هل تتوسط ايران بين قطر وسورية؟
عهدتُ الحصافة والاتزان والاعتدال في سياسات ومواقف القادة القطريين، الأمر الذي أثار استغرابي عندما قرأت في وسائل الاعلام خبرا أن الدوحة ترفض عودة دمشق الى الجامعة العربية وبررت موقفها بأن الأسباب التي دفعت الجامعة الى ابعاد سورية منها لا تزال قائمة.
وأقل ما يمكن أن يقال عن هذا الموقف انه دعوة الى استمرار الأزمة في سورية وعدم السماح بعودتها الى وضعها الطبيعي وحاضنتها الرئيسية وهي الدول العربية والاسلامية، هذا في الوقت الذي تدعو فيه الدوحة الى ضرورة نزع فتيل التوترات والأزمات في المنطقة والعالم، بل أنها سعت وساهمت في تسوية وحل العديد من الأزمات، كدورها في أفغانستان ودارفور وحتى الملف النووي الايراني، وملفات أخرى.
هناك عدة أسباب مجتمعة أو منفردة وراء الموقف القطري، ولكن يمكننا أن نتصور عددا من هذه الأسباب:
ربما تريد قطر أن تقول من خلال هذا الموقف لشعبها ان موقفها من الحكومة السورية مبدئي ولا يتغير من دون أن يتغير النظام، وبالتالي فانها لا تعلن يوما بضرورة رحيل النظام السوري وفي يوم آخر تضع يدها بيده، خاصة أن هذا الموقف استنزف المليارات من الأموال القطرية.
ربما تريد قطر أن تقول لأصدقائها في الأحزاب المعارضة السورية وبعض الجماعات الارهابية أن موقفها لا يزال كما هو تجاه النظام السوري ولم يتغير، وتطمئنهم بأن دعمها لهم لن يتأثر بالمستجدات وخاصة التقارب العربي السوري.
ربما تريد قطر تسجيل موقفها من عودة سورية الى الجامعة العربية سواء عادت أم لم تعد.
ربما توقعت القيادة القطرية أن القيادة السورية سترفض أي تقارب بينها وبين الدوحة لذلك استبقت ذلك باطلاق الموقف، لتوحي بأنها هي التي ترفض التقارب مع دمشق وليست دمشق التي ترفض.
ربما تريد قطر أن تقول أنها تتخذ مواقف شجاعة ومميزة حتى لو كانت الدول العربية الكبيرة كالسعودية ومصر والجزائر وسائر الدول العربية لديها اجماع على موقف ما.
ربما أرادت قطر بذلك أن تتضامن مع حليفتها الاستراتيجية تركيا، بعد القرار الذي اتخذه الرئيس السوري برفض لقاء الرئيس التركي ما لم ينسحب من الأراضي السورية ويوقف دعمه للجماعات الارهابية حسبما أعلنته وسائل اعلام سورية.
وايا يكن السبب والمبرر من الموقف القطري تجاه رفض عودة سورية الى الجامعة العربية، فينبغي القول:
ان هذا الموقف لا يخدم سوى اسرائيل والولايات المتحدة وأحزاب المعارضة السورية والجماعات الارهابية في سورية، بل أن معظم العرب والمسلمين غير راضين عن الذي جرى سورية ويرفضون استمراره، بينما تل أبيب وواشنطن وبعض الدول والجماعات الارهابية تبذل المستحيل لمنع عودة سورية الى وضعها الطبيعي، وربما الدوحة بعيدة كل البعد عن مآلات السياسة الاسرائيلية والأميركية ولكن هذا الموقف يصب في صالحها وخدمتها.
لا أدري ما هي آليات قرارات الجامعة العربية، وهل بامكان احدى الدول الأعضاء رفض عودة احدى للجامعة وان هذا الرفض يمنع تلك الدولة من العودة، أم أن قرار العودة يتخذ بالتصويت وأغلبية الأصوات، ولا أدري ان كانت الدوحة ستصر على موقفها ولن تتراجع عنه أم لا، ولكن من المؤكد أن ايران ستقوم بتنشيط دبلوماسيتها والتحرك على قطر لو عرقلت عودة سورية الى الجامعة العربية.
الدبلوماسية الايرانية نجحت في التقريب بين أنقرة ودمشق رغم التباعد الهائل بينهما، ومع أن هذا النجاح لم يتكلل بلقاء بين الرئيسين الأسد واردوغان، إلا انه قطع شوطا كبيرا، واستمرار المفاوضات التركية السورية على مستوى نواب وزراء الخارجية وانتقاله الى مستوى وزراء الخارجية قريبا سيمهد الأرضية لعقد اجتماع قمة بين الرئيسين الأسد واردوغان.
من المؤكد أن العلاقات بين طهران والدوحة أقوى بكثير من العلاقة بين ايران وتركيا مما يعني أن الأمور اذا تعقدت بين الدوحة ودمشق فان فرص حلها عبر طهران ستتزايد.
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد