ارتياح سوري لنتائج «جدّة»: «س – س» عائدة
جانبلات شكاي:
تعدّدت التحليلات حول نتائج القمّة العربية الأخيرة في مدينة جدة، متفاوتةً في ما بينها بحسب التموضع السياسي لصاحب كلّ منها. ولكن ردود الفعل الغربية، وخصوصاً منها الأميركية، على تلك النتائج، تبدو مؤشّراً مفيداً في محاولة استقرائها. منذ ما قبل بدء جلسات القمّة، كان الامتعاض الأميركي والغربي منها ظاهراً ومعلناً؛ إذ دخل الكونغرس في سباق مع الزمن لفرض عقوبات جديدة على سوريا وعلى كلّ من يمكن أن يمدّ لها يد المساعدة، فيما لم يأتِ البيان الختامي لـ«مجموعة السبع» التي انعقدت في هيروشيما اليابانية بعيداً عن هذا المنحى، بتلويحه بعصا العقوبات ما لم تتحرّك العملية السياسية في سوريا وفق الرؤية الغربية حصراً. أمّا إسرائيل فأعلنت، عبر وسائل إعلامها، أنها «أبلغت المجتمع الدولي أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية لن تمنعها من مواصلة هجماتها». وإذا دلّ كلّ ما تَقدّم على شيء، فإنّما على أن ما انتهت إليه القمّة، وتحديداً تجاه الملفّ السوري، يحوز أهمّية بالغة، وسيكون من شأنه إحداث تغييرات كبرى في المنطقة.
أريدَ لقمّة جدة أن تفتح الباب على المصالحات، وأن تصدّر صورة من التوافق، وهو ما يفسّر تغييب القضايا الخلافية والإشكالية عنها، حتى لا تحرفها عن الهدف الذي حاولت السعودية التركيز عليه. وبخصوص الملفّ السوري تحديداً، فقد جاء اللقاء الذي جمع وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع الرئيس السوري بشار الأسد، ليتوّج مرحلة التقارب المتطوّرة والمتسارعة بين الدولتَين. وفي هذا المجال، تفيد المعلومات بأن نتائج اللقاء «كانت ممتازة، بل وأكثر من المتوقّع»، وأن «العلاقات تتحرّك نحو الأمام»، على نحو «يذكّر بمرحلة تنسيق سابقة عُرفت حينها بمعادلة «س – س»». ويسود الأروقة السورية الرسمية، الآن، تقديرٌ بأن تلك المعادلة «ستعود لتفرض نفسها قريباً مرّة ثانية، وربّما بشكل أفضل من المرحلة السابقة، ولتنعكس على كلّ الملفّات ذات الاهتمام المشترك، بما فيها طبعاً دعم سوريا لتجاوز سنوات الأزمة والتجهيز لتسهيل عودة اللاجئين، ودعم مؤسّسات الدولة في مواجهة كلّ التحدّيات، إنْ في الشمال الشرقي حيث الوجود الأميركي، أو في الشمال الغربي حيث النفوذ التركي، أو في الملفّات الإقليمية وفي المقدّمة منها لبنان، وضرورة إنهاء أزمته ومعاناته». ومن هنا، يمكن قراءة اللقاءات غير الرسمية التي انعقدت في جدة بين الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد من جهة، وشيوخ قبيلة شمر، الواسعة النفوذ في شمال شرق سوريا، من جهة أخرى؛ وأيضاً الاجتماع الأوّل من نوعه بين الأسد ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، والذي عقّب عليه الأخير بالقول إن «الاتفاق السعودي – السوري يولّد ارتياحاً في لبنان».
في الميزان، تجاوزت نتائج قمّة جدة، بحسب الرؤية الرسمية السورية، مخرجات اللجنة الوزارية الخماسية التي اجتمعت في عمّان، بمشاركة سوريا والأردن والسعودية ومصر والعراق. إذ تحدّثت اللجنة، في بيانها، عن ضرورة الدفع في اتّجاه إيجاد حلّ للأزمة السورية بما ينسجم والقرار 2254، فيما بيان جدة خلا من هذا التفصيل، وشدّد في المقابل «على وقف التدخّلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التامّ لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسّسات الدولة، والتأكيد على أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنّما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها وتحول دون تحقيق تطلّعات مواطني دولنا». وفي إطار هذه الرؤية، يمكن قراءة استئناف عمليات التسوية التي انطلقت منذ أيام قليلة في محافظة درعا جنوب البلاد، والتي جاءت أيضاً بعيد تنسيق غير معلَن بين الجيشَين السوري والأردني في استهداف مهرّبي ومروّجي المخدرات في المنطقة الحدودية بين البلدَين، في ما قد يؤشّر إلى المباشرة بتنفيذ تلك المخرجات.
الأخبار
إضافة تعليق جديد