عادل محمود : اقتتلوا أيها الفلسطينيون!
في هذه الزاوية كتبت بتاريخ 25/7/2005 «لماذا على الفلسطينيين أن يتحاربوا في غزة خلال الشهر الأخير من الاحتلال, وهم استطاعوا تفادي الحرب طوال عقود؟» «ان تفاهمات القاهرة ورق. وعند احتدام الرصاص بين السلطة و«حماس» يحتدم النقاش في الفضائيات من خلال... الورق».
كان هذا في مناسبة انسحاب إسرائيل من غزة(أيام شارون)... وقد اشتبكت السلطة و«حماس», لتطويب حارات غزة وإعلان محميات النفوذ الفصائلي القروي.
اليوم, بعد سنتين من «استقلال» غزة, يعود الطرفان الى القتال, بالمواقع المعكوسة: «حماس» في السلطة و«فتح» خارجها. وثمة ورق اتفاق مكة. ولكنه الآن ورق الفضائيات ايضا.
بمناسبة 49 سنة على احتلال فلسطين يحتفل الشعب بإقامة خيم ذكرى للقرى والمدن المحتلة. ولكن الفصائل تحتفل بطريقة الدم المباح في المساء وفي الصباح.
لماذا على الفلسطينيين, وفي ذكرى نكبتهم, أن يتقاتلوا؟ والسؤال الأهم: هل سيستمرون في التقاتل, هدنة ثم تقاتل. قاهرة ثم مكة ثم تقاتل؟
إنني اقدم اعتذاري سلفاً عما سأقول: إنهم سيستمرون! وحتى تتحقق هزيمة طرف وانتصار طرف انتصارا وهزيمة واضحين, ليس في الصناديق الديمقراطية بل بالسلاح والمقابر!!
لقد حدث ذلك حتى في الولايات المتحدة الأميركية بين الجنوب والشمال و«لنكولن» أعلن انتصارا صريحا على اضرحة عشرات الآلاف.
حدث ذلك ايضا في كل حركات التحرر الوطني في افريقيا: انغولا. موزامبيق. وفي اميركا اللاتينية: نيكاراغوا. كوبا. والمكسيك.
بصرف النظر عن المقارنة. فإن ايديولوجيا اليقين الكاملة عند «حماس». وتجربة الاستئثار الطويلة عند «فتح» تؤدي الى نوع من «خصومة» الدم, لا الى نوع من «خصوبة» الاتفاق.
وإذا كانت الأمور لا تسير, حتى اللحظة, بقوة الفتوى الدينية. فقد نصل الى ذلك, بعد أن رأينا كل اشكال العجز عن التفاهم. والفتوى بالخبرة العامة تكرس لدينا فلسطينياً جيداً و«غوييم» شريراً!!
وإذا كانت اجيال «حماس» و«فتح» الحالية طرية الذاكرة وقريبة العهد كذاكرة انفعالية بنكبة 1948. فما الذي سيحدث عند توريث هذه الذاكرة لأجيال شوهتها الانقسامات وحقنت صدرها, بالحقد, المعارك والدماء؟!
القدر الفلسطيني مرتبط بالقِدْرِ العربية. حين تكون أوطان وشعوب الاحتضان التاريخي لقضية كبرى... عاجزة ومفككة وهويتها بحاجة الى اثبات وثبات... فلن نتوقع من «امبراطورية» غزة أن تغرّد, كبلبل, خارج السرب.
........
في ذكرى النكبة يقول الاسرائيلي: اقتتلوا أيها الفلسطينيون!
في ذكرى النكبة يقول الواقع العربي: اقتتلوا أيها الفلسطينيون!
والعلامة الفارقة هذه الجملة الداهية:
الفقير تحت الاحتلال, اذا كان احمق, فسوف يحرر لنفسه ثلاثة امتار من الارض المحتلة!!
عادل محمود
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد