هل يكون التأميم خيار الحكومة الأخير لمواجهة حيتان الحرب؟
د. عدنان صلاح اسماعيل:
شكلت ظاهرة التأميم أهمية بالغة لدى الكثير من الدول النامية لاسيما تلك التي خضعت للاستعمار حيث إن ظاهرة التأميم جاءت كرد فعل من هذه الدول قصد التخلص من التبعية الاقتصادية وتجسيد فكرة التحرر والاستقلال السياسي والاقتصادي. كما أن ظاهرة التأميم كفكرة جاءت لتناهض الرأسمالية القائمة على الملكية الفردية المطلقة والانتقال المنشود من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة.
ومن ثم أصبح اللجوء إلى التأميم ظاهرة شائعة في كل الدول رغم اختلاف نظمها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومستندا إلى العديد من الأسس أهمها حرية الدولة في اختيار نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبالتالي حريتها في السماح بوجود أو عدم وجود أموال مملوكة للأجانب فوق إقليمها ومبدأ السيادة الدائمة لكل دولة على مواردها الطبيعية وحريتها في التصرف فيها.
اليوم المشهد الجديد الذي افرزته الحرب في سورية:
اختفاء الطبقة الوسطى بشكل شبه تام وانتقالها إلى مصاف الطبقات الفقيرة.
الطبقات الفقيرة سابقا ازداد فقرها بشكل كبير لتصل إلى أرقام قياسية غير مسبوقة من حيث الدخل ومستوى المعيشة.
نسبة كبيرة من الطبقات الثرية قبل الحرب انتقلت إلى حواف الطبقة الوسطى.
ظهرت طبقة من أثرياء جدد يتميز ثراؤها بأرقام فلكية وتتميز بعادات استهلاكية مشوهة ومستفزة لبقية طبقات المجتمع.
في كل أزمة أو كارثة أو حرب، أو غيرها من النكبات، يظهر إلى السطح عدة أنواع من التجار، الذين يحاولون الحصول على أكبر كم من المكاسب، غير مبالين بالحالة الإنسانية العامة لمن حولهم، أو للمنكوبين فعلاً. أول هؤلاء التجار، الذين يلبسون ثياب المدافعين عن المنكوبين، ويتحدثون باسمهم، رغم أنهم في غالب الأحيان لا يمثلوهم، وليسوا مطلعين بشكل كافٍ على أزمتهم الحقيقية، أو ما يحتاجونه، أو أصل القضية، أو تفاصيلها. يحاولون تسلق الموجة، والحصول على أكبر مكاسب، سواء شهرة، أو وجاهة، أو حتى نسبة من أنواع الدعم النوع الآخر، هم المتصيدون في الماء العكر، والذين يلبسون ثياب الوسطاء، أو مفاتيح الحل، ويدّعون امتلاكهم للحلول، ولكنهم ليسوا سوى طبول فارغة، لا يملكون أي مقومات الحل والعقد.
المشكلة المتعلقة بهم، هو أنهم في غالب الأحيان يزيدون الحطب في النار، ويدفعون بالمزيد من الوقود لإشعال المشتعل، ويتسببون بكوارث أكبر.
النوع الثالث هم تجار الحروب، الذين يستفيدون ويعتاشون من هذه الحروب، ويتمنون استمرارها، فهم كالكائنات المجهرية التي تتغذى على جثث الموتى، وتنمو في هذه البيئات، وعدم وجود الجثث يعني فناءهم.
تجار الحروب، يقومون بعدة ممارسات لضمان بقاء الحرب، واستفادتهم منها، وهم إما وجهاء أو سياسيون أو أحزاب أو حتى إعلاميون ووسطاء سلاح وغيرهم.
اليوم تمر سورية بأصعب الاوقات وتعد مواجهة تلك الطبقة الطفيلية من اهم استحقاقات تلك المرحلة !!!!!
الحكومة جربت عبر الضرائب وعبر الجمارك وعبر حتى الطرق الاستثنائية ضمن الطوارئ ولكن بلا جدوى؟بل وكانت النتائج عكسية حيث اضرت بالطبقات الصناعية والتجارية والحرفية الوطنية التي ساهمت جنبا الى جنب مع القطاع العام في بناء الاقتصاد الوطني.
اليوم تلك الطبقات الطفيلية لا يمكن لها ان تنهض بالاقتصاد الوطني بل لايمكن لها ان تعمل في ظروف طبيعية وبالتالي تحتاج الى استمرار الازمة حماية لمصالح ضيقة وقد اشار لهم سيد الوطن في اكثر من مناسبة وعلى الجهات المعنية ان تتلقف الاشارة بحيث يتم حصر تلك الطفيليات ونحن لا نقول ذبحهم بالمعنى الاقتصادي ولكن إما ان تتحول اموالهم الى مشاريع تنموية حقيقية تخدم الاقتصاد الوطني ضمن ظروف عمل مثالية او تطبيق قوانين التأميم عليهم كون الاموال تم جنيها بطرق ملتوية اعتمادا على حاجة الحكومة لتلبية حاجات المواطنين من السلع والخدمات في ظل ظروف الحرب والحصار والحكومة والشعب السوري احق بتلك الاموال من المنتجعات والبنوك الغربية وهنا نكرر نحن لا نقصد الرأسمالية الوطنية التاريخية انما تجار الحروب.
المشهد
إضافة تعليق جديد