادي بانشير الغني بمزارع الخشخاش. كذلك هناك قوات رباني وقوات عبد سياف الرب، وتسيطر على المنطقة الغربية، وهؤلاء جميعاً غير متورطين حالياً في أي صراع، لا ضد حركة طالبان، التي حاربتهم من قبل، ولا ضد القوات الأمريكية أو قوات الناتو و(القوات المتعددة الجنسيات) التي تقاتل حالياً ضد طالبان. وكل ما يهم بارونات الحرب الأفغانية حالياً هو السيطرة على مزارع المخدرات، وانتظار ما تسفر عنه المعركة المتوقع حدوثها خلال هذا الربيع بين طالبان والقوات المتعددة الجنسيات التي تقودها أمريكا وحلف الناتو.
بالنسبة للقوات المتعددة الجنسية، فهي تتوزع حالياً ضمن أربع مناطق للمواجهة الافتراضية العسكرية المتوقع حدوثها:
- المنطقة الشمالية: القوات الألمانية، والنرويجية، والسويدية، والهولندية.
- المنطقة الغربية: القوات الأمريكية، والإيطالية، والاسبانية، والليتوانية.
- المنطقة الشرقية: القوات الأمريكية والبريطانية، والألمانية، والكندية، والهولندية، والإيطالية، والفرنسية، والاسبانية، والتركية، والرومانية.
- المنطقة الجنوبية: القوات الأمريكية، والبريطانية، والكندية، والهولندية.
أكبر تجمع للقوات المتعددة الجنسيات يوجد في المنطقة الشرقية، والجنوبية، وذلك على أساس اعتبارات أن المنطقة الجنوبية سوف تمثل منطقة المجهود الرئيسي في العمليات العسكرية ضد طالبان، وبالتالي فإن المنطقة الشرقية سوف تمثل منطقة الإسناد والدعم التي تلعب دور مؤخرة القوات، وذلك لأن مهمتها هي التقدم لدعم العمليات العسكرية في المنطقة الجنوبية، وأيضاً توفير الملاذ الآمن، أو هامش المناورة الميدانية للقوات التي تنسحب من وطأة المعارك التي يتوقع اندلاعها في المنطقة الجنوبية.
بالنسبة لحركة طالبان، فقد استطاعت تجميع أطرافها خلال الأعوام الماضية، وذلك بسبب:
- دعم السكان البشتون (40% من سكان أفغانستان).
- النجاح في استخدام المناطق الجبلية الجنوبية كملاذات آمنة للحركة.
- الاستفادة من التداخل القبلي- الاثني بين جنوب أفغانستان (قبائل البشتون)، وشمال باكستان، (قبائل البشتون أيضاً).. وتجدر الإشارة إلى أن قبائل البشتون الأفغانية والباكستانية تمثل في النهاية شيئاً واحداً، وهي تتحدث لغة واحدة، وينتمي جميع أفرادها وعشائرها إلى المذهب السني الحنبلي المتشدد.
سيناريو هجوم الربيع:
أعلنت حركة طالبا، بوضوح خلال مطلع الشتاء الماضي بأنها سوف تقوم بشن هجوم الربيع، ويتوقع أن تأخذ العمليات العسكرية شكل وصيغة (الحرب اللامتماثلة).. وتقول مؤشرات الميزان العسكري بين أطراف الصراع:
• الأفراد: عدد مقاتلي طالبان المعلن يبلغ حوالي 20 ألفاً، ولكن العدد الحقيقي غير معروف، خاصة وأن الحركة استطاعت أن تجند خلال الأعوام الماضية عشرات الآلاف من أبناء البشتون المتضررين من الاحتلال الأمريكي، وأيضاً استطاعت الحركة أن تستقطب دعم الكثير من الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة الموجودة في منطقة آسيا الوسطى، لذلك يتوقع أن يكون عدد الأفراد المقاتلين تحت راية طالبان في حدود 100ألف عنصر.
أما بالنسبة لأفراد القوات المتعددة الجنسية، فمن المتوقع أن لا يتجاوز عددهم الـ50 ألف، كذلك تعمل كل قطعة عسكرية من هذه القوات في منطقة مواجهة محددة خاصة بها.
• المذهبية العسكرية والقتالية: مذهبية حركة طالبان هي الجهاد الإسلامي من أجل طرد الأوروبيين وتحرير أفغانستان، وإعادة بناء دولة الإسلام.. أما الأمر بالنسبة للقوات المتعددة الجنسيات فينحصر فقط في مكافحة الإرهاب والتمرد.
• العتاد: حركة طالبان تستخدم الأسلحة الخفيفة، أما القوات المتعددة الجنسيات فتستخدم الأسلحة الثقيلة والطيران بشكل أساسي.
وعموماً يمكن القول ان عامل الأرض ودعم السكان المحليين سوف يلعب دوراً هاماً في معارك هذا الربيع، وبرغم التفوق الكمي لحركة طالبان، فمن الصعب نجاحها في إلحاق هزيمة عسكرية حاسمة بالمعنى العسكري، وذلك بسبب التفوق النوعي الذي تتمتع به القوات المتعددة الجنسيات، وكل ما تستطيعه حركة طالبان هو إدارة حرب استنزاف تؤدي إلى تعريض القوات المتعددة الجنسيات للكثير من الخسائر الفادحة.. فهل يا ترى تنجح طالبان اللامتماثلة بإلحاق الخسائر الجسيمة بالقوات المتعددة الجنسيات، أم سوف تستطيع القوات المتعددة الجنسيات الصمود أمام هجوم طالبان عن طريق تعويض الخسائر من جهة، والعمل من أجل الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة في ميادين القتال، وذلك على النحو الذي تحاول أن تقوم به قوات الناتو حالياً، عن طريق شن الهجمات المباغتة ضد حركة طالبان، وإجهاضه مبكراً قبل انطلاقه.. وبالأمس شنت قوات الناتو هجوماً استباقياً ضد حركة طالبان تمكن فيه 1000 جندي غربي تم نقلهم بطائرات الهيليكوبتر من الاستيلاء على أحد مدن جنوب أفغانستان الصغيرة التي كانت تحت سيطرة حركة طالبان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد