رفض جماعي لطروحات الانفصال في السويداء
علاء الحلبي:
في تناقض مع التصوير الإعلامي الذي يقدم صورة مشوشة لوضع محافظة السويداء، حيث لا تزال بعض الاحتجاجات مستمرة للأسبوع الثالث على التوالي، تشير الأوضاع في المحافظة إلى تحسن نسبي أكبر مما يظهر في وسائل الإعلام. تمثل العودة التدريجية للدوائر الحكومية والنشاطات الاقتصادية إلى الوضع الطبيعي، واستمرار التجمعات الاحتجاجية دون أن تعرقل حياة المواطنين وأعمالهم علامات على هذا التحسن.
الاحتجاجات في السويداء بدأت اعتراضًا على الظروف الصعبة التي يواجهها سكان المحافظة، وهذا الأمر يشمل جميع المحافظات السورية الأخرى.
تمت المظاهرات الأولى بسلاسة نسبية وحصلت على تغطية إعلامية واسعة في الأيام الأولى. كما انتشرت تظاهرات صغيرة في بعض مناطق درعا وحققت طموحات بالتوسع إلى محافظات أخرى مثل اللاذقية وحلب. ومع ذلك، بقيت هاتان المحافظتين هادئتين بشكل عام ولم تشهدا أي اضطرابات، بينما لم تؤدي الاحتجاجات القائمة في درعا إلى جذب مزيد من المحتجين، مما حافظ على الوضع الهادئ داخل السويداء.
تعتبر السويداء محافظة سورية ذات خصوصية كبيرة، سواء من حيث موقعها الجغرافي في الجنوب أو تكوين سكانها الأغلبية من الموحدين الدروز. هذا إضافة إلى وجود تمثيل درزي في لبنان والجولان السوري المحتل، حيث يواصل أبناء هذه المجتمعات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. تجعل هذه العوامل الحالة الأمنية في المحافظة جزءًا من القضايا السورية المستمرة.
على مر السنوات، خلال فترة الحرب التي بدأت في عام 2011، تعرضت السويداء لمحاولات إسرائيلية عدة لاختراقها وزرع التفرقة فيها، على الرغم من وجود انقسام سياسي داخل المحافظة بين مؤيدين ومعارضين للحكومة. على العكس من التصاوير الإعلامية التي تحاول بعض وسائل الإعلام المعارضة رسمها، فإن سكان السويداء يظلون ملتزمين بمراجعهم الدينية، وهذا الالتزام يلعب دورًا مهمًا في ضبط الأوضاع ومنع التداول بالمشاعر الدينية في الاحتجاجات.
رغم محاولات بعض التيارات السياسية المعارضة والدول الأجنبية استغلال احتجاجات السويداء لزيادة الضغط السياسي على سوريا، فإن هذه المحاولات تواجه رفضًا من قبل سكان المحافظة ووجهائها. يظهرون تمسكًا بمراجعهم الدينية ويركزون على مطالبهم المحددة مثل إقالة الحكومة وتحسين الأوضاع المعيشية، دون السماح بأي تداول بالأمور الدينية أو التجريح في المراجع الدينية. هذا الوضع تجلى أيضًا في بيانات صادرة عن بعض وجهاء الجولان السوري المحتل.
في النهاية، يمكن القول أن احتجاجات السويداء، التي تراجعت في بعض الأمور في الأسبوع الماضي، تسعى حاليًا إلى استعادة زخمها السابق وفي الوقت نفسه الالتزام بتوجيهات المشيخة ووجهاء المحافظة للحفاظ على الاستقرار ومنع أي انحراف كبير يؤثر على الوضع الاجتماعي.
يمكن القول إن السويداء تعيش حالياً وضعًا هادئًا يمنع تعطيل حياة سكانها، بينما تواصل الاحتجاجات بشكل محدود ومتفاوت. تبقى الأمور في تطور مستمر، وقد يشهد المستقبل المزيد من التطورات بناءً على استجابة الحكومة لمطالب المحتجين وتفاعل السكان مع الأوضاع السائدة في المحافظة.
الاخبار
إضافة تعليق جديد