عودة سورية إلى لبنان.. هكذا ستكون!
الكلامُ الإيجابيّ الذي أطلقه الرئيس الأسد باتجاه لبنان قبل أيام ليس عادياً أبداً، فالرسائل التي تأتي في سياقه مهمة جداً ويمكن أن تصبّ في خانة العديد من الأطراف المناوئة لدمشق.
في مضمون كلام الأسد أمام وفد حزب “البعث العربي الاشتراكي” 5 نقاطٍ أساسيّة وهي :
- لا إلغاء لأحد في لبنان
–التعاطي والانفتاح على كافة المكونات اللبنانية من دون تميز لاسيما من له تمثيل شعبي في مجلس النواب
–سورية لا تقف ضدّ أحد في لبنان
–من وقع في الخطأ وتراجع عنه فلا مشكلة معه
–سورية قلبها كبير وتتسع للجميع.
ماذا يعني كلّ ذلك؟
ما يقوله الأسد يعني أنّ دمشق مستعدة لفتح أبوابها أمام أي طرفٍ سياسي لبنانيّ كان ضدها خلال الفترة السابقة.
المسألةُ هذه ليست صعبة وحصلت في أوقاتٍ سابقة، وأبرزُ من قام بخطوات تجاه سورية رغم “الخصومة”معها هما الرئيس السّابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
أيضاً، كان رئيس الجمهورية السابق ميشال عون أول المبادرين تجاه سورية قبل أكثر من 10 سنوات، وذلك رغم المواجهة المباشرة التي خاضها ضدّها في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وقبيل اتفاق الطائف عام 1989.
المُفارقة الأبرز هنا هي أنّ الأسد يظهر وكأنهُ يُبدي استعداداً لاستقبال أي جهة سياسية لبنانية “قامت بعملية نقدٍ بناء لمسارها السياسي”، على حدّ تعبيره.
هنا، قد يكون أول المستفيدين من هذا “العرض”هو جنبلاط الأب الذي باستطاعته الاستفادة من تموضعه السياسي “الوسطي” حالياً لفتحِ خطوط تواصل جديدة مع سورية عبر بوابة نجله تيمور.
واقعياً، ما الذي يمنع ذلك طالما أنّ جنبلاط على تنسيقٍ مع حليف سورية الأول في لبنان، أي “حزب الله”؟ ما الذي يجعل جنبلاط بعيداً عن دمشق طالما أنّ كل الطرق باتت توصل إليها سعودياً وعربياً؟
أن يقول الأسد إنّ سورية لا تقف ضدّ أحد في لبنان وإنها ضدّ إلغاء أي طرف، فإنّ ذلك يعني أن أغلب الأطراف مقبولة بالنسبة لدمشق.
ولكن، أين تكمن الرسالة الأعمق في ظل هذا الظرف؟ ماذا يقصد الأسد من كلامه وسط حرب غزة وأحداث جنوب لبنان التي قد تُغير خارطة المنطقة؟ ما هي دلالة إطلاق الأسد هذا الموقف ومعركة رئاسة الجمهورية في لبنان على أشدّها؟
إلى جانب جنبلاط، أول من يمكن الاستفادة من مواقف الأسد هو رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل الذي كان يطمحُ لزيارة سورية أواخر العام الماضي لكنه لم يتمكّن من ذلك حتى الآن.
بالنسبة لرئيس “التيار”، فإنّ التنسيق مع سورية الآن بات أسهل طالما أن الأسد فتح الأبواب العريضة أمام ذلك، وقد يكون الظرف مناسباً لباسيل لتقديم أوراق اعتماد سياسية لدى دمشق قد تساهم في التمهيد نحو مكاسب أكبر له في لبنان.
المسألة أيضاً لا تقف عند هذا الحد.. فتأكيد سورية انفتاحها على أيّ طرف يعني أنه قد تعودُ إلى لبنان من بوابة التنسيق، ومن بوابة تثبيت نفسها مُجدداً كمؤثر وكـ “قِبلة” للسياسيين الراغبين بالتعامل معها بغض النظر عن مسيرة الخصومة.
الأمرُ هذا يعني أن الأسد يتحدث من موقعٍ قوي، وما حظيَ به من دعمٍ عربيّ خلال الفترات القليلة الماضية، جعلهُ يعطي لبنان مساحةً أيضاً من الاهتمام بعدما كان هناك ابتعادٌ واضح.
في الواقع، إن كان الأسدُ يطمحُ لأن تكون العلاقات مع لبنان جيدة، فأول ما يمكن فعله، بحسب مصادر سياسية، هو الضغط باتجاه طرح ملف النازحين على الطاولة.
الدورُ هنا يبدأ من جهة حزب الله وحلفائه قبل أيّ شيء، علماً أن الحزب قد يكونُ الراعي الأول لأي علاقة بين سورية وأي طرفٍ آخر في لبنان، لأنه سيكون السبيل الأول للتلاقي مع دمشق.
في خلاصة القول، يمكن أن يكون لبنان في صُلب الاهتمام السوري خلال المرحلة الآتية، وقد تساهم الظروف الإقليمية الحالية رغم التوترات، في تقوية سورية أكثر وجعلها أمام ترتيبات مرتبطة بتحالفات جديدة داخل لبنان..
والسؤال الأبرز : من سيكون الزائر اللبناني الجديد إلى سورية؟ من سيسبق الآخر إلى دمشق؟ فلننتظر ونُراقب!!!.
لبنان 24
إضافة تعليق جديد