لماذا تصر أوروبا على مواصلة إعلان الحرب على سوريا؟
عدنان علامة:
لقد تورطت أمريكا وأوروبا والعديد من الدول العربية في إعلان الحرب الكونية على سوريا في 15 آذار/ مارس 2011. وكان الهدف الأساس هو إسقاط الرئيس بشار الأسد لإلحاق سوريا بقطار التسوية. وقد جاهر ممن يطلقون على أنفسهم “المعارضة” بإستعدادهم للتفاوض مع الكيان الصهيوني وتوقيع معاهدة سلام معه. ونظرًا للعلاقات السرية بين الإرهابيين والكيان المؤقت، فقد تم معالجة العديد من جرحى الإرهابيين في مستشفيات ذلك الكيان.
ولكن جرت الرياح بما لا تشتهيه أمريكا وحلفائها وعملائها وانتصر الرئيس الأسد بدعم من محور المقاومة في الميدان، وتغيّرت الأمور وعادت سوريا منتصرة إلى مقعدها في الجامعة العربية. ولكن أمريكا والدول الأوروبية لم يستطيعوا تجرُّع هذا الإنتصار الذي أفشل مخطاطتم وأذلهم؛ فقرروا الإنتقال إلى الخطط البديلة. فاحتلت أمريكا منابع النفط في شرق الفرات؛ ودربت قسد وسلّحتهم واعتقلت المسلحين الأجانب في سجون قسد، وأنشأت قواعد عسكرية على الحدود السورية العراقية المشتركة وأهمها قاعدة التنف التي تشرف على البادية السورية وتتحكم بكل مفاصلها.
وأما اوروبا التي تتصرف وفقًا للأجندة الأمريكية؛ فبدأت بالضغط على الحكومات العربية لتجنيس النازحين السوريين في مناطق تواجدهم للإنقلاب مستقبلأ على الرئيس الأسد ولمنع إنتقالهم إلى أوروبا لأسباب عنصرية بحتة.
فلنتابع سويًا ما قاله مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي حول النازحين وحول الموقف الحالي من سوريا.
فقد طالب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل يوم الخميس الماضي خلال “مؤتمر دعم سوريا والمنطقة في بروكسل” بعدم استغلال قضية وجود اللاجئين السوريين في بعض الدول لأغراض سياسية.
وأكد بوريل أمام مؤتمر دعم سوريا والمنطقة في بروكسل، “الاتحاد الأوروبي سيعمل على مواصلة دعمه للشعب السوري وللدول التي تستضيف لاجئين”،
كما أعلن عن تقديم مبلغ 660 مليون يورو لدعم سوريا خلال العام المقبل، مشيرًا إلى أنّه “يجب بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد حل للأزمة السورية”، مؤكدًا أنّ “الاتحاد لن يختار مسار التطبيع مع النظام السوري”، حيث اعتبر أنّ “الظروف غير متاحة لتغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا”.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس الماضي أيضًا : “عدم تأييده لجهود تطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية وتركيا”.
وأشار مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، في كلمته أمام مؤتمر دعم سوريا الخميس الماضي في بروكسل الى ان “هناك حدثاً مهماً جداً جرى في 7 أيار الماضي، عندما قرّرت الجامعة العربية إعادة ضم سوريا إلى قاعاتها”.
وقال: “هناك محاولات للعمل على علاقات طبيعية بين الدول العربية والنظام في سوريا، ويتابع الاتحاد الأوروبي جهود تركيا فيما يتعلق بالعلاقات مع الحكومة السورية”.
واستكمل بوريل، “تلك ليست الطريق التي كانت لتسلكها الدول الأوروبية في علاقاتها مع سوريا”.
وأكد، “مواصلة الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الحكومة السورية”، مشيراً إلى أن “الظروف الآن في الاتحاد الأوروبي ليست مواتية لتغيير سياساته تجاه سوريا”.
لقد إعترف بوريل بالحدث الهام جدًا والمتمثل بعودة سوريا إلى موقعها الطبيعي في الجامعة العربية؛ ولكن أوروبا امتنعت وتمتنع عن اللحاق بالركب لعودة العلاقات العربية معها وذلك لأسباب عنصرية ولإلغاء النقاش في قضية عودة المسلحين الأوروبيين الإرهابيين إلى بلدانهم ويُعرفون “بالدواعش الأجانب” .
فأوروبا سهلت السبل ووفرت الدعم المادي واللوجستي لجميع المتطرفين الإسلاميين الأجانب، و غير المندمجين في المجتمع الأوروبي وحتى أفرجت عن المسجونين للإلتحاق بالدواعش في سوريا لتنفيذ الإنقلاب ضد الرئيس بشار الأسد. وقد إرتكب هؤلاء جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري من خلال الإنغماسيين في معظم المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الرسمية.
وبعد هزيمة العدوان الكوني على سوريا وتجمع فلول المسلحين الارهابيين السوريين على الحدود مع حلب؛ وأما الدواعش الأجانب فقد القى ترامب القبض عليهم ووضعهم في سجون قسد، وأما النساء والأطفال فقد تم وضعهم في مخيمي روج والهول.
فأوروبا ترفض رفضًا قاطعًا عودة المسلحين الذي يحملون جنسيتها إلى بلدانهم؛ ولذا فعودة علاقات أوروبا الطبيعية مع سوريا سيضع حتمًا موضوع عودة المسلحين الأجانب إلى بلدانهم على طاولة المفاوضات؛ وهذا الأمر سيجعل أوروبا كبالع الموسى.
واستعمل بوريل أمام مؤتمر دعم سوريا فقرة حمّالة أوجه حين قال: “يجب بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد حل للأزمة السورية”، فهل الإزمة هي أزمة النازحين السوريين؛ أم لا تزال الدول الأوروبية تعتقد بأن الرئيس الأسد لا يزال يمثل شوكة في عيونهم؟؟؟!!!
فعلى أمريكا وأوروبا أن لا يتدخلوا في الشؤون الداخلية السورية. فالدول الأوروبية التي تدّعي الإنسانية لا تملك أي ذرة منها في التعامل مع مواطنيها التي أرسلتهم لتنفيد مخططاتهم التوسعية في سوريا؛ ولم تتفق الدول الارووبية التى تدّعي الحرص على الإنسانية على موقف موحد من عودة “الدواعش الأجانب” إلى بلادهم وذلك لأن أصولهم عربية وعيونهم ليست زرقاء وبشرتهم ليست بيضاء بالرغم من أنهم مواطنين ويحملون جنسيات أوروبية.
لذا آمل منكم مراجعة ما نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” بعنوان “المقاتلون الأجانب .. وتبعات العودة” بتاريخ 25 آب/ أغسطس 2019. كما آمل مراجعة موقع أخبار الأمم المتحدة المتعلقة بمخيمي الروج والهول والمقاتلين الأجانب لتتيقنوا بأن أوروبا عنصرية بإمتياز ؛ فهي لا تكترث بمصير أكثر من 40 ألفًا من مواطنيها بحسب مصادر الأمم المتحدة الذين تخلّت عنهم بعد فشلهم في تنفيذ أجنداتها في سوريا.
وحين قال بوريل “يجب بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد حل للأزمة السورية”، ألم يدرك بأن أوروبا لا تزال تتدخل في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة وعضوة في الأمم المتحدة؛ وكان من الأجدى ان تعالج اوروبا مسألة مواطنيها الذين تخلت عنهم بعد زجهم فى آتون المؤامرة على سوريا. والأموال التي تدفع للنازحين في أماكن تواجدهم هو تنفيذ للخطة “ب” بعد أن فشل العدوان الكوني على سوريا. وتقضي الخطة بتمويل ودعم توطين النازحين في أماكن تَواجدهم لمنع توجههم إلى أوروبا ولفرض التغيير الديموغرافي في لبنان بشكل خاص.
فأمريكا وأوروبا تضغطان على الدولة اللبنانية لمنع عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم بعد أن تحررت وأصبحت آمنة من عربدة المسلحين وذلك ببذل كل أنواع الضغوط على الدولة اللبنانية لعرقلة عودتهم. وتستعين أمريكا وأوروبا بالأمم المتحدة لعرقلة عودة النازحين ولو بشكل طوعي.
فعلى أمريكا والدول الأوروبية أن يتيقنوا بأن ما فشلوا في تحقيقه عسكريًا طوال أكثر من عقد من الزمن لن يستطيعوا تحقيقه سياسيًا في عشرات العقود.
وإن غدًا لناظره قريب
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد