مبعوث إيطالي في دمشق
استقبلت العاصمة السورية دمشق مبعوثاً إيطالياً ، عقب أيام من المؤتمر الدولي لمكافحة الهجرة غير الشرعية في روما
وتبدو روما منفتحة وبشدة على دمشق، فدعم جوليا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية إلى التحالف بين دمشق وموسكو وطهران علناً وزيارات وفود برلمانية حزبية إلى دمشق منذ عام 2017 وحتى عام 2019 قام بها باولو روماني من حزب يمين الوسط نتج عنها رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى قائم بالأعمال لم تكن عبثاً، روما التي دائماً تتغنى بالشرخ الكبير بينها وبين محركي سياسة الاتحاد الأوروبي (نتحدث عن فرنسا) في كل مناسبة يبدو أنها بدأت اليوم تبحث عن علاقات طيبة مع دمشق ، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات أهمها، هل تخالف إيطاليا الاتحاد الأوروبي في العلاقة مع سوريا؟
ومنذ شهر تقريباً بين منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بورل أن الاتحاد الأوروبي يرفض إقامة علاقات مع سورية ولا إعادة إعمار، ولا حتى عودة للاجئين، تأتي اليوم إيطاليا لتبني جسور التواصل مع سوريا بخلاف ما يشتهي الغرب، ويمكن الخوض هنا في اتجاهين من دلالات المبعوث الإيطالي إلى دمشق والأول : قد تلعب إيطاليا دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر بين سورية والغرب وخصوصاً في موضوع العقوبات بعد سنوات من القطيعة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على سورية، وبذلك يمكن القول أن الغرب أدرك إيجابية وجود علاقات جيدة مع سورية التي تمتلك موقعاً جيو سياسي مهم على الساحة الإقليمية، وقد تتساعد إيطاليا واليونان وهنغاريا على بناء هذه الجسور الإيجابية بين دمشق وبروكسل، وهذا يأخذنا إلى مرحلة مقبلة جيدة على المستوى الاقتصادي والسياسي في سورية بعد أن بات الشعب السوري يعاني من الفقر المدقع في ظل العقوبات التي فرضها الغرب على السوريين لأنهم فقط اختاروا عدم القبول بالإملاءات الأمريكية.
أما الثاني : أدركت إيطاليا أن الهجرة غير الشرعية تضعفها واتجهت نحو التعاون مع دول المتوسط للحد من هذه الهجرة التي كان المسبب الرئيسي فيها هو هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على مقدرات الشعوب في إفريقيا والتي قالت فيها جوليا ميلون رئيسة الحكومة الإيطالية أنه( لولا يورانيوم النيجر لما استطاعت فرنسا أن تضيئ شارع الإليزيه وبرج إيفل) و كذلك محاربة الشعوب في سوريا والعراق واليمن، سبب هذه المحاربة سيدي القارئ هو رفض هذه الشعوب للإملاءات الخارجية التي لاتتناسب مع ثقافة ومصالح الشعوب، وهنا تريد إيطاليا كبح جماح هذه الهجرة في ظل عالم يعاني من تدهور اقتصادي بسبب عدة عوامل أهمها العملية العسكرية الروسية في كييف.
لم تكن هذه الخطوة من إيطاليا من بوابة الصدفة، فقد كانت روما منذ عام 2017 تحاول الانفتاح على دمشق، وكذلك أرسلت مساعدات إنسانية إلى المتضررين من الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا في شباط الماضي، ذلك يعني أنه تم التخطيط مسبقاً إلى إرسال المبعوث ستيفانو رافاغان إلى دمشق، حيث التقى ممثل الصليب الأحمر وزار المشفى الإيطالي في دمشق.
هذا الموقف الذي اتخذته روما بعيداً عن الاتحاد الأوروبي يعكس الهيمنة الأمريكية على الغرب، وأكاد أجزم أنه لو أُتيح للغرب الاستقلالية في اتخاذ القرار لكانوا أتوا إلى دمشق في أول طائرة من مطار هيثرو في لندن، ولكن السياسة الأمريكية تمنع الغرب من اتخاذ قراره وذلك تجلى في إجبارهم على دعم كييف ووضعهم في فم الدب الروسي.
لم تنفع دعوات جوزيف بورل إلى الاستمرار في مقاطعة دمشق ولم تنفع الضغوط الأمريكية على سورية، فكما تصدى الشعب السوري إلى هذه الهجمة الشرسة، تتحدى اليوم روما القرارات الأمريكية، بل إرسالها إلى المبعوث الخاص لدمشق يعني أن جوليا ميلوني ضربت بالقرارات الغربية عرض الحائط.
ربما يستفيق الغرب من سباته الموقوت على ساعة البيت الأبيض، و ينتفض في وجه العنجهية الأمريكية التي تستغلهم في بيع الغاز بخمسة أضعاف سعره عن السعر الروسي، وتصلح دوائر صنع القرار في القارة الأوروبية ما أفسدته السياسة الأمريكية، ولكن هل تسمح واشنطن باستيقاظ الغرب؟؟ أم أن للمصالح رأي آخر؟؟ يتساءل مراقبون؟
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد